«القاعدة» تطلق حملة لإقناع رجال الصحوة المتذمرين بالعودة إليها

تقدم لهم إغراءات مالية.. وزعماء عشائر يطالبون الحكومة بالتدخل

عنصر في الصحوة عند نقطة حراسة في إحدى ضواحي بغداد الجنوبية (أ.ب)
TT

قال مسؤولون عراقيون وشخصيات عشائرية إن تنظيم القاعدة في العراق بدأ مؤخرا حملة لكسب عناصر الصحوات الذين كانوا يقاتلون في صفوفها سابقا ثم انقلبوا ضدها. وأضاف هؤلاء أن «القاعدة» تقدم إغراءات مالية لكسب رجال الصحوات الغاضبين من عدم توفير الحكومة وظائف لهم وتأخرها في دفع مرتباتهم.

وأضاف وجهاء عشائر أن الحاجة للأموال من أجل إطعام من يعولونهم تدفع أفرادا كانوا أعضاء في درجة منخفضة بتنظيم القاعدة إلى العودة للانضمام للتنظيم الإرهابي، مشيرين إلى تنامي وجود تنظيم القاعدة في محافظة الأنبار، حسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس». وحذر محمد شاكر، وهو شخصية قبلية بارزة من منطقة الحبانية، قائلا «يجب على الحكومة أن تساعدنا على مواجهة عودة (القاعدة) في الأنبار». وحذر آخرون من أن عملية تجنيد أفراد في التنظيم يمكن أن تساعده على تحقيق مكاسب في مناطق أخرى من العراق أيضا. ويقول رافع عادل، وهو قيادي في الصحوة من مدينة بيجي بحافظة صلاح الدين «أعتقد أنه في حال استمرار التأخر في دفع الرواتب، سيسعى أعضاء الصحوة أنفسهم إلى الانضمام مجددا لتنظيم القاعدة».

وكان الجيش الأميركي يشرف على عملية دفع رواتب عناصر الصحوة، الذين ارتفع عددهم إلى 100000 شخص في 2008. وتسلمت الحكومة العراقية الإشراف على الصحوات من الأميركيين العام الماضي، ووافقت على أن تجد لـ20 في المائة منهم على الأقل وظائف في الحكومة وأجهزة الأمن، وتدفع رواتب إلى الآخرين من أجل الحفاظ على الأمن داخل المناطق السنية. وعاد مسلحون آخرون إلى وظائفهم القديمة. وحاليا تدفع الحكومة الرواتب لما يقدر بـ650000 عنصر في الشرطة والجيش في موعدها، من بينهم نحو 20000 مسلح تابعين للصحوة أدمجوا في القوات الأمنية. أما المقاتلون الباقون المدرجون في سجل الرواتب الحكومية فلا يحصلون على رواتب لمدد تصل في بعض الأحيان إلى ثلاثة أشهر. وتبرر الحكومة ذلك بنقص الأموال أو عراقيل بيروقراطية.

وتوجد مشكلة أخرى ترتبط بالصحوة، وهي قيام الحكومة باعتقال العشرات من قيادات الصحوة بتهم تتعلق بالإرهاب خلال العام الماضي. وعلى الرغم من أن معظم المعتقلين أطلق سراحهم - غالبا تحت ضغوط أميركية – فإنه كان ينظر إلى عمليات الاعتقال على أنها شيء مهين. واستغلالا لهذه الأوضاع، تسعى عناصر تابعة لتنظيم القاعدة إلى التقرب من أعضاء الصحوة الغاضبين وعرض أموال عليهم، وساعد عجز الحكومة المتكرر عن دفع الرواتب عملية تجنيد أفراد جدد يقوم بها تنظيم «القاعدة»، حسب ما أفاد به أربعة أعضاء بارزين في الصحوة - اثنان منهم في بغداد واثنان في محافظتي الأنبار وصلاح الدين ذواتي الأغلبية السنية. ويقول عادل «ينفق تنظيم القاعدة مقدارا كبيرا من المال من أجل كسب أعضاء الصحوة مجددا». ويسود الاعتقاد بأن تنظيم القاعدة في العراق يقوم بتمويل نفسه من خلال تبرعات خاصة من رجال أعمال وجمعيات خيرية متعاطفة معه، ومن خلال سرقة مصارف ومكاتب صرافة ومتاجر حلي. ويقال أيضا إنه يقوم بعمليات اختطاف مقابل الحصول على فدية.

وقال مسؤول أمني عراقي بارز إنه على اطلاع بالعروض التي يقدمها تنظيم القاعدة إلى أعضاء في الصحوة، وأضاف أن العروض تأتي في خطابات ورسائل ترسل من خلال وسطاء إلى زعماء القبائل المسؤولين عن حركات الصحوة في مختلف أنحاء العراق.

وقال قيادي في الصحوة ببغداد إن تنظيم القاعدة حريص على اختيار التوقيت الذي يقترب فيه من أعضاء الصحوة لعرض تقديم الأموال، وغالبا ما يستهدف الأفراد الذين لم يحصلوا على رواتب لعدة أشهر للاستفادة من شعورهم بالغضب وحاجتهم إلى المال. وقال القيادي في منطقة الدورة، التي كانت معقلا لتنظيم القاعدة «خلال هذه الأوقات نعرض كقادة على رجالنا الأموال لمساعدتهم حتى تصل رواتبهم»، وتحدث القيادي شريطة عدم ذكر اسمه خوفا على أمنه. ومن غير الواضح إلى أي مدى حققت حملة تنظيم القاعدة نجاحا حتى الآن، لكن من الواضح أن المتطرفين كان حظهم جيدا في جذب بعض المقاتلين المحتاجين إلى المال بشدة ومن لديهم أحقاد على الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة، لكنهم لم يتمكنوا حتى الآن من اجتذاب رؤساء القبائل البارزين.

ومن المفارقات أن بعض المقاتلين انجذبوا إلى تنظيم القاعدة، لأن الحكومة عجزت عن توفير الحماية لهم ضد هجمات التنظيم. وفي بعض الحالات، يُشك في أن تنظيم القاعدة يستهدف الأشخاص الذين يحاول تجنيدهم مثلما حدث في التفجير الذي وقع في 18 يوليو (تموز) وأدى إلى مقتل العشرات من أفراد الصحوة الذين احتشدوا من أجل الحصول على رواتبهم أمام قاعدة للجيش في منطقة الرضوانية في بغداد.