صواريخ مجهولة تسقط على إيلات والعقبة وتقتل أردنيا وتصيب 5 قبالة الـ«إنتركونتيننتال»

مصادر ومسؤولون مصريون يستبعدون إطلاق الصواريخ الخمسة من سيناء * الهجوم جاء خلال وجود مدربين أميركيين

سيارة تضررت من صاروخ غراد الذي سقط أمس على ميناء العقبة الأردني وأدى إلى إصابة أربعة مواطنين بجراح (أ.ف.ب)
TT

قُتل أردني وأصيب خمسة آخرون في انفجار صاروخ سقط قبالة فندق الـ«إنتركونتيننتال» في مدينة العقبة على البحر الأحمر (جنوب)، صباح أمس (الاثنين)، بينما لم يوجه الأردن أي اتهام لأي جهة ريثما يستكمل التحقيق.

وكانت خمسة صواريخ، على الأقل، مجهولة المصدر، سقطت، أمس، على ميناء إيلات الإسرائيلي وميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر، بينما رجحت مصادر إسرائيلية أن يكون مصدر الصواريخ من سيناء المصرية، التي نشط فيها من قبل إسلاميون متشددون, ونفت السلطات المصرية أن تكون الصواريخ أطلقت من أراضيها.

وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أن عددا مما يشتبه في أنه صواريخ سقط أمس على ميناء إيلات الإسرائيلي وميناء العقبة الأردني. ونقلت مصادر إعلامية عن قائد الشرطة الإسرائيلي، موشي كوهين، قوله إن ما يشتبه في أنه صواريخ، أطلق على ميناء إيلات بجنوب إسرائيل، أمس، مصدره على الأرجح مصر، وأنه لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا.

وتسببت الصواريخ، التي رجحت المصادر أن يكون عددها خمسة، في وقوع 3 انفجارات بمحيط المدينة الإسرائيلية، التي تقع على رأس خليج العقبة في البحر الأحمر، أقصى جنوب إسرائيل. وأوضحت الإذاعة الرسمية في إسرائيل أن قذيفتين سقطتا في البحر الأحمر، وواحدة في منطقة زراعية، في حين سقطت قذيفة واحدة على الأقل في مدينة العقبة الأردنية.

وفي إسرائيل، امتنعت الحكومة عن الإدلاء بموقف رسمي إزاء هذه الصواريخ، لكن رئيس الدائرة السياسية العسكرية في وزارة الدفاع، عاموس جلعاد، قال إن «المنطق الجغرافي يقول إن الصواريخ أطلقت من سيناء المصرية. ولكن طالما أن مصر تنفي، علينا أن نترك لها فرصة التحقيق المهني، لمعرفة ما جرى. المؤكد هو أن تنظيمات إرهابية تريد تخريب مفاوضات السلام، ومصالحها تتناقض مع مصالح مصر والأردن وإسرائيل».

وقال الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، إن الإرهاب يوحد بين إسرائيل والأردن. فهو يريد أن يدمر متعة الحياة للسياح في هذه البلدين، وللاقتصاد المبني على السياحة. وأولئك الذين يفتشون عن رفاهية الشعبين، يجدون أنفسهم في خندق واحد ضد قتلة الأطفال والنساء.

وفي الأردن قال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الأردني علي العايد، إن المواطن الأردني، صبحي العلاونة، استشهد جراء سقوط الصاروخ الذي أصاب خمسة آخرين كذلك. وتسبب انفجار الصاروخ في احتراق سيارتين وإلحاق أضرار مادية أخرى.

وأضاف العايد أن الصاروخ انطلق من خارج حدود الأراضي الأردنية، وأن الجهات الأمنية المختصة تجري تحقيقا في الحادث. وقالت مصادر طبية في مستشفى الأميرة هيا العسكري في مدينة العقبة، إن صبحي يوسف العلاونة (51 سنة) توفي متأثرا بجراحه التي لحقت به، جراء سقوط الصاروخ.

وقام نائب الملك، الأمير علي بن الحسين، بزيارة إلى موقع الحادث، واطمأن على أوضاع الجرحى المصابين، وأوعز إلى الطواقم الطبية بتقديم أفضل الخدمات والعناية لهم.

وقد أمر العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، بالتكفل باحتياجات عائلة المواطن صبحي العلاونة، الذي قتل جراء سقوط الصاروخ، وتقديم المساعدة اللازمة لها، حسب بيان صحافي للديوان الملكي.

وأوضح البيان أن الملك (الموجود حاليا خارج البلاد في زيارة خاصة) أوعز بتقديم الرعاية الصحية اللازمة للمصابين في الحادث. وكان وزير الداخلية الأردني، نايف القاضي، يرافقه وزير الصحة، نايف الفايز، قد زارا مدينة العقبة، وأشرفا على الخدمات المقدمة للجرحى، واستمع القاضي إلى إيجاز من مدير الأمن العام، اللواء حسين المجالي، للحادث، وما قامت به الأجهزة الأمنية.

