تقرير: «حقول الفراولة» لاحتجاز كبار متهمي «القاعدة» في غوانتانامو

أبو زبيدة و3 من كبار المتهمين احتجزوا في سجون سرية لمدة عامين قبل نقلهم إلى كوبا

TT

كشفت المصادر الأميركية أن المتهمين الأربعة الكبار بالإرهاب من قيادات «القاعدة» قد تم نقلهم سرا إلى خليج غوانتانامو (كوبا) في عام 2003، أي في وقت سابق بنحو عام مما أعلن عنه، حيث تم احتجازهم في مواقع وسجون سرية خارج الأراضي الأميركية، قبل أن تمنحهم المحكمة العليا الأميركية فرصة الجلوس إلى محامين عسكريين. وعلمت وكالة أنباء «أسوشييتد برس» أن وكالة المخابرات المركزية استجوبت المتهمين الأربعة الكبار لمدة عامين في مواقع سوداء دون إتاحة الفرصة لهم للتحدث إلى محامين أو ناشطين في حقوق الإنسان أو مراقبين أو فرصة الطعن في احتجازهم أمام المحاكم الأميركية. وقال جوناثان هافيتز، أستاذ القانون بجامعة سيتون هول، الذي يدافع عن الكثير من المعتقلين، «إنها كانت مجرد لعبة قذيفة لإخفاء المعتقلين من المحاكم». ويجيء الكشف الجدي ليؤكد مدى قلق حكومة الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش من أن المحكمة العليا قد رفعت حجاب السرية عن برامج الاحتجاز. لكنه يظهر أيضا كيف يصر بوش وإدارته التي يجب أن تتعامل مع الإرهابيين بعيدا عن نظام القضاء الأميركي.

وبعد سنوات، فإن برنامج الاحتجاز الذي طبق في غوانتانامو عقد جهود الرئيس باراك أوباما المبذولة لمحاكمة السجناء المشتبه في أنهم يقفون وراء هجمات 11 سبتمبر 2001.

وجمعت وكالة «أسوشييتد برس» بيانات عن سرعة وصول ومغادرة المعتقلين من غوانتانامو باستخدام سجلات الطيران، إضافة إلى مقابلات مع مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين ومطلع على برنامج الاعتقال. وتحدث الجميع بطلب عدم نشر أسمائهم لمناقشة برنامج الاحتجاز في غوانتانامو. وكشف مسؤولون كبار في البيت الأبيض، ووزارة العدل، والبنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية أن برنامج نقل السجناء كان سريا جدا، حتى إن الكثير من الأشخاص الذين كانوا على مقربة من وكالة المخابرات المركزية بقي برنامج الاعتقال بالنسبة إليهم في الظلام. من جهته، قال جورج ليتل المتحدث باسم وكالة المخابرات المركزية الأميركية إن ما يسمى «المواقع السوداء» وأساليب الاستجواب المعززة، التي كانت تدار على أساس توجيهات من وزارة العدل، باتت اليوم شيئا من الماضي. وفي فجر يوم 24 سبتمبر (أيلول) 2003، هبطت طائرة بوينغ 737 بيضاء، لا تحمل علامات على أرض مطار خليج غوانتانامو. وهي تحمل على متنها ما لا يقل عن أربعة من نشطاء «القاعدة» الكبار، وهم: أبو زبيدة، وعبد العزيز الناشري، ورمزي بن الشيبة، ومصطفى هوساوي. وضمن المتهم الموجهة إلى اثنين منهم رمزي بن الشيبة والهوساوي أنهما ساعدا في التخطيط لهجمات سبتمبر.

وكان الناشري العقل المدبر لتفجير عام 2000 للمدمرة الأميركية «يو إس إس كول», بينما كان أبو زبيدة يسهل سفر قيادات «القاعدة». وقد اعترف الإرهابيون الأربعة بأنهم قضوا شهورا في الخارج تعرضوا فيها إلى أقسى أساليب الاستجواب في تاريخ الولايات المتحدة.

في أواخر صيف عام 2003، اعتقدت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) أن المتهمين الأربعة بالإرهاب كشفوا ماعندهم من أسرار ولا حاجة إلى احتجازهم في المواقع السوداء السرية، ويبدو أن المنشأة البحرية الأميركية في خليج غوانتانامو كانت مناسبة لاحتجازهم قبل مثولهم أمام محاكم عسكرية، وكان بوش قد اختار أول ستة أشخاص لمواجهة تلك المحاكم، بعد أن أقرت محكمة استئناف اتحادية بالإجماع بأن المعتقلين يمكن استخدامهم المحاكم الأميركية للطعن في اعتقالهم. كذلك، كانت وكالة المخابرات المركزية التي شيدت منشأة جديدة، أصبحت تعرف اليوم باسم «حقول الفراولة »، ومنفصلة عن السجن الرئيسي في خليج غوانتانامو لاستضافة متهمي «القاعدة» الكبار. وفي الوقت نفسه، كانت السلطات الأميركية بصدد إغلاق سجن في تايلاند يعرف باسم «عين القط» في ديسمبر (كانون الأول) 2002، وفي خريف عام 2003 أغلقت وكالة المخابرات المركزية منشآتها في بولندا وفتحت سجنا جديدا في رومانيا.