المالكي وبارزاني يتفقان في أربيل على «خارطة طريق» لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة

رئيس حكومة كردستان لـ «الشرق الأوسط»: آن الأوان للتحرك الجدي

TT

وصل رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، يوم أمس (الأحد)، إلى إقليم كردستان، للقاء رئيسه، مسعود بارزاني، في إطار المشاورات الجارية حاليا بين الزعماء السياسيين العراقيين، لتفعيل الجهود السياسية لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، قبل انسحاب القوات الأميركية في العراق بحلول نهاية الشهر الحالي.

ووصف برهم صالح، رئيس حكومة كردستان، في تصريحات عبر الهاتف لـ«الشرق الأوسط» المحادثات بأنها كانت «مهمة».

وفي اجتماع عقد بين الجانبين، تركزت المحادثات حول ما وصفه بارزاني والمالكي بـ«خارطة طريق» تستند على تحقيق مبدأ الشراكة بين جميع القوى السياسية العراقية، وأكدا أنهما سيتحركان بموجب تلك الخارطة على بقية القوى والكتل العراقية في المرحلة المقبلة، لإجراء حوارات معمقة بشأنها.

وفي مؤتمر صحافي مشترك بين بارزاني والمالكي حضرته «الشرق الأوسط» أكد رئيس الإقليم أن زيارة رئيس الوزراء العراقي هي خطوة مهمة جدا في إطار المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة، وستعطي دفعة قوية للمفاوضات المتعددة الجوانب التي تجري في بغداد بهذا الصدد، مشيرا إلى أن المباحثات استندت على المصلحة العليا للعراق، و«اتفقنا على خارطة طريق تهدف إلى جمع كلمة الأطراف العراقية، وسنتحرك بموجب تلك الخارطة على بقية القوى العراقية من أجل إنقاذ البلد من المأزق الحالي، ونعتقد أن زيارة الأخ المالكي ستكون بداية لانفراج هذه الأزمة».

من جهته، شدد المالكي على الأجواء الإيجابية التي سادت الاجتماع، مشيرا إلى «العلاقات الإيجابية التي تستند إلى تاريخ طويل ومشترك من النضال ضد الديكتاتورية، التي تؤسس لجهودنا المشتركة لبناء الدولة العراقية ومواجهة التحديات»، مضيفا: أن «هذه الزيارة جاءت استجابة لضرورة تقتضيها المرحلة الراهنة التي يمر بها العراق، وهي مرحلة تشكيل الحكومة الجديدة، ولذلك يمكننا وصف اللقاء مع الأخ بارزاني بأنه كان لقاء تاريخيا ومهما في هذا الإطار، وكان حوارنا مع سيادته وديا وإيجابيا ومتفهما، أستطيع القول إنه سيؤسس لاستراتيجية العمل المشترك، ليس من أجل الخروج من الأزمة الراهنة، بل ستستمر لبناء أسس الدولة الدستورية الديمقراطية». وقال المالكي: «إن جهود بناء الدولة الدستورية تحتاج إلى تعاون الجميع، ونحن آمنا سلفا بضرورة الشراكة وتوزيع المسؤوليات والصلاحيات، وأن تتحمل كل الأطراف مسؤوليتها، فمن حق الجميع أن يكونوا شركاء في إدارة شؤون الدولة، لذلك سنتحرك سوية، إن شاء الله، على جميع شركائنا في العملية السياسية لتنفيذ تلك الخارطة، ووضع الآلية التي تحقق المزيد من الأمن والاستقرار ومواجهة التحديات، ونحن على ثقة كاملة بأننا سنستطيع تجاوز هذه المرحلة بروح الأخوة والعمل المشترك».

