بغداد تعود إلى خريطة الملاحة الجوية الدولية.. ومسؤولو طيران: إنها وجهة مربحة

مطارها الدولي ينهض مجددا لكنه يعاني من الحراسة الأمنية المشددة ونقص التسهيلات.. والغلاء

مسافران ينتظران المرور عبر نقطة الجوازات في مطار بغداد الدولي (رويترز)
TT

تعود بغداد إلى خريطة خطوط الطيران الدولية بعد 20 عاما من العنف مع مجيء رجال أعمال تجذبهم فرص إبرام صفقات نفط بمليارات الدولارات في العراق. ومضت أيام الهبوط الخطير للطائرات في العراق الذي أطلق عليه التحليق الحلزوني المميت مع تراجع إراقة الدماء بعد حرب طائفية وصلت لأوجها في 2006 و2007 على الرغم من استمرار وقوع التفجيرات والهجمات الانتحارية بشكل منتظم في أنحاء العراق.

وحسب تقرير مفصل لوكالة رويترز، بدأ عدد من خطوط الطيران الأجنبية تسيير رحلات جوية إلى بغداد أو أعلن خططا لذلك في الشهور القليلة الماضية، بينما تعود الشركات ببطء إلى العراق بعد سبع سنوات من غزو قادته الولايات المتحدة للبلاد وبعدما جذبت عقود نفط ومشاريع بنية تحتية هذه الشركات.

وأفاد مسؤولو مطار بغداد بأن 12 شركة جوية، أغلبها عربية، تربط حتى الآن بغداد بلبنان وسورية وتركيا والبحرين والأردن وإيران ودول أخرى بالمنطقة. وآخر مقصدين انضما إلى القائمة هما مدينة جدة والعاصمة الإماراتية أبوظبي.

وصرح عدنان بليبل مدير عام المنشأة العامة للطيران المدني العراقية بأن شركة «لوفتهانزا» الألمانية تعتزم بدء رحلات جوية من ألمانيا اعتبارا من 30 سبتمبر (أيلول) المقبل بينما تجري السلطات محادثات أيضا مع «الخطوط الجوية النمساوية» وشركة «طيران الإمارات» وشركة جوية فرنسية. وقال وهو يوقع أوراقا في مكتبه بالمطار - حيث لا يتوقف الهاتف عن الرنين - «ستأتي شركة طيران أخرى من دبي أيضا».

وتتوقع السلطات العراقية مزيدا من النمو لذا تعتزم تجديد مبنى ثالث للمطار لم يكن يستخدم لأن العاصمة العراقية لم تكن تشهد حركة مرور جوي كبيرة لمدة 20 عاما بسبب عقوبات الأمم المتحدة والحروب والعنف الذي وقع منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد عام 2003.

ويقول مسؤولون جويون إن طرق بغداد الجوية من بين أكثر الطرق تحقيقا للربح في العالم. فمعظم الطائرات بيعت كل تذاكرها على الرغم من ارتفاع سعر التذكرة، فعلى سبيل المثال يصل سعر التذكرة الاقتصادية إلى العاصمة الأردنية عمان التي لا تبعد عن بغداد سوى نحو 800 كيلومتر إلى 800 دولار. ويمكن لشركات الطيران أيضا الاستفادة من المشكلات التي تواجهها شركة «الخطوط الجوية العراقية». وتريد الحكومة حل الشركة خلال ثلاث سنوات لتجنب مزاعم لها علاقة بالأصول من قبل الكويت، بسبب غزو الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للكويت نهاية عام 1990.

ولجذب المزيد من خطوط الطيران الدولية يتباهى مطار بغداد الدولي بوجود بعض أكثر إجراءات الفحص الأمني صرامة فيه لمنع السيارات الملغومة والهجمات الانتحارية. وقال بول جيلرت مدير أمن مبنى المطار «شركات الطيران هذه لها معايير أمنية صارمة للغاية. إنها لا تعمل في مطار ما لم تجر فحصا للتأكد من تلبية كافة متطلباتها». ويجب المرور بست نقاط تفتيش أولها على بعد أكثر من كيلومتر حيث يفتش حرس معهم كلاب كل سيارة ومسافر.

