نائب رئيس مجلس الأعمال الإيراني: العقوبات ستؤثر على 50% من التجار الإيرانيين في الإمارات

رفض في حديث لـ «الشرق الأوسط» مزاعم تحول دبي إلى مركز تجارة غير مشروعة مع طهران

TT

ثلاثون عاما مضت على انتقال رجل الأعمال الإيراني مرتضى معصوم زادة إلى دبي ليبدأ ممارسة نشاطه التجاري منها عبر تصدير شحنات من المواد المتعددة إلى السوق الإيرانية كان يحقق خلالها مردودا مجزيا، مما منحه الفرصة لتوسيع تجارته عبر شركته التي يقع مقرها في برج «التوأم» المعروف في منطقة ديرة بدبي، وحتى وقت قريب كان الرجل معروفا بحكم منصبه الرسمي في مجلس الأعمال الإيراني بدبي لشريحة واسعة من التجار، لكن العقوبات الدولية التي فرضت تباعا على بلاده بسبب ملفها النووي المثير للجدل جعلت منه شخصية معروفة إن لم نقل مشهورة على الأقل وسط وسائل الإعلام العالمية لجهة تحوله إلى المصدر شبه الوحيد القادر على رصد حجم التعاملات التجارية بين البلدين وحجم تأثرها بالعقوبات الدولية نظرا إلى حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي يتخطى ثمانية مليارات دولار. ولا يزال معصوم زادة الذي يشغل منصب نائب الرئيس الأول لمجلس الأعمال الإيراني في دبي، متفائلا على الرغم من أنه يقول إن تجارته الخاصة تأثرت بالعقوبات بما نسبته 70 في المائة، ويعتبر أن العقوبات كانت ظالمة جدا للتجار الإيرانيين ومن في حكمهم، ويعبر عن خشيته من المستقبل قائلا: «نحن نخشى حقا من المستقبل خاصة بعد أن كنا نعيش في الإمارات على مدى السنوات الـ30 الماضية بارتياح، ولا نتصور في الوقت الحاضر أفقا واعدة في المستقبل».

ويرى معصوم زادة أن العقوبات يمكن أن تؤثر بما يزيد على 50 في المائة على التجار الإيرانيين ومن في حكمهم من التجار المتعاملين مع السوق الإيرانية والعاملين في دولة الإمارات، معتبرا أن التجار الإيرانيين قد يتأثرون في عدة دول لها مبادلات تجارية مع إيران، مثل تركيا وقبرص وماليزيا، «لكن تجار دبي سيكونون أكثر تأثرا لأن لدبي حصة الأسد في حجم التعاملات التجارية».

ويلفت معصوم إلى أن الحجم الحالي للمعاملات التجارية بين إيران والإمارات العربية المتحدة هو في حدود 7 إلى 8 مليارات دولار، «حصة دبي في العمليات التجارية بالمقارنة مع الإمارات الأخرى هي الأكبر نسبيا، وذلك نظرا إلى تراكم الخبرة الكبيرة في دبي في مجال البنى التحتية والخدمات خلال الـ35 سنة الأخيرة التي تشمل أيضا مرافق الموانئ الضخمة والمعدات التي حولت دبي بشكل لا يقبل الشك إلى محور لعدة فئات من خطوط الملاحة والشحن البحري من خلال التسهيلات المقدمة للسفن في موانئ دبي».

لكن تقييم معصوم زادة لحجم الضرر الذي يمكن أن تحدثه العقوبات بالتجار الإيرانيين في الإمارات لا يبدو نهائيا، وتحديدا فيما يتعلق بالعقوبات الرابعة، ففي رأيه أنه لا يزال من السابق لأوانه تقييم تأثيرات العقوبات الرابعة على حجم التبادل التجاري بين البلدين، ولكن «من خلال خبرتنا بتأثيرات العقوبات على هذه التجارة على اعتبار أنها ليست الأولى، فمن المتوقع أن حجم التجارة إلى مزيد من الانخفاض».

ويمكن القول إن ما بات من المسلمات في رأي الرجل هو أنه لا شك في أن تنفيذ العقوبات كان له تأثير سلبي على حجم الأعمال للتجار الإيرانيين في دبي، وذلك سواء على التجار الإيرانيين أو التجار المتعاملين مع السوق الإيرانية في دولة الإمارات، حيث «يمكن أن تؤثر الإجراءات المرافقة للعقوبات بنسبة 50 في المائة على التجار والوافدين الإيرانيين المقيمين في الإمارات العربية المتحدة والذين يتعاملون مع إيران».

وبحكم خبرته الممتدة على مدار ثلاثين عاما في التجارة عبر الإمارات يرفض معصوم أي مزاعم بأن دبي ستتحول إلى مركز لتجارة غير مشروعة مع إيران، ويرى أن «الإمارات بشكل عام ودبي بشكل خاص تعتبر واحدة من الجهات التجارية الرئيسية للعمليات التجارية مع إيران، في مقابل ذلك هناك دول أخرى مثل تركيا وقبرص وماليزيا أيضا يعملون في التجارة مع إيران، ولكن للإمارات حصة الأسد بسبب البنية التحتية المتقدمة، والجدوى اللوجستية التي تتمتع بها الموانئ الإماراتية بالنسبة إلى الموانئ الإيرانية القريبة».

