لجنة وزارية صومالية لمتابعة أزمة السفينة السعودية المختطفة توصي بعدم دفع فدية للقراصنة

مالكها نفى أن يكون مبلغ الفدية 3 ملايين دولار

صورة للسفينة السعودية «النسر السعودي» التي اختطفها القراصنة الصوماليون في خليج عدن في مارس الماضي (أ.ف.ب)
TT

علمت «الشرق الأوسط» أن رئيس الوزراء الصومالي عمر عبد الرشيد شارماركي قد شكل لجنة وزارية خاصة لمتابعة تطورات حادث اختطاف سفينة «النسر السعودي» وإيجاد حل لها لا يتضمن دفع أي فديات مالية للقراصنة الخاطفين، في الوقت الذي نفى فيه مالك السفينة المختطفة لـ«الشرق الأوسط» اتفاقه مع القراصنة على دفع فدية قيمتها 3 ملايين دولار، مقابل إطلاق السفينة من قبل القراصنة، إلا أنه أكد أن القراصنة طلبوا مبلغ 20 مليون دولار للإفراج عن السفينة.

وقال مسؤول في مكتب رئيس الوزراء الصومالي أمس لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة الصومالية تواصلت من خلال اللجنة التي تم تشكيلها لمحاربة القرصنة في سواحل الصومال مع وزارة الخارجية السعودية حول سبل تحرير السفينة، وقال إن اللجنة وجهت خطابا في هذا الصدد إلى الخارجية السعودية بعدما طلب شارماركي من اللجنة حل الأزمة من دون دفع أية أموال للخاطفين.

ويسعى شارماركي الذي ينتمي إلى إقليم بونت لاند (أرض اللبان)، شمال شرقي الصومال، إلى استخدام علاقاته مع سكان وعشائر الإقليم، لإقناع الخاطفين الذين ينحدرون أساسا من الإقليم نفسه بالإفراج عن السفينة السعودية.

واختطفت السفينة التي يتألف طاقمها البحري من 13 سريلانكيا ويوناني واحد في 1 مارس (آذار) الماضي حين عودتها من اليابان إلى مدينة جدة.

وفي السياق ذاته، دعا مسؤول رفيع المستوى في الحكومة الصومالية خاطفي السفينة السعودية إلى الإفراج الفوري عنها احتراما وتقديرا لدور المملكة العربية السعودية التي قال إنها محل تقدير واحترام كل الشعب الصومالي.

وقال عمر طلحة وزير الشؤون الاجتماعية وإعادة التأهيل في الحكومة الصومالية لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة الصومالية مقديشو: «للمملكة ولخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أياد بيضاء على الشعب الصومالي، ولا يصح أن نرد الجميل بهذا الشكل.. الخاطفون لا يمثلون إلا أنفسهم ويؤثرون بالسلب على علاقاتنا مع الدول الشقيقة».

وشن طلحة في المقابل هجوما حادا على القوات الدولية المحتشدة قبالة السواحل الصومالية، واتهمها بالفشل في منع أنشطة القراصنة وتنفيذ أجندات مشبوهة لا تخدم مصالح الشعب الصومالي، وأوضح طلحة لـ«الشرق الأوسط» أمس أنه لا يعقل أن يتمكن شبان صغار السن وخبراتهم العسكرية محدودة ولديهم أسلحة خفيفة من الاستمرار في خطف السفن قبالة السواحل الصومالية، بينما كل هذه الأساطيل الدولية تحتشد منذ فترة طويلة من دون أن تحرك ساكنا لمنع هؤلاء من ممارسة نشاطهم الإجرامي.

واعتبر طلحة أن هناك كثيرا من علامات الاستفهام حول حقيقة الدور الذي تقوم به الأساطيل الغربية المنتشرة في المياه الإقليمية الصومالية، وأضاف: «إنهم لا يحركون ساكنا ولا يتدخلون إلا في ما ندر لمكافحة القراصنة. من حقنا أن نتساءل عن مبررات استمرار وجودهم في مياهنا الإقليمية إذا كانوا لا يقومون بالمهام التي جاءوا أساسا من أجلها وهى مكافحة القرصنة».

وأكد طلحة أن الصومال لم يستفد كثيرا من وجود هذه القطع البحرية العسكرية التي تنتمي إلى مختلف دول العالم، وأن الأفضل لها أن تغادر سواحل الصومال ما دامت قد فشلت في عملها، وتابع: «لمن يعمل هؤلاء؟ نشاط القراصنة يزداد على الرغم من وجودهم، ولم نسمع أنهم تدخلوا بشكل جاد وعملي للحيلولة دون اختطاف مزيد من السفن». وقال: «نرى أن السفن الغربية في سواحلنا ليس لها أي فوائد ما دامت المشكلة ما زالت قائمة وتتفاقم يوما بعد يوم، وليس هناك أي رادع أو تقدم أو علاج لهذه المشكلة من قبل هذه السفن الحربية الأجنبية»، وتابع: «لو أدت هذه السفن مهمتها بجدية لن يوجد قرصان واحد على سواحل الصومال.. عندما كانت الصومال دولة حقيقية لم تكن لدينا هذه المشكلة على الرغم من أن أسطولنا البحري كان ضعيفا».

