لماذا الخشية من خدمات بلاك بيري؟

المعلومات تتعرض لعمليات نسخ كاملة من قبل الشركة

TT

هي ليست المرة الأولى التي تصطدم فيها شركة «ريسيرش إن موشن» (آر آي إم) المصنعة لأجهزة «بلاك بيري» مع الدول التي يشيع فيها استخدام هذا الجهاز الشهير، بسبب آلية استخدام بعض الخدمات في الجهاز، والتي تمكن المستخدمين من تداول المعلومات دون المرور عبر خوادم شركات الاتصال المحلية وتحديدا خدمة الرسائل الفورية Instant Messaging.

ومع كل المحاولات الحثيثة من قبل حكومات عدة مع الشركة المصنعة لبلاك بيري، وهي شركة «ريم» الكندية، بأن تتيح وجود خادم لهذه البيانات في الدول نفسها، إلا أن الشركة الكندية دائما ما تتحفظ على نشر خوادم خارج مقرها الرئيسي في كندا، معيدة ذلك إلى جودة الخدمة التي تقدمها، ما يصعب خدمات الصيانة في حال حدوث خلل في الأجهزة.

ووفقا لتقارير فإن الخلاف بين الشركة وكثير من الدول بدأ بعد تفجيرات الهند عام 2008 إذ تبين استخدام أفراد الشبكة المنفذة لتلك التفجيرات خدمات «بلاك بيري» في تواصلهم لتنفيذها، وهو الأمر الذي دفع مسؤولين في الحكومة الهندية إلى الطلب من الشركة الكندية فك تشفير الرسائل المتداولة، وهو ما رفضته الشركة بزعم أنها لا تسمح لأي طرف بالاطلاع على طريقة تشفير بياناتها، التي توصف بأنها من أقوى أساليب التشفير الحالية.

وعلى الرغم من أن الإمارات العربية المتحدة هي أول من علق خدمات «البريد الإلكتروني، وتصفح الإنترنت، والشبكات الإلكترونية الاجتماعية، وخدمة المراسلة الفورية فإن شركة (بلاك بيري) تعرضت لضغوط من الولايات المتحدة الأميركية لتزويد الأخيرة بالمعلومات التي يتم تداولها، لكن الشركة رضخت في تلك الحالة خوفا من خسائر فادحة تلحق بها في السوق الأميركية الهائلة الاتساع».

ويستند القرار الذي صدر أمس في الإمارات إلى كون بعض خدمات «بلاك بيري» نتيجة طبيعتها الحالية تتيح السبيل أمام بعض الأفراد لارتكاب تجاوزات بعيدا عن أي مساءلة قانونية مما يترتب عليه عواقب خطيرة على الأمن الاجتماعي والقضائي والأمن الوطني وهو تبرير للهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في الإمارات.

ويلخص خبير متخصص في مجال المعلومات لـ«الشرق الأوسط» القضية كالآتي: هو أن ميزة الرسائل الفورية ((Instant Messaging بين مستخدمي البلاك بيري التي يتم تداولها دون الحاجة لخدمات شركات الاتصال المحلية تتعرض لعمليات نسخ كاملة من قبل خادم البلاك بيري الرئيسي في كندا، دون أن تتمكن شركات الاتصال المحلية من الوصول إلى هذه المعلومات وهو ما يثير استياء الحكومة التي طلبت إمكانية النفاذ إلى هذه المعلومات التي تعتبرها تخص أمنها القومي لكن «بلاك بيري» وفقا للمصدر تساوم على ذلك الأمر الذي حدا بالإمارات لإيقاف هذه الخدمات.

ولكن الحادثة ذاتها وفقا لمصدرنا، الذي طلب عدم ذكر اسمه، تكررت في الولايات المتحدة الأميركية ولكن في تلك الحالة، رضخت الشركة الكندية المصنعة للبلاك بيري لطلب الولايات المتحدة الأميركية الاطلاع على المعلومات المتداولة عبر البلاك بيري والسبب أن الولايات المتحدة سوق هائلة الضخامة ومعنى إيقاف خدمات الجهاز حدوث خسائر فادحة للشركة، لكن الخبير يرى أن موقفا موحدا من قبل دول الخليج حيال الموضوع قد يدفع شركة «بلاك بيري» للعدول عن سياستها.

وعملت كل من بريطانيا والولايات المتحدة على سن تشريعات تساعد على تطبيق القانون وتتيح للدولة اعتراض شركات الاتصالات لمساعدة الدولة على الوصول إلى خدماتها.. وتستطيع الهيئة التنظيمية المعنية في كل من هاتين الدولتين ممارسة صلاحيات تشريعية لحماية المصلحة العامة.. كما أن لها أيضا حقوقا تعاقدية إضافية بموجب شروط الترخيص الذي تصدره لمشغلي الشبكات المخولين.

ولعل القرار الجديد يطرح عدة أسئلة أهمها ما الذي سيفعله مستخدمو البلاك بيري من غير المقيمين ممن يقصدون الإمارات للعمل أو السياحة على اعتبار أنها مركز مالي وسياحي عالمي، وما الذي قصدته شركتا الاتصالات في الإمارات بالحديث عن بدائل وهل يمكن تأمين ذلك تقنيا، وهنا يقول مهندس متخصص في خدمات البلاك بيري «إن البدائل لا تزال غير واضحة لكن الشركات تحاول أن تجد هذه البدائل بالسرعة القصوى خاصة أن الخدمة موجودة منذ عدة سنوات والإلغاء سيكون له أثره.. أتوقع الوصول إلى نتائج خلال الأسبوع».

وفي الحديث عن البدائل ترى مصادر «أن في أسوأ الحالات سوف يتم اللجوء إلى أجهزة أخرى مثل الآي فون التي تقدم خدمات مماثلة، ولكن ما يختلف هو قيمة مجموعة الخدمات التي يمكن أن تكون أغلى من خدمات البلاك بيري.. أعتقد أن عملية التعليق تتعلق بالأمن القومي بالدرجة الأولى والأمر واضح».