وأضاف جيلرت أنه لا يمكن لأي مسافر دخول مبنى المطار دون أن تكون بحوزته تذكرة سارية ووثائق سفر لذا يجب عليه توديع أقاربه خارج المبنى. وتعمل في المبنى شركة «جي فور إس» الأمنية التي يصل عدد طاقمها إلى نحو 700 شخص.

وانقطع العراق عن العالم بعدما غزا صدام الكويت في 1990 مما أدى إلى فرض عقوبات دولية عليه. وباستثناء «الخطوط الملكية الأردنية» التي كانت تسير رحلات إلى عمان فإن الحركة كانت قليلة في ما كان يعرف آنذاك وحتى 2003 باسم مطار صدام الدولي.

وعلى الرغم من مجيء شركات طيران للعمل في العراق فإنه لا يزال هناك مجال كبير لمجيء خطوط جوية أخرى. وتفيد المنشأة العامة للطيران المدني العراقية بأن نحو 165 ألف مسافر استخدموا المطار من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) 2009. وقال بليبل إنه سيتم تجديد المبنى الثالث لمطار بغداد حتى يسع كل مبنى للمطار لنحو 2.5 مليون راكب.

ويتباهى مسؤولون بأن المطار لا يتضرر إلى حد كبير من العنف الذي شاب العراق منذ الغزو لكن لهذا الأمر سعر أيضا فالعديد من المسافرين يشعرون بالتعب حتى يصلوا إلى طائراتهم، بعد التفتيش والمزيد من التفتيش. وقال رضا ميري وهو رجل أعمال إيراني يبلغ من العمر 33 عاما أثناء انتظاره لحين الانتهاء من الإجراءات اللازمة قبل الصعود على متن الطائرة التي ستقله إلى طهران «إذا حسبت الوقت الذي قضيته في المجيء إلى المطار والمرور بنقاط التفتيش فسيتساوى مع الوقت اللازم للوصول إلى إيران».

وبني مطار بغداد الدولي في أوائل الثمانينات من القرن الماضي ولم يشهد تجديدا، مثله في ذلك مثل معظم المباني العامة والطرق والفنادق في العراق بعد حروب عدة وأكثر من عقد من العقوبات الدولية. وما زال القادمون إلى العراق يجدون أنفسهم أمام أكشاك هواتف بلا هواتف وعلامات على الطريق تشير إلى ملاجئ للحماية من الغارات الجوية. ومعظم جسور نقل الأمتعة لا تعمل وتتوقف الطائرات بعيدا عن صالات وصول الركاب الذين ينتظرون أحيانا لما يصل إلى ساعة لاستلام حقائبهم.

وقال أبو ياسر وهو عراقي يبلغ من العمر 37 عاما كان مسافرا إلى طهران «لم يتغير شيء فالزخارف كما هي والأثاث كما هو لكن نظام تكييف الهواء أصبح أفضل عما كان عليه في الماضي.. لا أعتقد أنهم جددوا أي شيء».

ومن بين التجديدات الأخيرة تم فتح سوق حرة كما تشير علامات في المطار إلى وجود مطاعم فاخرة. وقال مسافر عراقي يدعى محسن راضي (65 عاما) «يصل سعر كوب شاي صغير إلى 90 سنتا، لا نأكل هناك لكن نجلب معنا طعاما من المنزل».

ويشكو فاضل أبو محمد مساعد مدير أحد المطاعم في المطار من الإجراءات الأمنية التي منعت أفضل زبائنه من دخول مبنى المطار، وهم الجنود الأميركيون في قواعد قريبة، الذين كانوا يحضرون لتناول وجبة ليلا. وقال «كنا نبقي المطعم مفتوحا لساعات متأخرة من الليل تصل في بعض الأحيان إلى الرابعة فجرا».