قراءة فرنسية متشائمة للوضع اللبناني

مصادر فرنسية: أربعة أسباب رئيسية تدفعنا للحذر

TT

تبدو صورة الوضع اللبناني من باريس «مقلقة» و«معقدة» ومفتوحة على سيناريوهات كثيرة، ترى مصادر في العاصمة الفرنسية أن «أقلها» خطورة وقوع «أزمة سياسية» تبدأ بانسحاب وزراء حزب لله ومعهم وزراء حركة أمل والعماد ميشال عون من الحكومة، ما يعني شلل الدولة ووقف عمل الإدارة واتهامات للحكومة بأنها «غير شرعية وغير ميثاقية»، وعودة إلى النغمات المعروفة التي ازدهرت إبان الأزمة السياسية السابقة.

ورغم ترحيب باريس بالزيارة المشتركة التي قام بها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد إلى بيروت، واعتبارها «بوليصة تأمين» للمستقبل لكونها تعكس الرعاية العربية للوضع اللبناني، فإن أوساطا رسمية واسعة الاطلاع قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها «لا تعتقد» أن ذلك سيكون كافيا للمستقبل.

وتبدو باريس على الخط نفسه الذي تلتزم به مصر، وهو «التعبير عن القلق» من المسار الذي تسلكه الأمور في لبنان. وترى القاهرة وباريس أن أربعة أسباب على الأقل تدفع الجانبين لالتزام جانب الحذر، أولها غياب العنصر الإيراني من المعادلة التي أرستها الزيارة. والحال أن باريس والقاهرة لا تريان أن دمشق قادرة على «التحكم» في ردود فعل حزب الله في موضوع المحكمة الدولية، واحتمال أن توجه مطالعة المدعي العام دانيال بلمار أصابع الاتهام نحو «عناصر» من حزب الله، فضلا عن أن دمشق تتبنى طرح ومطالب الحزب المذكور الذي يطالب بإلغاء الملف الاتهامي.

ويتمثل العنصر الثاني، وفق المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، في ما فهمته دمشق من أنه «توكيل» لها لإدارة الوضع اللبناني، ما يعني عمليا أنها عادت لتتحكم في مفاصله الكبيرة والصغيرة.

غير أن هذه المعادلة - وهنا العنصر الثالث - تفترض إمكانية تأثير دول إقليمية أو دولية على المحكمة الدولية. وترى باريس أن في الاعتقاد بالقدرة على التأثير على المحكمة وعلى قراراتها اعترافا بالتسييس، وهو ما ترفضه فرنسا التي تشدد على أن المحكمة «خرجت» من دائرة التأثير وهي تمارس مهامها باستقلالية وصدقية.

أما العنصر الرابع، وفق المصادر الفرنسية، فإنه يقوم على نظرة «ملتبسة» للدور السوري في لبنان. ومن الناحية «الرسمية»، تقول فرنسا إن سورية تقوم بدور «إيجابي» في لبنان منذ أن غيرت باريس سياستها وقرر الرئيس ساركوزي الانفتاح عليها ومساعدتها على العودة إلى المسرح الدولي مقابل مساعدتها على «تطبيع» الوضع اللبناني، ما تمثل في ملء الشواغر الدستورية ووضع حد للأزمة السياسية. لكن باريس تأخذ عليها «تغليبها فريقا على فريق» في لبنان، ما ظهر منذ تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري والتراجعات التي اضطرت إليها تحت وطأة ضغوط أصدقاء دمشق في بيروت وفي امتناعها عن تطبيق ما يطالب به القرار 1701 لجهة وقف تهريب السلاح عبر الحدود مع لبنان.