تحديات بيئية صعبة تواجه نفق الهيمالايا

الهند تحفر أسفل أعلى قمة في العالم لتنافس الصين

العمل على قدم وساق في مدخل نفق الهيمالايا («نيويورك تايمز»)
TT

يعني اسم هذا الطريق، الذي يترك في النفس شعورا بالرهبة والخوف وهو من أعلى الطرق في العالم، «كوم جثث» في اللغة التبتية. وفي كل عام يموت عشرات من الأفراد خلال محاولة عبور هذه القمم الشائكة بالهيمالايا.

وتحيط الثلوج لمدة ستة أشهر بهذا الطريق، ليكون تحت رحمة قوى الطبيعة عشرات الآلاف من الجنود الهنود الموجودين في هذه المنطقة النائية والمهمة استراتيجيا على امتداد حدود الهند الطويلة والمتنازع عليها مع الصين.

وفي الأعوام العشرة الماضية، بينما كانت الصين تنشئ بنيتها العسكرية والمدنية بقوة على جانبها من الحدود، وقف طريق روتانغ دليلا على عجز الهند وعدم استعدادها للسيادة على مراكزها الهامة الوعرة البعيدة.

ولكن في الوقت الحالي تسابق الهند الزمن كي تكافئ نفوذ منافستها عالميا وإقليميا، ولذا تقوم ببناء وتعزيز مهابط طائرات ومراكز للجيش وتدعم طرقا مهملة، وفي النهاية وبعد عقود من اقتراح ذلك لأول مرة، تنشئ نفقا لتجنب طريق روتانغ المميت.

وفي يونيو (حزيران) بدأ العمل في المشروع الطموح، الذي سيستغرق خمسة أعوام ويتطلب حفر خمسة أميال خلال سلسلة بير بانجال. ويجري العمل على الكثير من الأنفاق الأخرى، التي ستمكن من الوصول إلى لاداك في جميع الظروف الجوية، علما بأن لاداك متاخمة للهضبة التبتية.

وقال براهاما تشالاني، وهو محلل يرصد العلاقات بين الهند والصين في مركز أبحاث السياسات داخل نيودلهي عبر البريد الإلكتروني: «ما تسعى الهند إلى القيام به بعد تأخر هو تحسين دفاعاتها من خلال تحديث التخطيط والتنظيم. فمن خلال بناء خطوط سكك حديدية ومطارات وطرق سريعة في التبت، تكون الصين في وضع يمكنها من نقل قوات إضافية سريعا إلى الحدود». وأضاف أنه نتيجة لذلك: «لا تزال الحدود الهندية الصينية غير مستقرة بدرجة أكبر من الحدود بين الهند وباكستان».

ومن الصعب النظر إلى الصين والهند على أنهما أعداء، ولكن توجد مشكلات حول أجزاء كثيرة من الحدود المشتركة التي تمتد على 2521 ميلا، أو جرى تخطيطها بصورة غير جيدة. ودخلت الدولتان في حرب قصيرة ولكنها كانت دامية عام 1962، وعلى الرغم من أنه في الوقت الحالي يوجد بينهما ظاهريا علاقة ودودة في الأغلب، فثمة توتر بسبب الخلافات الحدودية ومستقبل التبت وزعيمها دالاي لاما الذي يعيش في المنفى داخل الهند.

وثمة شكوك داخل الهند من اندفاع الصين تجاه تطوير بنيتها التحتية على جانبها من الحدود، من بينها خط سكك حديدية يناسب جميع الظروف المناخية إلى التبت يتضمن أعلى نفق في العالم على ارتفاع 16000 قدم.

وتقول راجيسواري راجاغوبالان، وهي خبيرة في الشؤون الهندية الصينية لدى مؤسسة أبحاث «أوبزرفر» في نيودلهي، إنه على مدار تاريخها الطويل تنظر الهند إلى الهيمالايا على أنها نوع من الحماية وليست عقبة يجب التغلب عليها.

وتضيف راجاغوبالان: «لقد كان الجانب الهندي بطيئا جدا في تطوير المناطق الحدودية. وكانوا يحسبون أنه حال تحسين البنية التحتية فإن ذلك يسمح للصينيين بالمشي إلى داخل المنطقة. وقد كان ذلك اعتقادا ساذجا وأحمق».

