آلاف العراقيين يتوقون للذهاب إلى أميركا.. وآخرون ذهبوا وعادوا

مسؤول بالسفارة الأميركية في بغداد: نتوقع استقبال 4500 عراقي هذا العام

TT

يتوق أحمد للخروج من بغداد بعد أن هدد متشددون بقتله هو أو أطفاله بسبب عمله مع وسائل إعلام غربية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عام 2003. ومثل آلاف آخرين، يتمنى أحمد أن يحصل على تأشيرة لجوء للولايات المتحدة كي يهرب من التفجيرات وإطلاق الرصاص والتهديدات بالقتل في بلده.

يقول أحمد، وهو أب لولد وبنتين «أبلغني الأصوليون عبر الهاتف: إن لم تترك العمل سنقتلك أو نقتل أحد أطفالك». وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، يأمل الصحافي الذي يخشى ذكر اسمه كاملا أن ينضم إلى 4.7 مليون عراقي فروا من ديارهم منذ عام 2003، في ما تصفه وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأنه أسوأ أزمة إنسانية في الشرق الأوسط منذ أخرج الفلسطينيون من ديارهم عام 1948. ولم يفر جميع العراقيين إلى الخارج. وتقول وكالة شؤون اللاجئين إن نصف المشردين نزحوا إلى مناطق أخرى في العراق، وبعضهم يعيش في مبان عامة.

وتعشم أحمد فيما هو أفضل عندما عاد للعراق بعدما قضى عاما كأستاذ زائر في الولايات المتحدة عام 2008. لكن أحلامه سرعان ما تبخرت. ويقول «تحولت الخروقات الأمنية من القنابل الملغومة والقنابل المزروعة بالطرق إلى المسدسات الكاتمة للصوت والاغتيالات وغياب الخدمات..لا مياه ولا كهرباء.. أخشى على سلامة أطفالي عندما يذهبون للمدرسة».

والولايات المتحدة مقصد مفضل لعراقيين مثل أحمد، لكن فرصهم في الذهاب إلى هناك ضئيلة. ويحاول البعض بدلا من ذلك الذهاب إلى أوروبا أو دول مجاورة مثل لبنان أو سورية أو تركيا أو الأردن التي يسهل الحصول على تأشيرات لدخولها.

وقال مارك ستوريلا، منسق برنامج استقبال اللاجئين في السفارة الأميركية في بغداد «نتوقع أن يسافر نحو 4500 عراقي إلى الولايات المتحدة في إطار البرنامج هذا العام وبالتالي سنضاعف أعداد العام الماضي». ورغم أنه لم يذهب سوى 66 عراقيا إلى الولايات المتحدة عام 2004 بموجب هذا البرنامج، فإن العدد يرتفع باطراد. فقد حصل نحو 13828 لاجئا عراقيا على تأشيرات وسافروا للولايات المتحدة من العراق ودول مجاورة عام 2008. وقفز العدد إلى 18838 في عام 2009. ويمنح برنامج استقبال اللاجئين الأولوية للعراق وأفغانستان، وكلاهما يستضيف عشرات الآلاف من القوات الأميركية. ويأتي على رأس القائمة منح تأشيرات لمن تتعرض أرواحهم للخطر لأنهم يعملون مع الحكومة أو الجيش الأميركي أو مع منظمات تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها.

ويستغرق الحصول على تصريح أمني لدخول الولايات المتحد شهورا. لكن بعد أن تجشموا كل هذه المشقة يقرر بعض اللاجئين الذين جربوا العيش في أميركا أن يتركوا فرصة تأتي مرة في العمر ليعودوا إلى ديارهم رغم الخطر.

ويقول بشير رشيد محمود، الذي يعمل مصورا تلفزيونيا في قناة «سي إن إن» التلفزيونية الإخبارية الأميركية «لم أستطع أن أصدق أنني ذاهب إلى الولايات المتحدة، وأن حلمي يتحقق. لكن كل هذه المشاعر انقلبت عندما حطت الطائرة في مطار نيويورك. الحقيقة ليست مثل ما أراه في الأفلام أو ما أسمعه من الأصدقاء. شعرت بحالة من الاغتراب.. بالضياع. شعرت باختناق».

وتقدم محمود بطلب للحصول على تأشيرة أميركية بعد أن تلقى تهديدات بالقتل من «القاعدة». لكن خيبة الأمل أصابته بعد شهرين قضاهما في تكساس. ويقول «الثقافة والناس والحياة كلها تختلف عن بلدي... قابلت بعض الأصدقاء العراقيين حاولوا إقناعي بالبقاء لكنني لم أستطع وحسب. ورغم أنني أعرف أن هذه الفرصة قد لا تأتي مرة ثانية فإنني قررت العودة».