خبير عسكري لـ«الشرق الأوسط»: إسرائيل «استطلعت بالنار» جهوزية الجيش اللبناني

هدوء حذر في المنطقة الحدودية.. وسليمان يزور موقع الاشتباك اليوم

الرئيس اللبناني ميشال سليمان يطلع على خريطة للحدود اللبنانية عرضها عليه أمس أحد كبار ضباط الجيش (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

لا يزال الهدوء الحذر يسيطر على طول الخط الأزرق في جنوب لبنان، بعد المواجهات الدامية بين الجيش اللبناني والقوات الإسرائيلية الثلاثاء الماضي في بلدة العديسة.

وفي حين عزز الجيش اللبناني انتشاره وسير دوريات مشتركة مع قوات «اليونيفيل» على طول الطريق الممتد من العديسة إلى كفركلا، ووضعت القوتان الإسبانية والإندونيسية نقاط مراقبة على بوابة فاطمة وقرب عبارة كفركلا ومقابل بلدة العديسة، سيرت القوات الإسرائيلية دوريات من مسكافعام إلى المطلة ووصولا إلى الغجر.

وتزامن الاستنفار العسكري على جانبي الحدود الجنوبية مع استمرار الخروقات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية، إذ حلق الطيران الإسرائيلي صباح أمس فوق مناطق حاصبيا، ومرجعيون، وكفركلا والعديسة، حتى النبطية. وشن غارات وهمية كثيفة على علو منخفض، لا سيما في أجواء مناطق النبطية ومرجعيون وبنت جبيل وحاصبيا، حتى البقاع الغربي. كذلك، حلق الطيران الإسرائيلي فوق بعلبك والسلسلتين الشرقية والغربية وسهل البقاع في طلعات دائرية.

في موازاة ذلك، أفادت معلومات في بيروت أن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان سيتوجه إلى الجنوب اليوم لتفقد موقع الحادث في بلدة العديسة، والقيام بجولة في المنطقة الحدودية من بوابة فاطمة وصولا إلى الناقورة.

وفي قراءة عسكرية لمواجهات العديسة والتساؤلات التي أثارتها المواقف السياسية والعسكرية حيال تصرف الجيش اللبناني ودلالاته، أوضح الخبير العسكري والعميد المتقاعد الدكتور هشام جابر أن مواجهات العديسة ليست مرتبطة «بقص شجرة أو بوضع كاميرا للمراقبة، ذلك أن إسرائيل زرعت الشريط الحدودي بكاميرات مراقبة متطورة جدا من دون أن يتقدم الجانب اللبناني لدى الأمم المتحدة باحتجاج».

وأكد، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «الشجرة تقع في الأراضي اللبنانية كونها موجودة في المنطقة العازلة (يتراوح عرضها بين مترين و5 أمتار) بين السياج الإسرائيلي الذي يشكل عمليا الحدود، وسياج ثان وضع بإصرار إسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية»، معتبرا أن الدولة اللبنانية لم توضح ذلك كما يجب.

وأشار جابر، الذي يشغل منصب رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات، إلى أن «إسرائيل أقدمت على القيام بما يسمى في اللغة العسكرية بـ(استطلاع النار)، لاختبار جهوزية الجيش اللبناني وسلوكه»، معربا عن اقتناعه بأن «القوات الإسرائيلية تابعت المواجهة العسكرية مع الجيش اللبناني في محاولة لاستدراج المقاومة». وقال: «حزب الله بموجب القرار 1701 غير موجود في منطقة جنوب الليطاني ولا يحق له التواجد فيها، ولكنه في الوقت عينه موجود بين الأهالي وبشكل غير ظاهر للعيان»، معتبرا أن «إسرائيل فشلت بالتالي في إيقاع حزب الله في الفخ».

ولم ير في كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لناحية أن «المقاومة ستقطع اليد التي ستمتد إلى الجيش اللبناني» تشكيكا في قدرة الجيش على حماية نفسه، ووضع هذا الكلام في إطار «المواقف السياسية وربما الإجابة على بعض الذين سألوا لماذا لم تتحرك المقاومة وهل ستبقى صامتة»، شدد في الوقت عينه على أن «الجيش اللبناني غير قادر على الدخول في معركة مع الجيش الإسرائيلي». وأضاف: «لا جيش لبناني أو عربي حتى يستطيع الصمود أكثر من 10 أيام أمام الجيش الإسرائيلي، لا لنقص في بسالته ولكن بسبب التطور النوعي لكل الأسلحة الإسرائيلية».

وعن الأسباب التي دفعت عناصر الجيش اللبناني إلى المبادرة بإطلاق النار أثناء محاولة قطع الشجرة، ذكر جابر بأن «مهمة الجيش واضحة بموجب القرار 1701 وهي منع التسلل واختراق الحدود من أي جهة كانت»، لافتا إلى أنها «المرة الأولى التي يتاح فيها للجيش اللبناني مواجهة القوات الإسرائيلية بعد أن أنذرها عبر (اليونيفيل) بالتراجع ولم تستجب لطلبه». وفي سياق أبرز المواقف الصادرة في بيروت أمس، شدد النائب هاني قبيسي على أهمية «دعم الجيش اللبناني بعد صدور مواقف دولية كثيرة تنكر حقه بالدفاع عن أرضه وتعطي الحق لإسرائيل». ودعا إلى «تشكيل هيئة وطنية لدعم الجيش اللبناني تسعى لتأسيس صندوق حسب الأصول القانونية يجمع التبرعات من كل مواطن، فقيرا أو غنيا، فمن يهدر الدماء لا يصعب عليه بذل القليل من المال»، آملا أن «يأتي يوم تكون المقاومة والجيش والدولة قوة موحدة واحدة تدافع عن هذه الأرض إضافة للجهود السياسية».