من جهته، نفى لـ«الشرق الأوسط» كمال العري مالك السفينة «النسر السعودي» المختطفة قبالة السواحل الصومالية اتفاقه مع القراصنة على دفع فدية قيمتها 3 ملايين دولار، مقابل إطلاق السفينة من قبل القراصنة، وقال إن القراصنة طلبوا مبلغ 20 مليون دولار، وتم تخفيضه إلى أقل من ذلك، من دون الإفصاح عن الرقم الجديد، مبينا أن اتفاقا جرى بينه وشركة التأمين والقراصنة، وتمت صياغته تحريريا.

وأشار إلى إجراءات لدى جهات مختصة تحول دون تسليم المبلغ للقراصنة، منذ الاتفاق على المبلغ، وسط تهديدات من القراصنة بقتل طاقمها، وتحفظ العري عن الإعلان عن قيمة السفينة المختطفة، إلا أنه أشار إلى شرائه سفينة أخرى بالمواصفات نفسها العام الماضي بخمسة ملايين دولار.

وعاد مالك السفينة «النسر السعودي» المختطفة إلى القول إن «شركة (إياك) السعودية للتأمين التعاوني (سلامة)، هي الشركة المؤمنة على السفينة»، وأضاف أن «خاطفي سفينة (النسر السعودي) هددوا بتخريبها، وتعريض حياة من فيها للخطر، ما لم يتم إيصال مبلغ الفدية المطلوب لهم، وذلك بعد الاتفاق الذي تم بين قبطان السفينة والقراصنة على دفع الفدية مقابل تحرير الناقلة، وذلك بمشاركة وموافقة شركة التأمين، على أن يتم إسقاط المبلغ عبر مروحية».

وبحسب العري، فإن المتحدث باسم الخاطفين شخص «يدعى (حسان) يتحدث العربية، ومن الواضح أنه مرتبط بجهات داخلية تنقل له الأخبار من داخل المملكة». مشيرا إلى أنه أرسل عدة نداءات للقوات الدولية المرابطة في المنطقة وأن سلامة الملاحين تستدعي التريث في أي محاولة تحرير.

يذكر أن «النسر السعودي» اختطفت في 1 مارس الماضي في خليج عدن قبالة السواحل الصومالية بعد أن كان مقررا وصولها إلى ميناء جدة الإسلامي قادمة من اليابان لتدخل الخدمة في مجال المحروقات ومد السفن بالوقود. وفي وقت ظن فيه العالم أنهم أخذوا إجازة طويلة المدى وتخلوا عن نشاطهم الإجرامي في خطف السفن، عاد القراصنة الصوماليون مجددا للظهور في منطقة المحيط الهندي وخليج عدن ليثيروا الهلع والرعب في تلك المنطقة الحيوية بالنسبة لحركة الملاحة التجارية الدولية.

واستولى القراصنة أول من أمس على سفينة الشحن المصرية «إم في سويس» التي كانت تبحر بحمولتها من الإسمنت عبر الممر الدولي للملاحة في خليج عدن وعلى متنها طاقمها المكون من 23 بحارا أغلبهم من المصريين.

وقال آندروا موانغورا مسؤول مركز مساعدة البحارة المعني بمتابعة أنشطة القراصنة من مدينة مومباسا الكينية الساحلية لـ«الشرق الأوسط» إن القراصنة الذين لم يعلنوا بعد مطالبهم ولم يطالبوا بأي فدية مالية اتجهوا بالسفينة إلى سواحل الصومال.

وبخطف السفينة المصرية «إم في سويس» ارتفع عدد السفن التي يحتجزها القراصنة قبالة سواحل الصومال سيئة السمعة إلى 22 سفينة بطواقمها البالغ عددها 401 بحارا من مختلف جنسيات دول العالم. وفى تفسيره لمبررات تصاعد نشاط القراصنة الصوماليين مجددا، أبلغ موانغورا «الشرق الأوسط» أن هذا التوقيت يمثل ذروة موسم نشاطات القراصنة، مشيرا إلى أن الموسم قد يمتد إلى شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل على أقل تقدير.

وأوضح موانغورا أن القراصنة يسعون عبر تكثيف هجماتهم على السفن إلى تعويض فترة السبات التي شهدوها مؤخرا بفعل عدة ظروف مناخية وفنية وأمنية، معتبرا أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من عمليات خطف السفن في منطقة المحيط الهندي وخليج عدن، وأضاف: «هذا هو موسم القراصنة، إنهم يعودون بشكل أكثر خطورة وبنشاط زائد ومخيف. هذه فترة صعبة على حركة الملاحة الدولية في المنطقة. نتوقع أن نسمع قريبا عن مزيد من عمليات خطف السفن.. إنه أمر مروع للغاية».

وطور القراصنة الذين يتباهون بلقب «جن البحر» من أسلوب عملياتهم في خطف السفن بعدما حصلوا مؤخرا على معدات وقوارب صغيرة سريعة وأسلحة حديثة بالإضافة إلى تقنيات اتصال مرتبطة بالأقمار الصناعية.

وأعلن المكتب الدولي للملاحة البحرية ومقره لندن أن المركز التابع له في كوالالمبور سجل 196 حادث قرصنة على مستوى العالم من يناير (كانون الثاني) إلى يونيو (حزيران) عام 2010.

ووقعت 31 عملية خطف ناجحة وكان 27 منها قبالة ساحل الصومال أو في خليج عدن.