وقالت مصادر مطلعة إن الكاميرات المثبتة على مبنى الفندق قد رصدت الصاروخ وقت عبوره الأراضي الأردنية من الجهة الجنوبية الغربية (خلف جبال طابا)، حتى سقوطه، خاصة أن هذه الكاميرات تم تركيبها بعد الحادثة المشابهة، التي تعرضت لها العقبة، في 22 أبريل (نيسان) الماضي، وباستطاعتها رصد مسافة أكثر من عشرة كيلومترات.

وأشار المصدر لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه تأكد أن مصدر الصاروخ هو شبه جزيرة سيناء، وأن الأردن أبلغ السلطات المصرية بذلك.

وأوضحت مصادر فندقية أنه كان يوجد في الفندق ورشة عمل تدريبية لمدربين أميركيين يقومون بتدريب كوادر أردنية، من أجل الإدارة الأمنية للموانئ، ولم يعرف ما إذا كانوا هم المستهدفين أم جهة أخرى، إلا أن المصادر قالت إن بارجتين أميركيتين قد غادرتا العقبة، قبل وقوع الحادث بيومين، كانتا في زيارة إلى ميناء العقبة، ضمن الزيارات الاعتيادية التي تقوم بها البحرية إلى موانئ المنطقة.

وأدان الأردن بشدة العمل الإرهابي، المتمثل في سقوط صاروخ على مدينة العقبة من خارج الحدود الأردنية، وأدى إلى مقتل مواطن أردني، وإصابة خمسة مواطنين أردنيين آخرين. وقال علي العايد في تصريح صحافي إن هذا العمل الإرهابي الإجرامي، الذي ذهب ضحيته أبرياء أردنيون، مدان بشدة ومستنكر، كما أنه عمل عبثي لا يخدم إلا الأجندات المشبوهة.

وأضاف العايد أن الأردن وقف، وسيبقى دوما، ضد الإرهاب والإرهابيين، واستهداف الأبرياء والمنشآت السكنية، وسيواصل معركته ضد من تلوثوا بلوثة الإرهاب الحاقد الأعمى.

وأكد العايد أن الأجهزة الأمنية بدأت، منذ صباح أمس، تحقيقاتها، لمعرفة ملابسات وحيثيات هذا العمل الإرهابي المدان. وكان صاروخ سقط في العقبة أدى إلى إصابة ستة أردنيين، قبل أن يتوفى العلاونة، الذي يعمل سائق تاكسي، في وقت لاحق، وكانت إصابته بالغة.

وأكد مصدر طبي أردني وقوع ستة إصابات جراء سقوط صاروخ على منطقة الفنادق في مدينة العقبة، جنوب الأردن. وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أنه تم تحويل خمسة منهم إلى مستشفى الأميرة هيا العسكري في مدينة العقبة، حالة أربعة منهم متوسطة، في حين أن حالة المصاب الخامس حرجة، وقد فارق الحياة أثناء العلاج المركز. وقال المصدر إن المصابين هم: جاسر سلام البكور، وأحمد محمود العويدات، ومحمد إبراهيم رجا السفاسفة، وأحمد محمد العدوان (شرطي)، وحالتهم الطبية متوسطة، أما صبحي يوسف العلاونة، الذي يعمل سائق تاكسي، فكانت حالته الطبية حرجة قبل الوفاة، وأضاف المصدر أن المصاب السادس، وهو فادي محمد البطم، تم تحويله إلى مستشفى الحديث الخاص، وحالته العامة حسنة، وقد أصيب في قدميه. وكان الوزير العايد قد قال إن صاروخا من نوع «غراد» سقط في مدينة العقبة، صباح أمس، عند الساعة 7:45 دقيقة.

وقد حضر مدير الأمن العام، اللواء حسين المجالي، ومدير عام الدفاع المدني، اللواء عبد الله الحمادنة، إلى مدينة العقبة، بعد أن استقلا طائرة هليكوبتر من عمان صباحا، وذلك للوقوف على مجريات الحادث، في حين باشر خبراء متفجرات فحص الآثار المتبقية من انفجار الصاروخ.

وأبلغ شاهد عيان «الشرق الأوسط» هاتفيا، أن الأمن عزز من وجوده، بشكل مكثف، في محيط موقع سقوط الصاروخ، وأقام طوقا أمنيا وشريطا عازلا، ومنع المواطنين من الاقتراب من المكان.