ولا يخفي معصوم زادة خشيته من المستقبل، ويكشف لـ«الشرق الأوسط» عن أن المعاملات التجارية «في شركتين في القطاع التجاري انخفضت بشكل واضح إلى 70 في المائة، ويرجع ذلك أساسا إلى فرض عقوبات على البنوك الإيرانية التي كانت البنوك الرئيسية التي نتعامل معها خلال الثلاثين سنة الماضية والتي كانت تقدم لنا تسهيلات ائتمانية متعددة الوسائط، أما حاليا فلا يمكننا الاستفادة من هذه المصارف لأنها تحت قانون عقوبات صارم. نحن في الواقع نخشى حقا من المستقبل بعد أن كنا نعيش في الإمارات بارتياح على مدى السنوات الـ30 الماضية.. لا نتصور في الوقت الحاضر أفقا في المستقبل».

وكان معصوم زادة قد بدأ نشاطه التجاري في دبي منذ نحو ثلاثين عاما عبر شحن الأرز والأخشاب والأدوات المنزلية والسيارات وغيرها إلى إيران عبر الخليج العربي، كما أنه يشغل موقعا مهما في مجلس الأعمال الإيراني الذي يعد مظلة تجمع ثمانية آلاف عضو يمثلون شركات إيرانية تعمل من دبي، لكن العقوبات أيضا صعبت الحياة أكثر من خلال القيود على الائتمان.

وتعد دبي حلقة وصل اقتصادية حيوية لإيران، ويبدو النشاط الإيراني واضحا في أسواق الإمارات، ودبي تحديدا، ويتجلى في عدة نشاطات تبدأ من محلات البقالة البسيطة وتنتهي بشركات الشحن الكبرى، وكل أولئك أيضا تأثروا بالأزمة الاقتصادية العالمية، فما يصل إلى 400 شركة إيرانية في دبي ربما أغلقت أبوابها العام الماضي حسبما يقول معصوم زادة، ويرجع هذا جزئيا إلى تراجع السوق العقارية في دبي وتباطؤ الاقتصاد العالمي.

ولا يخفي معصوم زادة أن هذه العقوبات تعتبر «ظالمة جدا» من خلال تأثيراتها على التجار الإيرانيين في دولة الإمارات، ويرجع مصدر هذا الظلم في رأيه إلى أننا «كنا دائما نعمل في مجال الأعمال المشروعة التي تتمثل في البضائع المشروعة والقانونية، ومن الواضح أن هذه العقوبات تعتبر ظالمة جدا وهي ستؤثر علينا كثيرا وتأخذ 70 في المائة من عملنا».

وخلال السنوات القليلة الماضية كان معصوم زادة كما يقول يراقب العقوبات التي كان من المفترض أن تستهدف أنشطة البرنامج النووي الإيراني، و«لكن في الحقيقة تبين لنا أن العقوبات تستهدف التجار سواء الإيرانيين أو من يرتبطون بأعمال تجارية معهم».

ولكن هل تنجح العقوبات الرابعة في ثني إيران عن الاستمرار في تطوير برنامجها النووي الذي تقول إنه لأغراض سلمية ويتهمها الغرب بأنه لصنع قنبلة نووية؟ كما هو واضح - يقول معصوم زادة - ومن خلال الكثير من التقارير الإخبارية التي أتابعها، فإن البرنامج النووي في إيران يحرز تقدما، وغالبا ما تكون هناك تصريحات رسمية تتحدث عن التوسع في المشروع والمرافق الجديدة التي يجري بناؤها، وبالتأكيد فإن ذلك يشير إلى أن العقوبات لم تقم بالدور الذي كان مخططا لها.

ومن دون وجود عقوبات دولية على إيران يبدو للمراقب أن دبي تستهوي الإيرانيين ليس فقط التجار، وإنما حتى السياح الإيرانيين الذين يقصدونها في العطلات الموسمية بشكل كثيف ومعظمهم من فئة الشباب، كما تنتشر المطاعم الإيرانية بشكل واسع في الإمارة، ويعلل معصوم هذا الاهتمام الإيراني بدبي بأن كثيرا من الإيرانيين، ونظرا إلى أكثر من 60 عاما هي تاريخ التجارة التقليدية بين البلدين، إضافة إلى «التشابه في الجانب الثقافي من الحياة»، فإن الإمارات تستقطب الإيرانيين للعيش فيها. كما أن الكثير من المغتربين من جميع أنحاء العالم بما في ذلك الدول الأوروبية والأميركية ومناطق الشرق الأقصى، يأتون إلى هنا لتعزيز وجودهم عالميا من خلال إنشاء المقر الرئيسي لأعمالهم التجارية.