مئات القتلى في فيضانات اجتاحت باكستان وأفغانستان والصين

إصابات بالكوليرا والإغاثة تكافح للوصول إلى المناطق المعزولة

باكستانيون فوق حافلة في شارع فاض بمياه السيول في مدينة خيبر بباكستان أمس (إ. ب.أ)
TT

لقي أكثر من ألف شخص مصرعهم في أسوأ فيضانات تضرب باكستان، حسبما أعلن مسؤولون، أمس, جراء سيول اجتاحت شمال غربي باكستان، وسببتها الأمطار الغزيرة التي استمرت لمدة أسبوع، بينما حاول عمال الإنقاذ جاهدين الوصول إلى المناطق المغمورة بالمياه، وتوزيع معونات الإغاثة على الآلاف المحاصرين هناك.

وهذا الأسبوع أدت رياح غربية، هبت من إيران وأفغانستان، تزامنت مع الأمطار الغزيرة، إلى أسوأ موجات السيول التي سجلتها باكستان، وكان إقليم خيبر بختونخوا، الإقليم الحدودي الشمالي الغربي، الأكثر تضررا. وقال مسؤولون إنه حتى الآن قتل أكثر من ألف شخص في السيول، لكن العدد قد يكون أعلى. وفي أفغانستان قتل عشرات الأشخاص واحتاج آلاف للإنقاذ من السيول والفيضانات في الشمال الشرقي.

وقال المتحدث باسم الجيش، الميجور جنرال أطهر عباس، للصحافيين في وقت متأخر، أول من أمس: «مستوى الدمار منتشر على نطاق واسع وكبير للغاية، ومن المحتمل حدوث أضرار في مناطق كثيرة. هناك وفيات ربما لم يتم الإبلاغ عنها».

وأنقذ أكثر من 30 ألفا من أفراد الجيش الباكستاني 19 ألف شخص من المناطق التي تقطعت بهم السبل فيها، لكن مسؤولين اعترفوا بأن البعض ربما ما زالوا محاصرين وفي انتظار المساعدة بالمناطق النائية، ومن بينها كوهستان ونوشيرا ودير بوادي سوات. وقال عباس: «فعليا لم يتبق جسر في سوات. جميع الجسور الكبرى والصغرى انتهت.. دمرت تماما»، في إشارة إلى الوادي السياحي الشهير الذي ابتلي بالسيول. وذكرت وكالات إغاثة أن أكثر من 500 ألف شخص تأثروا بالسيول والانهيارات الأرضية في الشمال الغربي، مشيرة إلى أن النساء والأطفال هم الأكثر عرضة للخطر. وقال شهريار بغش، مدير برامج باكستان، بمؤسسة «وورلد فيجين» للإغاثة: «هناك الآن خطر حقيقي، وهو انتشار الأمراض التي تنتقل عن طريق المياه، مثل الإسهال والربو وحساسية الجلد، وربما الكوليرا في هذه المناطق». وقالت السفارة الأميركية في إسلام آباد إنها توفر مساعدات فورية، من بينها وحدتان للترشيح، وأكثر من 50 ألف وجبة للمناطق المتضررة. كما قامت طائرات هليكوبتر، أول من أمس، بالمعاونة في إنقاذ 400 شخص تقطعت بهم السبل في مناطق السيول. وتحاول فرق الإنقاذ الوصول إلى آلاف المنكوبين المحاصرين بسيول لا سابق لها، أسفرت عن سقوط أكثر من 900 قتيل في شمال غربي باكستان، حيث أعلنت السلطات عن ظهور أول إصابات بالكوليرا. وقال فاروق نياز، مسؤول مركز إدارة الكوارث لوكالة الصحافة الفرنسية: «إن 47 شخصا لقوا حتفهم، وأصيب 36 بجروح، بسبب الفيضانات في قطاعات عدة من مظفر آباد منذ الأسبوع الماضي».

ونقلت نحو 849 عائلة من هذه المنطقة، إثر فيضانات استثنائية تسببت فيها الأمطار الموسمية. وأشارت الأمم المتحدة إلى نحو مليون منكوب، كما أن مناطق كثيرة مقطوعة عن العالم. والولاية الأكثر تأثرا هي ولاية خيبر بختونخوا (ولاية الحدود الشمالية الغربية سابقا)، المتاخمة للمناطق القبلية على طول الحدود الأفغانية، التي تعد بيشاور عاصمتها. وأكد وزير الإعلام في هذه الولاية، ميان افتخار حسين، «أن فرق الإنقاذ عثرت على 62 جثة جديدة في مدن بيشاور، وشرسادا، ونوشيرا، منذ مساء السبت، مما يرفع الحصيلة إلى نحو 862 قتيلا». ودمرت آلاف المساكن أيضا في ولاية كشمير الباكستانية. واعتبر ميان افتخار حسين «أنها أسوأ فيضانات في ولاية خيبر بختونخوا وفي تاريخ البلاد». وأضاف: «نتلقى أيضا معلومات مؤكدة تشير إلى ظهور أول إصابات بالكوليرا في بعض القطاعات، في وادي سوات». وقال مانويل بيلر من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة: «لم نكوِّن بعد صورة شاملة للوضع بسبب انقطاع الاتصالات. وما زلنا نلقى صعوبة في الاتصال بمكاتبنا في أقاليم نوشيرا وسوات وشرسادا». وأكد المصدر نفسه أن بيشاور، كبرى مدن شمال غربي باكستان (ثلاثة ملايين نسمة)، مقطوعة عن العالم الخارجي، وقد غمرت المياه وسائل الاتصال. وتحدثت أجهزة الأرصاد الجوية الباكستانية عن فيضانات «غير مسبوقة» مع هطول 312 ملليمترا من المياه في 36 ساعة في الشمال الغربي. وفي مواجهة هذا الوضع الطارئ أعلنت المفوضية الأوروبية (السبت) رصد 30 مليون يورو كمساعدات إنسانية لباكستان. وأظهرت تحقيقات بثت على التلفزيون، وصور التقطت من المروحيات، أشخاصا يتسلقون جدرانا أو أسطح منازل، بينما كانت السيول تغرق القرى. كذلك هطلت أمطار غزيرة على شمال شرقي الصين، حيث تواجه السلطات أسوأ فيضانات منذ عقد. وأشارت الصحف الرسمية، أمس، إلى حصيلة قاربت الـ40 قتيلا، في حين تم إجلاء أكثر من 364 ألف شخص بسبب غزارة الأمطار في إقليم جيلين (شمال شرق). وتسببت الفيضانات في سقوط أكثر من 300 قتيل و300 مفقود منذ 14 يوليو (تموز) في الصين بحسب آخر حصيلة رسمية.

وانتقد عشرات الآلاف من ضحايا الفيضانات في باكستان، أمس (الأحد) قصور جهود الإغاثة، في الوقت الذي سعت فيه الوكالات الحكومية جاهدة للوصول إلى المناطق المعزولة.