زوجة أحد المبعدين لـ «الشرق الأوسط» لا نريدهم أن يعودوا محمولين على الأكتاف مثل زوجي

فقدت زوجها المبعد عبد الله داود وأطلقت حملة «أعيدوا المبعدين أحياء»

TT

حين عاد جثمان المبعد عبد الله داود (48 عاما) إلى نابلس أواخر مارس (آذار) الماضي، وقف ابنه يوسف (13 عاما) أمام الجثمان وقال: «المهم أنه عاد». لكن رفاق داود الـ38 الذين أبعدتهم إسرائيل معه إلى غزة ودول أوروبية بعد حصار كنيسة المهد الشهير في عام 2002، لا يتمنون عودة مماثلة محمولين على أكتاف الأحبة والرفاق.

ولهذا أطلقوا حملة «عودة المبعدين أحياء» التي ترأستها زوجة داود نفسه، كفاح حرب، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إن هدفها هو «عودة جميع المبعدين لأرضهم أحياء يرزقون بعد معاناة 8 سنوات».

والشهر الماضي تشكلت الحملة الوطنية لعودة المبعدين أحياء، وقال بيان الحملة إنها تهدف إلى الضغط على كل المستويات الرسمية المحلية والإقليمية والدولية من أجل ضمان عودة 38 مناضلا فلسطينيا تم إبعادهم في عام 2002 إثر حصار كنيسة المهد من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في حرب السور الواقي، التي شنت على المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية بقيادة آرييل شارون رئيس وزراء الاحتلال آنذاك.

وأمس التقت حرب بأهالي المبعدين في بيت لحم وأعلنت انطلاق الحملة. وتخطط حرب لبدء تحرك شعبي، وقالت: «هناك تقصير جماهيري وإعلامي، يجب الضغط على المستوى الرسمي بشكل أكبر، ونحن نريد الآن أن نحرك المسألة من جديد». وأضافت: «نريد إثارة هذه القضية بجميع جوانبها مع مؤسسات دولية سياسية وقانونية وإنسانية».

وعودة داود مسجى حركت مشاعر القلق عند أهالي المبعدين، لكن زوجته حرب، التي اكتوت بنار الفرقة ومن ثم الوداع مبكرا، قالت إن مصير زوجها ليس مصيرا حتميا لرفاقه، «لا يجب أن يعودوا محمولين على الأكتاف مثل زوجي، نريدهم هنا أحياء».

ومن بين الأهداف التي تسعى الحملة إليها، كشف تفاصيل الاتفاق الذي تم بين السلطة وإسرائيل في مايو (أيار) عام 2000 أثناء محاصرة كنيسة المهد، وعلى إثرها تمت الصفقة الكبيرة، صفقة الإبعاد وإنهاء الحصار والانسحاب من بيت لحم. وقالت حرب: «نريد أن نعرف ما هي تفاصيل هذا الاتفاق وبناء عليه سنعرف بأي اتجاه سنتحرك».

ولا أحد من المبعدين يعرف على ماذا تم الاتفاق، وقال المبعد إلى غزة فهمي كنعان، لـ«الشرق الأوسط»: «سألنا مرارا ولا أحد يجيب، لكن هناك من قال لنا إنه لا يوجد اتفاق مكتوب، وإنما شفوي، ولم نستطع التأكد من الأمر».

وعقد الاتفاق عن الجانب الفلسطيني في ذلك الوقت محمد سلام المستشار الاقتصادي للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وظل الاتفاق الذي وافق عليه جميع المبعدين دون أن يطلعوا على تفاصليه طي الكتمان.

وأبعدت إسرائيل 26 محاصرا إلى غزة و13 بينهم داود إلى دول أوروبية، لكن داود الذي أبعد إلى إسبانيا انتقل للعمل في سفارة فلسطين في الجزائر، وهناك قضى في المستشفى العسكري بالعاصمة الجزائرية بعد أن أُخضع لعملية جراحية إثر تعرضه لنزيف في القلب وانفجار في الشريان التاجي. ولم تكن هذه أول مرة يبعد فيها داود، فقد جرب ذلك أوائل تسعينات القرن الماضي، بعد حصار الجيش الإسرائيلي لجامعة النجاح الوطنية، وعاد بعدها إلى فلسطين بعد اتفاق أوسلو.

وكان المبعدون أرسلوا رسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد رحيل داود، قالوا له فيها إنهم يريدون العودة إلى بيت لحم على أرجلهم لا في توابيت. لكن لم يصل أي رد إلى المبعدين، وقال كنعان: «لقد حاول الرئيس إنهاء الملف، وفي مراحل مختلفة أبلغونا بأن عودتنا قريبة، وفي مرة قالوا لنا أن نحزم الحقائب خلال أسبوع، لكن لم يتغير شيء».

ولم تستجب إسرائيل لطلبات الرئيس الفلسطيني أثناء المفاوضات السابقة، وطالما طلب أبو مازن من رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت إغلاق هذا الملف، وقد تلقى وعودا بذلك دون أن تنفذ.

وطالبت حرب الاتحاد الأوروبي بصفته الراعي لصفقة الإبعاد بتحمل مسؤولياته اتجاه المبعدين من خلال الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء هذا الملف. وكانت آخر أمنيات داود أن يزور قبر أمه في مخيم بلاطة بنابلس حيث وافتها المنية دون أن يودعها، وطالما قال عبر وسائل إعلام: «نفسي أكون بجنب قبر أمي».