البحرين لن توقف خدمات البلاك بيري ولبنان يقيم «المخاوف الأمنية»

كلينتون تعلن عن مباحثات أميركيةـ أماراتية.. ومصر لا ترى فيه خطورة على أمنها القومي

سعوديون أمام متجر بيع أجهزة «بلاك بيري» في الرياض أمس (رويترز)
TT

لا تزال أزمة تفاعلات قضية منع بعض خدمات هواتف «بلاك بيري» في الأمارات والسعودية مستمرة في التصاعد، فقد دخلت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون على الخط، بعد أن أعلنت الوزيرة الأميركية ، أمس، أن خبراء أميركيين وإماراتيين سيتباحثون في ملف خدمات الهاتف المتعدد الوسائط «بلاك بيري» لمحاولة إيجاد حل بشأن المخاوف الأمنية التي دفعت بالإمارات العربية المتحدة والسعودية إلى تعليق استخدامه.

وقالت كلينتون: «إننا نأخذ وقتا للتشاور وتحليل جملة المصالح وأوجه الملف كافة، لأننا نعي أن أسئلة أمنية مشروعة تطرح. لكن هناك أيضا حق مشروع في الوصول إلى المعلومات والاستخدام من دون عقبات»، وأضافت: «لذلك أعتقد أننا سنجري محادثات تقنية وستكون بين خبراء».

وقررت الإمارات مطلع هذا الأسبوع تعليق أهم خدمات «بلاك بيري» اعتبارا من 11 أكتوبر (تشرين الأول) لما تطرحه من «مسائل أمنية».

كما قررت السعودية أيضا في ما بعد أن تلحق بجارتها الإمارات مع مطالبة السلطات بمراقبة هواتف «بلاك بيري» المصنعة من جانب الشركة الكندية «آر آي إم»، إلا أن هواتف «بلاك بيري» تتميز بحسب الخبراء بنظام تشفير للمعلومات المتداولة مع أجهزتها بشكل يجعل من الصعوبة مراقبة مستخدميها.

ونفت البحرين رسميا أمس نيتها قطع خدمات «البلاك بيري»، «حاليا أو خلال الفترة المقبلة»، وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة وزير شؤون مجلس الوزراء البحريني المسؤول عن قطاع الاتصالات، إن الحكومة البحرينية لا تنوي قطع الخدمة عن المشتركين في البحرين.

لكن الوزير البحريني كشف في الوقت ذاته عن وجود مفاوضات تجري حاليا بين الخبراء الفنيين في بلاده وشركة «ريم» الكندية، الصانعة لأجهزة «البلاك بيري»، بشأن ما قال إنها «احتياجات لكل دولة خاصة بها»، إلا أنه قال أيضا إن أي نتيجة لهذه المفاوضات لن تفضي إلى اتخاذ قرار قطع الخدمة عن المشتركين في البحرين.

وفي السياق نفسه، قال الشيخ أحمد بن عطية الله، في تصريحات له أمس «لا توجد أي نية أو توجه حكومي لقطع الخدمة حاليا أو خلال الفترة المقبلة، خصوصا أن عدد مشتركي الخدمة في المملكة وصل إلى 78 ألف مشترك، بحسب أحدث الأرقام المسجلة لدى هيئة تنظيم الاتصالات».

وبحسب الوزير عطية الله، فإن البحرين ملتزمة بتحرير قطاع الاتصالات حسب القوانين المحلية، وأن تقدم الشركات المزودة أفضل الخدمات للجمهور وفق المعايير المعمول بها عالميا لضمان جودة الخدمات في هذا القطاع الحيوي.

ودعا الشيخ عطية الله شركات الاتصالات إلى عدم إرسال رسائل إلكترونية أو الإدلاء بتصريحات غير دقيقة من شأنها إثارة البلبلة بين مستخدمي الخدمة.

وأشار إلى أن البحرين حريصة على استمرار مكانتها المميزة على صعيد قطاع الاتصالات على مستوى منطقة الشرق الأوسط أو المستوى الدولي. لافتا إلى المستوى المتقدم الذي وصلت له خدمات الاتصالات مقارنة بالكثير من البلدان.

وقال الوزير إن مستخدمي خدمة «البلاك بيري» في البحرين يمثلون شرائح رجال الأعمال والموظفين وعامة الناس الذين أصبحت خدمات «البلاك بيري» بالنسبة لهم ضرورة تقنية عصرية في إنجاز أعمالهم اليومية من جهة، وتواصلهم الاجتماعي من جهة أخرى.

