حرائق الوزارات في العراق تثير تساؤلات حول الأسباب والدوافع.. ودعوات لتحقيقات جديدة فيها

العراقيون يطالبون بإدراج بلدهم ضمن «موسوعة غينيس» كأكثر بلد حرقا للوزارات

TT

بعد الحريق الذي نشب في وزارة التجارة العراقية أخيرا، دعا بعض العراقيين الجهات المسؤولة عن «موسوعة غينيس» للأرقام القياسية بإدراج بلدهم في الموسوعة، كأكثر بلد في العالم من حيث عدد الحرائق التي طالت مؤسساته الحكومية، بينما يرى بعض المراقبين أن هذه الظاهرة الغريبة من نوعها يجب أن تكون محط تدقيق ومتابعة وتحقيق، تشترك في ذلك حتى جهات دولية، لمعرفة من يقف وراء هذه الحرائق في وزارات حساسة، وفي طوابق تحوي وثائق خطيرة نفطية، أو مشتريات، أو تخصيصات موازنة، أو عقود شراء الغذاء.

وبعد دخول القوات الأميركية للعراق عام 2003 يمكن القول إن جميع الوزارات العراقية دمرت بالكامل، ما عدا وزارة النفط التي تمتعت بحصانة وحماية أميركية حينها، وبعد عودة الحياة تدريجيا للمؤسسات الحكومية بدأت سلسلة الحرائق، التي كانت أولها في وزارة النفط، حيث اندلع حريق كبير ضمن أهم طابقين فيها، ملتهما الوثائق والملفات التي تتضمن عمل الوزارة وواردات العراق النفطية.

ونفى وزير النفط العراقي آنذاك، هاشم الهاشمي، أن يكون الحريق مدبرا، مصرا على أنه حريق ناجم عن حالة تماس كهربائي. بعدها جاء حريق وزارة الداخلية في يناير (كانون الثاني) 2007، وأصاب مطعما داخل الوزارة، كما بينت مصادر رسمية، ثم جاء حريق مبنى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في يناير 2008، وأكد المفتش العام للوزارة «أن الحريق الذي حدث في دائرة الرعاية الاجتماعية كان متعمدا، حيث تمت سرقة ثلاثة مليارات دينار من برنامج دعم العوائل الفقيرة». وبعد ذلك بيوم طال حريق البنك المركزي العراقي الطوابق الأربعة العليا من البنك، الذي يتكون من ستة طوابق. وكشفت أمل القاضي، عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي السابق، عن «حريق كان قد أصاب وزارة الدفاع العراقية قبل أربعة أشهر من حريق البنك المركزي، لكن دون أن يتم الإعلان عنه»، مضيفة «أن هذا الحريق طال الأقسام التي تضم الوثائق المتعلقة برواتب منتسبي الوزارة». وفي 19 يونيو (حزيران) أعلنت مصادر أمنية عراقية اندلاع حريق في عدد من طوابق وزارة الصحة العراقية، وتحديدا في الطوابق التي تعمل بها دائرة العقود الخارجية، وشركة مختصة بتأمين الدواء لجميع العراقيين.

وهذه الحرائق لم تكن الأخيرة، فقد تبعتها حرائق أخرى أيضا طالت البنك المركزي، إثر هجوم شن عليه، لا بهدف سرقته، وإنما حرقه، ومصرف الرافدين أيضا، وتلاهما استهداف المصرف العراقي، الذي هو حلقة الوصل بين العراق والعالم الخارجي، وأي متعلقات مالية تتم عبره، وبهجوم انتحاري مزدوج أتى عليه بالكامل، وأخيرا جاء حريق وزارة التجارة، الطابق الخامس، الذي يحوي جميع وثائق العقود والمشتريات.

النائب عن القائمة العراقية، عثمان الجحيشي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال، والبرلمان ما زال في طور التشكيل، لكن، وبعد انتهاء هذه الفقرات، فسيكون من أهم أعمال البرلمان الجديد هو الطلب من الحكومة الجديدة إعادة فتح جميع قضايا الحريق التي طالت بعض الوزارات. وأضاف الجحيشي: «القانون العراقي يسمح بإعادة فتح أي قضية، وأنه بمجرد تشكيل حكومة جديدة، فسيظهر للعلن شهود من داخل كل وزارة يكشفون لنا أن هذا الحريق أو ذاك لم يكن بفعل تماس، وإنما هناك جهات مستفيدة من إخفاء بعض الوثائق، مشيرا إلى أن الغريب، الذي يثير الشكوك، أن أغلب الحرائق تحدث في طوابق محددة في كل وزارة، وهي طوابق تتمتع بأهمية من حيث تعلق عملها بعقود شراء ومشاريع وغيرها؛ فلماذا لا يحترق طابق آخر، والسؤال الآخر لماذا لم نسمع عن حريق في وزارة الهجرة أو وزارة الإسكان أو البلديات، لماذا البنك المركزي والتجارة والصحة والنفط؟».