السلطات السودانية تعلق خدمة لهيئة الإذاعة البريطانية ابتداء من أمس

متمردو دارفور يدعون الأمم المتحدة للتدخل في الإقليم وفرض برنامج «النفط مقابل الغذاء»

شباب سودانيون يتظاهرون في جوبا عاصمة جنوب السودان تأييدا للاستفتاء على الانفصال
TT

أعلنت الحكومة السودانية تعليق اتفاقية موقعة بين هيئة الإذاعة البريطانية والهيئة القومية للإذاعة ابتداء من يوم أمس بعد أن اتهمت الخرطوم «بي بي سي» بالقيام بأفعال تخالف نصوص الاتفاقية وانتهاك حرمة القوانين الوطنية. إلى ذلك، دعت حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف ما سمته انتهاكات ضد النازحين، وتأمين وصول الإغاثة للمحتاجين، واقترحت فرض برنامج «النفط مقابل الغذاء».

وأعلنت السلطات السودانية إيقاف خدمة هيئة الإذاعة البريطانية على الموجات القصيرة في السودان ابتداء من يوم أمس. وأشارت وزارة الإعلام في بيان صحافي إلى أن «أسباب الإيقاف لا تتعلق إطلاقا بالخدمة الخبرية التي تقدمها «(بي بي سي) في السودان». وأكدت أن «باب التعامل سيظل مفتوحا لتدارك ما وقع من أخطاء أملا في أن يتم التعامل في إطار اتفاقية حكومية تحدد الالتزامات وتتوفر فيها فرص التعامل بالمثل ومراعاة قواعد ونظم العلاقات الدولية في مثل هذه الحالات».

ووجهت الخرطوم اتهامات للإذاعة التي يستمع إليها قرابة 5 ملايين سوداني، بالقيام بأفعال «ضد القانون» وعدد البيان الأفعال التي أقدمت عليها «بي بي سي» التي تخالف نصوص الاتفاقية، وقالت إن هيئة الإذاعة البريطانية قامت بإدخال أجهزة ومعدات بث تلفزيوني مباشر «SNG» عن طريق الحقيبة الدبلوماسية للسفارة البريطانية بالخرطوم بطريقة غير شرعية. كما قام أحد أجهزة هيئة الإذاعة وهو «بي بي سي Trusr» بنشاط إعلامي في السودان قبل الحصول على الموافقة النهائية ومن دون توقيع الاتفاق التنفيذي مع الوزارة الذي ينص عليه القانون. وشملت المخالفات بث إذاعة «بي بي سي» خدمة من مدينة جوبا من دون الحصول على إذن وموافقة الحكومة المركزية على الرغم من علم «بي بي سي» بأنه لا يجوز الانتقال لأي مدينة في السودان من دون موافقة الجهة المرخصة.

إلى ذلك، قال الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة أحمد حسين إن حركته تأخذ تهديدات وتصريحات البشير على مأخذ الجد. وكان الرئيس البشير قد هدد المنظمات الدولية العاملة في الإغاثة بدارفور بطردها بعد أن فوض ولاة الولايات بالقيام بالمهمة من دون الرجوع إليه. واعتبر حسين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» تصريحات البشير «إعلانا للمرحلة الثانية من جريمة الإبادة الجماعية» بعد أن اتهم الرئيس السوداني ببداية المرحلة الأولى قبل سبع سنوات. وحذر حسين المسؤولين الحكوميين السودانيين وولاة دارفور من مغبة الاستمرار في ما اعتبره جرائم، قائلا: «ذراع العدالة والثورة طويلة»، وناشد مجلس الأمن الدولي بالتدخل الفوري لوقف الانتهاكات ضد النازحين، وتأمين وصول الإغاثة للمحتاجين، وطالب مجلس الأمن بعقد جلسة خاصة لبحث الأوضاع في المعسكرات، وفرض برنامج «النفط مقابل الغذاء» لتأمين «غوث وإعانة أهلنا المتأثرين بالنزاع».

من جهة أخرى، وصف رئيس مفوضية التقويم والتقدير لاتفاق السلام الشامل صورة السلام في السودان بأنها «قاتمة» في وقت حذرت فيه الحركة الشعبية من مغبة عرقلة إجراء استفتاء على تقرير المصير لشعب جنوب السودان، ولوحت الحركة باللجوء إلى «آليات أخرى» بما في ذلك إعلان الاستقلال من داخل برلمان الجنوب. في حين بدأ شريكا الحكم في السودان جولة من مفاوضات ترتيبات ما بعد الاستفتاء شملت أربعة محاور أساسية ترتبط بمصير علاقة الشمال والجنوب.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن مفاوضي «الحركة الشعبية» و«المؤتمر الوطني» دخلوا بالخرطوم أمس في جولة من المفاوضات حول قضايا ما بعد استفتاء الجنوبيين على تقرير مصيرهم. وأشارت المصادر إلى أن الشريكين قسما المفاوضين إلى لجان تناقش المواطنة والجنسية والممتلكات والخدمة المدنية والأمن ومصير القوات المشتركة والمخابرات والموارد الطبيعة والمسائل المالية والاقتصادية والديون الخارجية والأصول والمعاهدات الدولية. وكان الشريكان قد أجريا مفاوضات سابقة في إثيوبيا والخرطوم وجوبا. وترتبط القضايا بعلاقات الشمال والجنوب حال تصويت الجنوبيين لصالح الانفصال وقيام دولة مستقلة. في غضون ذلك، قال رئيس مفوضية التقويم والتقدير لاتفاق السلام الشامل إن الصورة قاتمة لما تبقى من اتفاقية السلام وهناك صعوبات يتعين العمل على تجاوزها، وشدد في ندوة «منبر الدبلوماسية الشعبية» لمجلس الصداقة الشعبية والجمعية السودانية للأمم المتحدة في النادي الدبلوماسي أمس، على أنه ينبغي للشريكين إكمال ما تبقى من الاتفاقية وإجراء الاستفتاء في مواعيده حسب الجدول الزمني للاتفاق، وقال إن من التحديات ترسيم الحدود وتكوين مفوضية أبيي، مشيرا إلى أن الفترة المتبقية من الاستفتاء هي 154 يوما «ولا توجد مرونة في ما تبقى، ولا خارطة طريق»، داعيا إلى التحضير الجيد للاستفتاء.