«ريم» الكندية لـ«الشرق الأوسط» نحترم احتياجات الحكومات وخصوصية الشركات والمستهلكين

خدمة الشركة تعمل في 175 دولة بالعالم

TT

قالت شركة «ريم» الكندية مزودة خدمات جوال «بلاك بيري» في رد عبر البريد الإلكتروني على استفسارات «الشرق الأوسط» من واشنطن حول وقف الإمارات بعض خدماتها إن «(ريم) تعمل في أكثر من 175 دولة اليوم وتزود ببنية أمنية يقبلها زبائن وحكومات حول العالم مهتمون بالأمن». وأضاف البيان الصادر من الشركة أن «(ريم) تحترم الاحتياجات التنظيمية للحكومة والأمن واحتياجات الخصوصية للشركات والمستهلكين». وامتنع الممثلون عن الشركة الحديث عن تفاصيل قرار الإمارات، إذ جاء في البيان «(ريم) لا تكشف عن المحادثات السرية حول التنظيم مع أي دولة ولكن (ريم) تؤكد لزبائنها أنها ملتزمة بمواصلة تزويد منتجات آمنة جدا ومبتكرة تتفق مع احتياجات الزبائن والحكومات».

وبعد إعلان الإمارات العربية المتحدة عن قرب إيقاف خدمة «بلاك بيري ماسينجر» للتواصل، هناك حديث عن أن دولا أخرى تبحث إيقاف الخدمة لأسباب أمنية أيضا، نظرا إلى أن الخدمة تستخدم تقنيات تشفير وترميز معقدة تجعل تحليل الرسائل المتبادلة بين المستخدمين أمرا في غاية الصعوبة. وسوف يجد مستخدمو «بلاك بيري» أنفسهم في حيرة، نظرا إلى أنهم يريدون التواصل مع الآخرين والدردشة وتسلم البريد الإلكتروني عبر الخدمة المذكورة. إلا أن هناك حلولا بديلة لهذه الخدمة، لمستخدمي أجهزة «بلاك بيري» والهواتف الأخرى، على شكل برامج يمكن تحميلها واستخدامها.

وكان عدد من دول العالم قد طالبت الشركة المنتجة للجهاز بالتكيف مع متطلبات الأمن فيها، إذ هددت وزارة الداخلية الهندية في 28 يوليو (تموز) الماضي شركة «ريسيرتش إن موشن»، مطالبة إياها بالالتزام بالقيود الأمنية الخاصة بالبلاد، التي تقتضي السماح للدولة مراقبة البريد الإلكتروني والرسائل النصية ورسائل الدردشة الفورية، وإلا فسيطلب منها إيقاف العمل في الهند. وتجدر الإشارة إلى أن منفذي تفجيرات مومباي في 2008 كانوا قد استخدموا خدمة «بلاك بيري ميسنجر» للتراسل وتنسيق الهجمات. وكانت الحكومة الفرنسية قد منعت استخدام أجهزة «بلاك بيري» في الوزارات والقصر الرئاسي في عام 2007، تحسبا لمخاوف تجسس الولايات المتحدة الأميركية على المواقع الفرنسية المهمة.

وتطالب هذه الدول أن تعامل مثلما تعامل شركة «ريسيرتش إن موشن» دولا أخرى، مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، حيث يحق للهيئات التحقيقية المختصة في هذه الدول الحصول على معلومات المستخدمين ورسائلهم الموجودة بحوزة شركة «ريسيرتش إن موشن» عند الضرورة. وتأتي هذه المشكلات القانونية للشركة في وقت يتوقع فيه الخبراء طرحها جهازا لوحيا جديدا اسمه «بلاكباد» BlackPad في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، والذي يدعم خدمة «بلاك بيري ميسنجر». ومن المواصفات المتوقعة للجهاز استخدامه شاشة تعمل باللمس يبلغ قطرها 9.7 بوصة، ومعالجا يعمل بسرعة 1 غيغاهيرتز، وكاميرا أمامية وأخرى خلفية لإجراء المحادثات بالصوت والصورة، مع دعمه تقنيات «بلوتوث» و«واي فاي» اللا سلكية، وبسعر تقديري يبلغ 499 دولارا، في محاولة لمنافسة جهاز «آي باد» الخاص بـ«آبل».

وهذا وقد اتصلت «الشرق الأوسط» بشركة «ريسيرتش إن موشن» في المنطقة العربية للحصول على وجهة نظرها إزاء قرارات الإيقاف والبرامج البديلة لخدمة «بلاك بيري ميسنجر»، ولكن لم يصل رد رسمي منها حول قرارات الإيقاف حتى وقت كتابة هذا الموضوع، ولكنها أفادت أنها لا تستطيع التعليق على البرامج البديلة التي تطورها شركات أخرى.

