وثيقة إسرائيلية على طاولة نتنياهو لإجهاض حق العودة للاجئين الفلسطينيين

أعدتها ثلاث باحثات قانونيات يمينيات

TT

طرحت ثلاث باحثات إسرائيليات في القانون الدولي دراسة جديدة ترمي إلى تسليح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«موقف علمي ومهني» ليستخدمه في المفاوضات الدائمة مع الفلسطينيين، بهدف إجهاض حق عودة اللاجئين.

وتقول الوثيقة إنه لا يوجد أساس قانوني في المطلب الفلسطيني الرسمي والشعبي لعودة اللاجئين. وتحذر الحكومة من القبول حتى «شكليا لحق العودة». وقالت إن أي قبول كهذا سيتيح لذرية اللاجئين الحالية والمستقبلية أن تطالب بهذه العودة. ولذلك «فلا يوجد أمام إسرائيل سوى رفض حق العودة بأي شكل من الأشكال».

وأعدت هذه الوثيقة البروفسورة روت جابنزون، والبروفسورة يافا زلبرشتاين، وكلتاهما مقربة من اليمين الإسرائيلي، الأولى رشحت من طرفه لتكون قاضية في المحكمة العليا، والثانية طرحت كمرشحة لمنصب مندوبة دائمة في الأمم المتحدة، أما الثالثة فهي مساعدة جابنزون في أبحاثها، الدكتورة نمرة غورن - أميتاي.

وقالت زلبرشتاين إن هذه الوثيقة هي مبادرة ذاتية للباحثات الثلاث، وضعنها في سبيل منع القيادة السياسية من تكبيل نفسها بتعهدات من شأنها أن تجر إسرائيل إلى مسلسل محاكم دولية جماهيرية تطالب بالعودة وتدمر إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية وتقضي على حق اليهود في تقرير المصير.

وتستند هذه الدراسة إلى ثلاثة أسس قانونية وسياسية وتاريخية، تفصلها زلبرشتاين على النحو التالي:

أولا: القانون الدولي منذ الاتفاق عليه لا ينص على العودة، بل بالعكس. ففي سنة 1948، عندما نشأت قضية اللاجئين، لم تكن العودة خيارا مطروحا حتى من الطرف العربي، وكان الاتجاه الأساسي هو الفصل بين الشعبين المتعاديين. وهذا الاتجاه هو السائد اليوم أيضا في العالم في التعامل مع قضايا اللجوء.

ثانيا: التاريخ يسجل نماذج كثيرة تبين أن عودة اللاجئين ليست حلا. ففي قبرص، نشأت قضية لاجئين يونانيين طردوا من بيوتهم سنة 1974. وقبل خمسة شهور انتهى البحث في هذه القضية، وحسمت الأمم المتحدة الموقف بالقول إن إعادة اللاجئين القبارصة اليونانيين إلى بيوتهم في شمال قبرص، وطرد الأتراك الذين يعيشون اليوم في تلك البيوت، غير واقعي ويزعزع الاستقرار القائم حاليا في الجزيرة. وأنه يجب إيجاد تسوية للصراع في الإطار السياسي وليس في إطار حق العودة. وهناك نموذج آخر من البلقان، حيث تقرر عدم إعادة اللاجئين إلى المناطق الملتهبة بالصراع. والسبب في هذا أن الفرقاء توصلوا إلى القناعة، بأن إعادة اللاجئين إلى مواقع الصراع تتسبب في إيجاد حلقة جديدة للصراع، وليس تسويته.

ثالثا: وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي أنشئت بعد حدوث مشكلة اللاجئين، عملت بشكل منهجي مخالف لمنطق التاريخ، عندما عززت وكرست اللجوء الفلسطيني. فقد ظلت تتعامل مع الفلسطينيين الذين استقروا في الأردن وغادروا مخيمات اللاجئين وحصلوا على جنسية أردنية، على أنهم لاجئون. واعتبرت لاجئين ليس فقط أولئك الذين رحلوا في سنة 1948، بل أيضا ذريتهم - الأولاد والأحفاد وأحفاد الأحفاد. وبسبب هذا التوجه تضاعف عدد اللاجئين من نصف مليون إلى أربعة ملايين ونصف المليون. وحتى «الإرهابيون»، الذين قتلوا مدنيين، وحسب القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة، فقدوا مكانتهم كلاجئين، لا تزال وكالة الغوث تتعامل معهم كلاجئين.

وتقول جابنزون إن ما ذكر أعلاه من حجج وغيرها، منع في الماضي ويمنع الفلسطينيين اليوم من طرح قضية اللاجئين أمام المحكمة الدولية لحقوق الإنسان، لأنه لا يوجد لها أي احتمال للنجاح.

وسئلت جابنزون، كباحثة في القانون تؤيد العدالة، كيف ترى تسوية قضية اللاجئين الفلسطينيين.. «فرغم كل شيء، توجد هنا قضية.. توجد معاناة».. فأجابت «هذه الدراسة لم تأت لتجاهل قضية اللاجئين ولا لدحضها أو رميها جانبا.. بل بالعكس. ففي اليسار وكذلك في اليمين الراديكالي في إسرائيل يؤيدون تسوية الصراع على أساس دولة واحدة للشعبين. وفي إطار دولة كهذه، لا يمكن حل قضية اللاجئين، لأن العرب سيصبحون بذلك أكثرية ساحقة، وهذا يعني نهاية الدولة اليهودية. الحل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما نراه نحن، هو على أساس دولتين للشعبين. وعندها، تحل قضية اللاجئين الفلسطينيين في إطار الدولة الفلسطينية. وتحل قضية اليهود في إطار الدولة اليهودية. في كل دولة منهما، يعيش المواطنون الذين يستطيعون أن يتماثلوا مع دولتهم. الدولة الفلسطينية بأكثرية فلسطينية (في حالة رغبة يهود في العيش فيها) والدولة اليهودية بأكثرية يهودية (باعتبار أن المواطنين العرب فيها سيبقون مواطنين)».