معارضون إيرانيون: السلطات تلاحق ناشطين على خلفية محاولة اغتيال نجاد

TT

بعد أن تكهن معارضون بأن تكون محاولة اغتيال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الأسبوع الماضي، مقدمة لشن السلطات حملة عليهم، وتعزيز وجودها العسكري والأمني في الساحل الغربي للخليج، تحدثت جماعات إيرانية معارضة أمس عن تزايد مداهمات لبيوت ناشطين واعتقالات طالت آخرين خلال الأيام الخمسة الأخيرة، قائلين إن السلطات تشدد قبضتها الأمنية بعد محاولة اغتيال نجاد، كما تقوم بزيادة تعزيزاتها العسكرية في المنطقة المشرفة على الساحل الغربي من الخليج، ومن المقرر أن تصل إلى تعبئة كاملة بحلول الشهر بعد القادم، بزعم إرساء الأمن في مواجهة الأعداء.

وينشط في إيران معارضون سياسيون وآخرون يرفعون السلاح في وجه الدولة إضافة لانفصاليين في أطراف البلاد من عرقيات مختلفة. ويقول المعارضون إن السلطات تربط بشكل مباشر بين أي تحرك معارض أو يطالب بحقوق في الدولة الإيرانية أو الانفصال عنها، باعتباره من العاملين لصالح أميركا وإسرائيل والغرب لتقويض الثورة الإسلامية، مشيرين إلى أن مرشد الثورة علي خامنئي دعا السلطات المعنية قبيل محاولة اغتيال نجاد بنحو أسبوع باتخاذ إجراءات ضد من سماهم «المتعصبين» و«الجهلة» و«القتلة».

وفي غرب البلاد، وبعد محاولة اغتيال نجاد، داهمت قوات الأمن منازل عدة ناشطين من بينهم منزل سعيد حميدان الذي فر أخيرا من حكم بالسجن بسبب نشاطه المناوئ للسلطة المركزية، وقال حميدان لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مكان ما خارج إيران إن قوات الأمن داهمت منزله يوم الخميس الماضي، ولم تجد غير أطفال ووالدة مسنة، معربا عن اعتقاده أن الأمن كان يبحث عن أي أوراق أو كتب تخصه. ويشغل حميدان موقع رئيس المكتب الإعلامي في «حركة النضال العربية لتحرير الأحواز»، التي تدعو للانفصال عن إيران، وتأسيس دولة عربية. وسبق الحكم عليه بالإعدام في إيران من بين 11 مواطنا ينتمون لفصيل مناوئ لسلطات طهران. وقال إن السلطات أعدمت 10 من هؤلاء المواطنين فيما تغير الحكم بحقه من الإعدام إلى السجن 18 عاما، قبل أن يتمكن من الهرب خارج البلاد.

وأشار بيان لناشطين آخرين مناوئين للسلطات حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إلى أن الأمن الإيراني لم يترك فرصة الضوضاء الإعلامية التي تركها الخبر المزعوم لاغتيال أحمدي نجادي في همدان تمر من دون تنفيذ بعض إجراءاتها الإرهابية ضد المواطنين. وقال بيان موقع من عادل السويدي المسؤول الإعلامي للمنظمة الوطنية لتحرير الأحواز (حزم) إن الإجراءات الأمنية المشددة واقتحام البيوت التي أعقبت محاولة اغتيال نجاد «تهدف إلى لجم كل العناصر والشخصيات الوطنية التي تعيش في المنفى».

وقال السويدي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف إن المخابرات الإيرانية تتحرك بشكل دقيق ومتواصل.. «الإيرانيون يتحركون على كل الأصعدة الأخرى»، بما فيها التحركات العسكرية الجديدة في مناطق غرب البلاد وجنوبها، في إشارة على ما يبدو إلى ما نُسب لقائد قوات المشاة في الجيش الإيراني، أمير أحمد رضا بوردستان، عن البدء العملي بعسكرة مناطق واسعة منطقة تحاذي جانبا من ساحل الخليج والحدود العراقية.

ونسبت مصادر موثوقة إلى بوردستان قوله إنه تم البدء عمليا في عسكرة وتسليح أراض واسعة من المنطقة الجنوبية في إيران ضمن إجراءات قال إنها تعد ذات أولوية لدى الجيش الإيراني، من أجل «مواجهة التهديدات المحتملة التي قد يقدم عليها الأعداء»، قائلا «إننا جاهزون للعمل ضمن هذا التكتيك، وأجرينا تجارب عدة على هذا الصعيد، وتلمسنا النتائج الإيجابية في خطتنا، وإننا على أهبة الاستعداد لكل طارئ أو جديد».

وأضافت المصادر عن بوردستان قوله أيضا، على الصعيد العسكري الإيراني في تلك المنطقة إن بلاده تتأهب «لإجراء التجارب العملية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) القادم، مضيفا أن «التكتيكات والأطروحات ذات الشأن بهذه الخطة الموسوم تنفيذها باتت مكتملة، وإننا قد وفرنا الأسلحة والعتاد والرجال في سبيل إتمام العملية».

وتحدث قائد قوات المشاة في الجيش الإيراني، بحسب المصادر، عن استخدام البرمجيات الإلكترونية في التكتيكات العسكرية الإيرانية الجديدة، المتعلقة بأمور مراقبة حدود الدولة، بقوله إنه في الفترة ذاتها التي ستوجد فيه القوات الأمنية بالتزامن مع وجود قوات المشاة من الجيش، فإنهما سيستخدمان، في عملهما النوعي، تركيب خاص للتنسيق بين القوات المختلفة من خلال الاعتماد على التجهيزات الإلكترونية والقوات البشرية الخلاقة بغية القيام بما هو مطلوب منهما.

ويقول المعارضون إن مثل هذه التعزيزات الأمنية والعسكرية لا تهدف فقط لما يروج له النظام الإيراني من الاستعداد لأي مواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، ولكن كذلك لأجل تشديد قبضة النظام الحاكم على البلاد، خاصة بعد أن دعا قائد الثورة الإيرانية علي خامنئي قبل نحو أسبوعين الأجهزة الحكومية المعنية في السلطات الثلاث إلى «التصدي بحزم وقوة وجدية لأعداء أمن البلاد ووحدته ومعاقبة مثيري الفتن»، وطالب، عقب هجوم شنه مسلحون معارضون متشددون في مدينة زاهدان شرق البلاد، بقوله: «على الجماهير المؤمنة والمخلصة الحفاظ على هدوئها وبصيرتها وتجنب القيام بأي تحرك غير مدروس ومساعدة مسؤولي البلاد في أداء واجباتهم».

وأشارت مصادر المعارضة إلى أن السلطات الإيرانية شددت أيضا من إجراءاتها بحق المساجين داخل السجون، خاصة بعد محاولة اغتيال نجاد المزعومة، قائلة إن عشرات السجناء السياسيين في عدة سجون منها سجن «إيفين» في شمال إيران بدأوا إضرابا عن الطعام «تنديدا بالاستجوابات الوحشية والسب والعزل الانفرادي». ومن بين السجناء طلاب وصحافيون تم توقيفهم منذ مظاهرات الصيف الماضي المنددة بإعادة انتخاب نجاد رئيسا للبلاد.