ويقود طريق ملتوٍ يمتد إلى 300 ميل من مدينة مانالي، عبر وادي كولو المخضر، إلى لاداك، وهي عبارة عن منطقة صحراوية متاخمة لهضبة التبت. ويوجد عشرات الآلاف من قوات الجيش الهندي بين القمم الوعرة، وتقع المنطقة على حدود الكثير من المناطق التي بها مشكلات محتملة، من بينها منطقة اكساي تشين، وهي منطقة تزعم الهند أنها جزء من أراضيها ولكن تديرها الصين. ويقع في الشمال من لاداك نهر سياتشن الجليدي، وهو نهر جليدي تتقاتل عليه الهند وباكستان من حين إلى آخر منذ الثمانيات. وتحتفظ كلتا الدولتين بمواقع على الجليد، الذي يقبع على ارتفاع 20000 قدم.

وخلال فصل الصيف تسير عشرات الآلاف من الشاحنات المحملة بإمدادات تستمر حتى فصول الشتاء القارسة داخل الجبال، عبر طريقين يؤديان إلى لاداك من مانالي وسريناغار، العاصمة الصيفية لكشمير الهندية. ويُغلق الطريق من لاداك إلى سريناغار في الشتاء، وبسبب قربه من خط السيطرة الذي يقسم كشمير بين الهند وباكستان، يخشى مسؤولون هنود من أن الطريق يمكن قطعه بسهولة مثلما حدث عام 1999 عندما وقعت مناوشات بين الدولتين في كارجيل.

ويقول غوراميت كانوال، وهو براجيدير متقاعد يدير «مركز دراسات أرض الحرب»، وهي مؤسسة بحثية في نيودلهي، إن الهند لا يمكنها تحمل فصلها عن مناطق الهامة الأكثر عرضة للمخاطر لنصف العام.

ويقول البراجيدير كانوال: «ما دامت هذه النزاعات على الأراضي باقية، فلا يمكن أن نستبعد نزاعا حدوديا آخر. ونود أن نتأكد أنه يمكننا تعبئة قواتنا بالكميات المناسبة داخل الأماكن المناسبة».

ويقول بي كيه ماهاجان، المهندس الرئيسي في المشروع الذي يتكلف 320 مليون دولار، إن النفق بقي على لوحة الرسم منذ عشرات الأعوام. وقد شارك ماهاجان في المشروع لأول مرة عام 1988، عندما ساعد على إعداد دراسة جدوى بعد مرور خمسة أعوام على اقتراح أنديرا غاندي، التي كانت حينها رئيسة الوزراء، المشروع لأول مرة. ويقول: «لم ترَ هذه المشاريع النور سوى في الوقت الحالي».

وتوجد تحديات صعبة متنوعة أمام بناء نفق طويل في البيئة الوعرة داخل بير بانجال، حيث تعد الهيمالايا أحدث سلسلة جبلية في العالم، وتشهد تحولات وتوسعات وتقلصات.

ويجعل ذلك الحياة صعبة لأفراد مثل توماس ريدل، وهو متعهد ألماني يعمل في الطرف الشمالي من النفق. ولكن لا يعرف أحد على وجه اليقين نوع الصخور التي سيجدها في الجبل، سيتم بناء النفق باستخدام التفجير والحفر بدلا من استخدام آلات حفر النفق التي أحدثت ثورة في بناء الأنفاق خلال الأعوام الأخيرة. ويقول ريدل: «لا يمكن لأحد أن ينظر داخل الجبل، وهذا ما يجعلنا نواجه مشكلات».

وبعد مرور أسابيع على بدء عملية الحفر التي ستستغرق خمسة أعوام على الأقل، واجه العمال أول عقبة غير متوقعة، الثلوج، في يونيو (حزيران).

وسيكون النفق أسفل أكثر من ميل من الصخور التي تغطيها الثلوج، وسيمثل التنفس مشكلة كبيرة، ولكن يقول الناس الذين يعيشون على الجانب الآخر من طريق روتانغ إن النفق سوف يغير من نمط حياتهم. ويقول تشيتان ديفي، وهو مدرس يعيش في مدينة وراء الطريق: «نبقى سجناء لمدة ستة أشهر، حيث توجد مخاطرة بالحياة عند الذهاب إلى مانالي في الشتاء».

* خدمة «نيويورك تايمز»