وأضاف أنه سمع أصوات انفجارات في أماكن قريبة من الحدود مع إيلات، يشار إلى أن المنطقة التي سقط فيها الصاروخ هي منطقة الفنادق، حيث يوجد بالقرب منها مشروع سرايا العقبة، الذي تمتلكه عائلة رئيس وزراء لبنان الراحل، رفيق الحريري، وبالقرب منه يقع القصر الملكي.

وكانت مدينة العقبة الأردنية وميناء إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر شهدت أعمال عنف، نسبت إلى متشددين إسلاميين، وسقطت صواريخ على ميناء العقبة يوم 22 أبريل (نيسان)، ولم تقع خسائر في الأرواح.

وفي مصر نفى اللواء عبد الفضيل شوشة، محافظ جنوب سيناء، أن تكون الصواريخ التي أطلقت على ميناء إيلات الإسرائيلي ومدينة العقبة الأردنية قد أطلقت من شبه جزيرة سيناء، قائلا: «إن هناك صعوبة فنية في إطلاق صواريخ على إسرائيل والأردن من سيناء، نظرا لوجود عدة مرتفعات تحيط بسيناء». وأضاف شوشة: هذه الصواريخ تحتاج إلى أماكن مفتوحة لإطلاقها.. «لم نرصد أي أمور غير طبيعية على حدودنا مع إسرائيل».

وقال محافظ جنوب سيناء: «القذائف الوحيدة، التي يمكن إطلاقها من سيناء، هي قذائف الهاون، التي يمكنها عبور هذه المرتفعات». وكان شوشة يشغل منصب قائد قوات حرس الحدود، وتولى الكثير من المناصب القيادية بالقوات المسلحة، من بينها قيادة وحدات الصاعقة، ورئيس الأركان بها، قبل أن يعين محافظا لشمال سيناء، ثم محافظا لجنوب سيناء حاليا.

وقالت مصادر أمنية مصرية إن رجال الأمن المصريين، المتمركزين على طول الحدود بين مصر وإسرائيل، لم يرصدوا أي عمليات لإطلاق الصواريخ، مضيفة أن إطلاق الصواريخ يحتاج إلى إقامة منصات لإطلاقها، وهذا من الصعب تحقيقه، نظرا للطبيعية الأمنية التي تتميز بها مناطق جنوب سيناء، حيث إن الإجراءات الأمنية مشددة بالمنطقة، لوجود عدد كبير من المنتجعات السياحية، وتواجد أعداد كبير من السياح الأجانب بها.

وتابعت المصادر أنه، فور الإعلان الإسرائيلي عن سقوط الصواريخ، قامت دوريات أمنية مصرية بتمشيط المنطقة، إلا أنها لم ترصد أي شيء غير طبيعي، قائلة: «إن إسرائيل تبث مثل هذه الأخبار من حين لآخر، في محاولة للتأثير على حركة السياحة بجنوب سيناء».

واستبعدت المصادر الأمنية المصرية أن تكون عناصر فلسطينية قد تسللت إلى سيناء ونفذت العملية، نظرا لطبيعية سيناء القبائلية، وقيام السكان المحليين من البدو برصد أي أشخاص غرباء قد يتواجدون بالمنطقة. واستبعدت المصادر أيضا قيام عناصر فلسطينية أو تخريبية بإطلاق الصواريخ، حيث إن منطقة الحدود بين مصر وقطاع غزة مؤمنة بشكل كامل، خاصة ضد عمليات تهريب الأسلحة، مشيرة إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا يمكن أن تسمح بدخول مثل هذه الصواريخ إلى مصر، لمنع المزيد من التوتر في علاقاتها.

وقال شهود عيان من سكان الحدود بين مصر وإسرائيل إن الأوضاع الأمنية بالمنطقة طبيعية، وإنه لا توجد أي حالات للاستنفار الأمني في مناطق الحدود، باستثناء الدوريات الأمنية العادية. وكان صاروخ واحد قد سقط، على الأقل، أطلق من مكان مجهول أعلى ميناء العقبة في أبريل (نيسان) الماضي، ولم تقع خسائر في الأرواح. وفي عام 2005 أطلقت صواريخ على سفينة حربية أميركية في ميناء العقبة، لكنها لم تصب هدفها، وقتلت جنديا أردنيا على البر. وأعلنت جماعة ذات صلة بـ«القاعدة» حينذاك مسؤوليتها عن الهجوم. وفي إسرائيل عاد طاقم مكافحة الإرهاب في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي لتكرار دعوته إلى المواطنين الإسرائيليين أن يتوقفوا عن دخول سيناء، بدعوى أن هناك أخطارا حقيقية على أمن كل إسرائيلي يتواجد في هذه المنطقة، لأن الإرهابيين ينتشرون فيها. وقال ناطق بلسان الطاقم إن هذا التحذير موجه أيضا إلى المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، حيث إنهم مستهدفون، بسبب جواز السفر الإسرائيلي الذي يحملونه.