كينيا تقر دستورا جديدا يعزز ديمقراطيتها ويقلص صلاحيات رئيسها

التعديل الدستوري يدعو لقبول الجنسية المزدوجة وإقرار حقوق الأقليات

TT

أظهرت نتائج الاستفتاء الشعبي الذي شهدته كينيا أول من أمس، أن 67% من الناخبين صوتوا لصالح إقرار الدستور الجديد للبلاد، الذي يعد من أبرز خطوات الإصلاح السياسي واختبارا للديمقراطية بعد سنوات من الجدل السياسي في البلاد والانتخابات المتنازع عليها في عام 2008. وجرى الاستفتاء في أجواء هادئة عموما، ووسط إجراءات أمنية مشددة. وقال رئيس مفوضية الانتخابات الكينية أحمد إسحاق حسن، أمس، إن نسبة الإقبال للتصويت على الدستور الجديد كانت مرتفعة، وبلغت 70%.

وشارك نحو 12.4 مليون ناخب كيني في الاستفتاء الذي تعتبره الحكومة الائتلافية الحالية حيويا لتعزيز الديمقراطية في البلاد بعد أحداث العنف الدامية التي وقعت عقب الانتخابات الرئاسية في عام 2008، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1300 شخص وتشريد نحو 300 ألف آخرين.

وبعد ظهور النتائج الأولية التي أشارت إلى فوز معسكر الرئيس مواي كيباكي ورئيس الوزراء رايلا اودينغا المؤيد للدستور الجديد بفارق مريح، قال الرئيس كيباكي «إن كينيا تمر بلحظة تاريخية». ودعا المعارضين للدستور الجديد إلى «قبول النتائج وتفادي أعمال عنف». إلا أن معارضي الدستور الجديد يقولون إنه سيعزز الانقسامات العرقية في البلاد ويؤدي إلى المزيد من الفوضى.

وأبرز ما في الدستور الجديد للبلاد، الذي يتكون من 18 فصلا و264 مادة، تقليص صلاحيات الرئيس التي كانت مطلقة في السابق، بغية الحيلولة دون تركز السلطات في يد شخص واحد، كما ينص أيضا على إنشاء مجلس شيوخ، مكون من 47 عضوا وله صلاحية عزل رئيس الجمهورية. ويقر الدستور المقترح كذلك حقوق الأقليات والجنسية المزدوجة للكينيين. كما يعالج أمورا أخرى مثل الفساد والقبلية التي كانت تعاني منها كينيا منذ حصولها على الاستقلال عن بريطانيا عام 1963. وينص أيضا على تأسيس لجنة لتسوية النزاع على الأراضي.

وكان المجتمع الدولي يضغط على الحكومة الائتلافية في كينيا من أجل تنفيذ الإصلاحات السياسية والدستورية التي نصت عليها اتفاقية تقاسم السلطة بين الرئيس كيباكي ورئيس وزرائه أودينغا، من وضع دستور جديد للبلاد، ومحاكمة مرتكبي أعمال العنف الدامية التي وقعت عقب الانتخابات الرئاسية في عام 2008. وكانت زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الشهر الماضي إلى كينيا للضغط على المسؤولين الكينيين لإجراء تلك الإصلاحات السياسية والدستورية في البلاد والضغط لمحاكمة مرتكبي أعمال العنف التي شهدتها البلاد عقب انتخابات 2008. ووعدت الولايات المتحدة بتقديم مزيد من المساعدات والاستثمارات لكينيا، لكن مقابل تعزيز الديمقراطية والحكم بالقانون في البلاد.

وكان إعداد دستور جديد لكينيا شرطا رئيسيا في اتفاق تقاسم السلطة بين الرئيس كيباكي ورئيس الوزراء أودينغا، الذي رعاه الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، والذي أنهى أسابيع من أعمال العنف وقعت عقب الانتخابات الرئاسية في عام 2008. يذكر أن الدستور الكيني الحالي يعود إقراره إلى فترة الاستقلال عن بريطانيا عام 1963 وكان الذي وضع حدا لصراع سياسي وعرقي خلف 1500 قتيل ونصف مليون مشرد.

وأثار الدستور الجديد للبلاد العديد من حملات الانتقاد، بحجة أنه يحدث شرخا في النسيج الاجتماعي للشعب الكيني، ويثير الكراهية بين أتباع الأديان المختلفة، ويهدد الوحدة الوطنية للبلاد وينتصر للأقلية المسلمة على حساب التيار العلماني، إلى جانب مسألة الإجهاض. وعارضت بعض الأحزاب السياسية في البلاد، وكذلك المجلس الوطني لكنائس كينيا بشدة الدستور الجديد، ومن أبرز الشخصيات التي كانت تعارضه الرئيس السابق دانيال آراب موي، ووزير التعليم العالي وليام روتو، وقادة المجلس الوطني لكنائس كينيا.

وبررت هذه المجموعات معارضتها للدستور الجديد، بأنه يسمح للمسلمين، وهم أقلية كبيرة، إقامة محاكم شرعية في قضايا الأحوال الشخصية، وهي محاكم خاصة للمسلمين أنشئت إبان الاستعمار البريطاني في كينيا، وأن كينيا بلد متعدد الديانات والثقافات، وأن إعطاء المسلمين حق الاعتراف بمحاكمهم الشرعية في مواد الدستور الكيني سوف يمنحهم ميزة خاصة، لا يتمتع بها أتباع الديانات الأخرى، بل إنه تقديم للإسلام على باقي الديانات الأخرى.