وردا على سؤال من «الشرق الأوسط» حول مدى جاهزية القوات العراقية لتحمل المسؤولية الأمنية، في حال استمرار أزمة تشكيل الحكومة إلى ما بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق، بحلول نهاية الشهر الحالي، أجاب المالكي: «أولا أود أن أشير إلى أننا نقترب من إنهاء أزمة الحكومة، وإن شاء الله لن تتأخر أكثر من ذلك، وثانيا الملف الأمني أصبح بيد القوات الأمنية العراقية منذ ما يقرب من سنة، فالإدارة الكاملة للملف الأمني هي الآن بيد قواتنا الأمنية التي تطورت مهنيا وعدديا وكفاءة، وأنا أريد هنا أن أطمئن الجميع بأنه لا خوف على الوضع الأمني في البلاد بعد انسحاب القوات الأميركية، وهذه القوات في حد ذاتها أصبحت مطمئنة إلى قدرة وكفاءة القوات العراقية، وحتى لو تأخر تشكيل الحكومة لبعض الوقت، لا سمح الله، فإن هذا الأمر لن يؤثر على جاهزية القوات الأمنية للقيام بدورها، وستستمر في أداء مسؤولياتها التي تستند على القانون والدستور».

وكشف المالكي أثناء المؤتمر الصحافي أن المادة 140 من الدستور حول كركوك والمناطق المتنازع عليها الأخرى هي مادة دستورية، لا أحد يستطيع أن يوقف تنفيذها، وقال: «في المحادثات التي أجريناها اليوم (أمس) مع الجانب الكردي، لم يطرح موضوع المادة 140، ولم يتحدث أحد عن توقفها، فالمادة 140 لا يستطيع أحد أن يوقف تنفيذها لأنها مادة دستورية، وهي غير متوقفة حاليا، فهناك لجنة تشرف على تنفيذها، وخصصت لها الأموال، وستستمر عملية التنفيذ، وبشكلها الدستوري الذي سيكون ملزما للجميع، فعلى الذين يتحدثون عن الدستور الالتزام بتنفيذ هذه المادة؛ لأنها مادة من الدستور».

إلى ذلك وصف رئيس حكومة إقليم كردستان المحادثات بـ«المهمة»، منوها بأنه «آن الأوان للتحرك الجدي باتجاه تشكيل الحكومة التي يجب أن تعبر عن إرادة الناخب العراقي». وقال صالح إن «هذه الحوارات تشكل آليات تمكننا من تجاوز عنق الزجاجة، لا سيما أن العراق مهدد بمخاطر جمة، فما حدث في البصرة أمس (أول من أمس)، وقبلها في الأنبار من عمليات إرهابية خطيرة، يضع الكل أمام مسؤوليات كبرى». وحول تأخير تشكيل الحكومة، قال رئيس حكومة إقليم كردستان، إن «هذه الوضعية استمرت أكثر مما هو مسموح به دستوريا وسياسيا، وحتى من جهة احترام المواطن العراقي وإرادته»، آملا في أن «تتصاعد وتيرة الحوارات واللقاءات بين الزعماء السياسيين، بما يساعد على حل الأزمة السياسية، ويدفع باتجاه تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة، تنتشل العراق من أزمته السياسية». وعما إذا كان الحل سيأتي الحل من أربيل من خلال المساهمة في إجراء الحوارات بين القادة السياسيين، قال صالح: إن «أربيل هي جزء من الحل، وليست جزءا من الأزمة، وأداء السياسيين الأكراد طيلة الفترة الماضية والحالية أثبت حرص قيادة إقليم كردستان على إيجاد حل متوازن لتشكيل حكومة شراكة وطنية لا تستبعد أو تهمش أي مكون من المكونات الأساسية العراقية، وبعيدا عن الاستقطاب الحاصل ببغداد»، مشيرا إلى أن «أربيل قادرة على أن تلعب دورا أكثر فاعلية في حل الأزمة، فما يهدد العراق يهدد بالتأكيد إقليم كردستان، باعتبارنا جزءا من هذا الوطن الكبير».

وشخص صالح، رئيس حكومة كردستان، الفراغ السياسي «الحاصل في بغداد، بأنه يعني المزيد من الاختراقات الأمنية والضحية المباشرة هم الأبرياء من أبناء شعبنا، فالمخاطر التي تحيط بالبصرة والرمادي وكربلاء وبغداد سوف تنعكس على مدن إقليم كردستان»، منوها بأنه «من واجبنا جمع الفرقاء، وحل الخلافات، وعدم تعميقها، إذ إن هناك ضرورة ملحة للإسراع بتشكيل الحكومة، ونؤكد على أن تكون حكومة لا تقصي أو تستثني القوى الرئيسية في البلد».