وشدد الوزير على أن التشريعات والأنظمة والقرارات المعنية بتنظيم خدمات تشغيل «البلاك بيري» في مملكة البحرين توفر الأرضية المناسبة للتعامل مع هذا المنتج باعتباره واقعا فرض نفسه على جميع دول العالم ضمن منظومة التطور التقني المتواصلة التي حتما لن تقف عند حدود الخدمات المتداولة في الوقت الحاضر، معربا عن أمله في أن تلتزم كل الشركات والأطراف المعنية بتقديم أفضل ما يتاح ويتوفر لها من خدمات لأجل تحقيق أقصى فائدة ترجى للمستهلكين في مملكة البحرين.

وفي لبنان، أعلن نائب رئيس الهيئة المنظمة للاتصالات في لبنان، عماد حب الله، أن «لبنان سيعمل على تقييم المخاوف الأمنية المرتبطة باستخدام خدمات (بلاك بيري) في البلاد». وأشار حب الله إلى أن الهيئة ستبدأ محادثات مع شركة «ريسيرش إن موشن» (ريم) الكندية المصنعة للهاتف الذكي بشأن هذه المخاوف.

وأكد مسؤولون في شركة «ألفا»، أحد مشغلي الهاتف الجوال في لبنان، لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا توجه لديها حاليا لتوقيف خدمات (بلاك بيري)»، كاشفين أنها بصدد تعزيز هذه الخدمات. ونفت الشركة بذلك شائعات تحدثت عن توقيف الخدمة في لبنان مما أدى إلى تهافت في الاتصالات على الشركتين المشغلتين من قبل المستخدمين.

وتتخذ هذه القضية أهمية لافتة لبنانيا، خاصة بعد توقيف عدد من العاملين في قطاع الهاتف الجوال في لبنان بتهمة التعامل مع إسرائيل، علما بأن الخدمات التي يقدمها «بلاك بيري» لا يمكن الإحاطة بها، مما قد يشكل منفذا للعملاء. من هنا يتوقع أن تقوم وزارة الاتصالات قريبا بالحد من هذه الخدمات تحت العنوان الأمني.

أما في مصر، فقال عمرو بدوي رئيس جهاز تنظيم الاتصالات المصري، إن بلاده لن تمنع خدمات «بلاك بيري» المطبقة بها، مشيرا إلى وجود اتفاق مع الشركة المزودة لتلك الخدمات على تقديم بعض المساعدات والاحتياجات التي يطلبها الجهاز، إلا أنه لم يفصح عن شكل هذا التعاون.

وأضاف أنه لم يتم إثبات وقائع تؤكد خطورة الخدمات المقدمة من خلال «بلاك بيري» على خصوصية العملاء أو الأمن القومي.

يأتي ذلك عقب إعلان الشركة أنها قد تقلص توسعاتها في الأسواق الناشئة بعد رفضها الإفصاح عن الأكواد الخاصة بمشتركيها. وقالت إنه لا يمكن لها تلبية طلبات الحصول على مفاتيح التشفير الخاصة بعملائها من قبل الحكومات الراغبة في ذلك.

وقال خبراء ومحللون إن الخطوة التي بدأتها الإمارات وتبعتها فيها السعودية في حجب بعض خدمات «بلاك بيري»، ستعقبها خطوات مماثلة في الأسواق الناشئة، خاصة تلك التي تفرض حكوماتها رقابة على خدمات الاتصالات بها.

وكان وزير الاتصالات المصري قد اعترف منذ عامين بأنه يسمح لأجهزة الأمن بالتنصت على مكالمات المواطنين، معللا ذلك بأن السماح للأجهزة الأمنية بالتنصت على مكالمات المواطنين الشخصية سواء عبر الهاتف المحمول أو الأرضي، أمر يحدث في العالم كله.

وقالت شركة «ريم» التي تصنع وتقدم خدمات «بلاك بيري»، إن النظام الحالي تم تصميمه لحماية عملاء الشركة من أي شخص يريد الاطلاع على خصوصياتهم، مؤكدة أنها لن تفصح عن أي من الشفرات لأن هذا يتيح مستوى عاليا من الخصوصية والسرية لعملائها.

وقال عمرو بدوي في اتصال هاتفي بـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد حتى الآن ما يجعلنا نمنع الخدمة، ما دامت تتم وفقا للضوابط المتفق عليها، ولكن قد نفرض قيودا على تلك الخدمة في حالة إثبات تأثيرها على عملائها بمصر أو تأثيرها على الأمن القومي».

وتسعى شركات الاتصالات الجوالة في مصر إلى تنشيط إيراداتها من خدمات القيمة المضافة المتمثلة في استخدام تطبيقات الإنترنت عبر التليفونات المحمولة المدعمة لتلك الخدمة، وأهمها «بلاك بيري»، وتمتلك كل شركات الاتصالات شركات إنترنت لكي تقدم خدمات الإنترنت، وتتنافس تلك الشركات حاليا لتقديم عروض وخدمات «بلاك بيري»، وهو ما أحدث رواجا لتلك الأجهزة والخدمات التي تقدمها بالسوق المصري.