وتستخدم أجهزة «بلاك بيري» تقنيات تشفير وترميز متطورة جدا، مثل «إيه إي إس» AES بتقنية 256 بت، و«إيليبتيك كيرف» Elliptic Curve بتقنية 571 بت (يمكن خفض هذه الدرجة وفقا لخصائص الأجهزة الخادمة للشركة) لتشفير المعلومات بين جهاز المستخدم والأجهزة الخادمة للشركة. وكمثال على آلية عمل تقنيات التشفير، سنستعرض كتابة المستخدم كلمة سر للدخول إلى هاتفه بعد أن كان مغلقا، حيث يستخدم نظام التشفير كلمة السر هذه لاشتقاق مفتاح ترميزي خاص بجهاز المستخدم، وفقا لمفتاح آخر فريد لكل جهاز (يستخدم هذا المفتاح تقنية «إيليبتيك كيرف») مسجل في الذاكرة الداخلية، ووفقا لمفتاح مشفر خاص بالمحتوى (الرسائل والبريد، مثلا). ويخزن النظام بعد ذلك مفتاح المحتوى الذي أزيل تشفيره، ومفتاح تقنية «إيليبتيك كيرف» الذي أزيل تشفيره أيضا، في ذاكرة الجهاز للاستخدام في عملية إزالة التشفير للرسائل الواردة. الخطوة التالية هي استخدام مفتاح تقنية «إيليبتيك كيرف» الذي أزيل تشفيره والموجود في الذاكرة لفك ترميز وتشفير الرسالة الواردة، والذي يسمح قراءة بعض أجزاء الرسالة (عدا عنوان الطرف المستقبل للرسالة، وعنوانها، ونصها).

والخطوة الأخيرة هي استخدام مفتاح المحتوى الذي أزيل تشفيره لمعرفة باقي أجزاء الرسالة. ويشفر النظام جميع الرسائل بمفتاح تقنية «إيليبتيك كيرف» في كل مرة يقفل فيها الجهاز، وذلك لحماية المعلومات في حال فقدان الهاتف أو سرقته. وتعكس بعض أجزاء العملية عند إرسال الرسائل إلى الآخرين.

هذا، وطورت شركة «غولد لوك إنتربرايز» Gold Lock Enterprise الإسرائيلية والمرخصة من وزارة الدفاع الإسرائيلية تقنية أكثر تطورا لتشفير وترميز معلومات أجهزة «بلاك بيري» تعتمد على تقنيات «إيه إي إس» بتقنية 256 بت، و«إيليبتيك كيرف» بتقنية 384 بت، و«ديفاي هيلمان» Diffie Hellman بتقنية 4096 بت، وذلك باستخدام معالج الجهاز قبل خروج المعلومات من شبكة «بلاك بيري»، ومن ثم مرة أخرى عند وصولها إلى الأجهزة الخادمة للشركات، ومرة أخيرة عند وصولها إلى الهاتف. وتعتبر هذه الثلاثية الترميزية المعقدة أكبر بكثير من احتياجات رجال الأعمال والسياسيين، وهي على الأرجح متخصصة في الحالات العسكرية والتجسسية عالية السرية والأهمية.

ويذكر أن شركة الاتصالات الإماراتية كانت قد حاولت في شهر يوليو من عام 2009 طرح تحديث لبرمجة أجهزة «بلاك بيري» لرفع أداء الجهاز، ليتفاجأ مستخدمو الأجهزة بانخفاض زمن عمل البطارية بشكل كبير، وتوقف عمل الكثير من الأجهزة. وحققت شركة «ريسيرتش إن موشن» المصنع لأجهزة «بلاك بيري» في هذه الحادثة، وقالت إن التحديث المذكور ليس تحديثا رسميا من شركة «ريسيرتش إن موشن»، ويبدو أنه يحتوي على برنامج صمم لمراقبة اتصالات المستخدمين، وأنه قد يسمح بالدخول إلى المعلومات المخزنة على الجهاز نفسه، وهو لا يرفع مستوى الأداء على الإطلاق، بل تتمحور وظيفته حول إرسال الرسائل الواردة إلى جهاز خادم مركزي لا يتبع لشركة «ريسيرتش إن موشن». وطرحت شركة «ريسيرتش إن موشن» بدورها تحديثا يسمح للمستخدمين إزالة هذا البرنامج الدخيل. وتبين بعد التحقيق المكثف أن شركة «إس إس 8» SS8 http://www.ss8.com الأميركية المتخصصة بحلول المراقبة واختراق الاتصالات الإلكترونية هي الشركة المبرمجة التي أضافت البرنامج إلى التحديث.

يذكر ان الخلافات المتعلقة بقضايا الخصوصية والرقابة تندلع بشكل متكرر بين الحكومات ومقدمي خدمات الاتصالات بعد أن أصبح الإنترنت يربط بين الناس في جميع أرجاء العالم. فقد توصلت الصين وشركة «غوغل» في يوليو (تموز) إلى تسوية لأزمة تتعلق بالوصول إلى المعلومات. ويتم حظر موقع «يوتيوب» بين الحين والآخر في دول مثل تركيا وباكستان. كما فرضت باكستان حظرا مؤقتا في مايو (أيار) على موقع «فيس بوك» بسبب ما وصفته بالمحتوى المعادي للإسلام الموجود عليه. ويقول محللون وخبراء في الاتصالات السلكية واللاسلكية إنهم يعتقدون أيضا أن المخاوف الأمنية كانت مسؤولة عن تأخر وصول خدمة «بلاك بيري» إلى الصين. ومن غير الواضح ما هي الإجراءات التي اتخذتها الشركة للتخفيف من حدة تلك المخاوف.

والهواتف الذكية الأخرى، مثل «أبل آي فون»، ليست مرتبطة بخدمة بريد إلكتروني واحدة. وهذا يعني بشكل عام، أن البريد الإلكتروني من وإلى الأجهزة يمكن رصده بسهولة نسبيا.