مفتش عام شرطة البوليساريو يزور المغرب وتندوف للدفاع عن فكرة الحوار

ولد سلمى في ندوة صحافية بالسمارة: الأمور في المغرب ليست مثالية لكنها ليست سيئة

TT

قال قيادي يشغل منصبا رفيعا في جبهة البوليساريو إنه سيعود إلى مقر قيادة البوليساريو بعد أن زار المغرب، في سابقة من نوعها، ليدافع عن وجهة نظره حول ضرورة إجراء حوار بين الصحراويين من الجانبين لإيجاد تسوية للنزاع. وأعلن مصطفى ولد سلمى ولد سيدي مولود، المفتش العام للشرطة في مقر قيادة البوليساريو في تندوف، تأييده لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء معتبرا أنه الحل الأفضل الذي يضمن للصحراويين تحقيق مطامحهم.

وقال ولد سلمى إن على الصحراويين من المعسكرين، الموالين للمغرب والموالين للبوليساريو، أن يجلسوا معا ويفكروا في مصلحتهم، بعيدا عن أية أجندة إقليمية أو دولية وباستقلال عنها. وأضاف: «يجب أن لا نظل ننتظر أن تجد إسبانيا أو الجزائر أو فرنسا أو المغرب أو أميركا مصلحتها لنصل إلى حل».

ويرى ولد سلمى أن على الصحراويين تغيير نظرتهم بعضهم إلى بعض وتطوير تفكيرهم، وقال: «لن نصل إلى أي شيء إذا بقي بعضنا ينظر إلى البعض الآخر على أنهم خونة أو مرتزقة. فلكل شخص في المخيمات في تندوف أقارب وإخوة في المحافظات الصحراوية جنوب المغرب، مثلما لكل المقيمين في المحافظات الصحراوية أقارب في المخيمات. غير أن الظروف التي عشناها، والتراكمات تجعل التواصل بيننا صعبا، لذلك علينا أن نجتمع كصحراويين ونناقش مصيرنا معا باستقلال عن أي طرف».

وأضاف ولد سلمى أن المكان الوحيد الذي يجب أن يتم فيه هذا التلاقي هو المحافظات الصحراوية، وقال: «حيثما ذهبنا فسنكون في أراضي الآخرين، باستثناء هذا المربع فهو أرضنا».

وأدلى ولد سلمى بهذه التصريحات خلال ندوة صحافية في السمارة، إحدى المحافظات الصحراوية جنوب المغرب، حيث جاءت في إطار برنامج تبادل الزيارات بين سكان المحافظات الصحراوية وسكان مخيمات تندوف. وقال ولد سلمى إن زيارته للمغرب غيرت نظرته وتصوره للأشياء. وأضاف: «خلال ثلاثة أشهر طفت بالمغرب ولم يسألني أحد عن هويتي وأوراقي الثبوتية، ولم يسجل اسمي عند دخول أية مدينة أو الخروج منها. وفاجئني ذلك كثيرا، لأن ما لاحظته هو أن المغرب مختلف تماما عن الصورة التي تقدمها عنه وسائل إعلام للبوليساريو، التي تصوره على أنه دولة بوليسية».

وسرد مصطفى ولد سلمى، وهو ابن الشيخ سلمى ولد سيدي مولود، أحد كبار شيوخ قبيلة الركيبات الصحراوية، وشيخ تحديد الهوية في المناطق الجنوبية للمغرب، قصته فقال إنه اختطف من مدينة السمارة مع أمه وأربعة من إخوته، خلال غارة للبوليساريو عام 1979، التي جرح خلالها والده وماتت اثنتان من شقيقاته. ونقل إلى مخيمات تندوف، وعمره لا يتجاوز تسع سنوات، حيث تابع دراسته الابتدائية في مدرسة شبه عسكرية. وبعد دراسات إعدادية في ليبيا عاد إلى الجزائر حيث تابع دراسته الجامعية. وحصل على الماجستير في العلوم الفيزيائية، ثم شهادة من المدرسة العليا للشرطة، وتقلد عدة مسؤوليات أمنية داخل البوليساريو، آخرها مدير مركزي للأمن العام والتحقيقات ثم أمينا عاما للشرطة، قبل أن يصبح مفتشا عاما لشرطة للبوليساريو.

وأشار ولد سلمى أن المواقف التي صرح بها تعبر عن موقفه الشخصي، وأنه يعتزم العودة خلال الأيام القليلة المقبلة إلى مخيمات تندوف، وطرح مواقفه للمناقشة. وحول رد الفعل الذي يتوقعه من قيادة البوليساريو بعد عودته وطرحه لمواقفه الجديدة، قال ولد سلمى مبتسما: «كنا ننتقد المغرب على أنه غير ديمقراطي. الآن حان الوقت لاختبار الديمقراطية في الطرف الآخر». وأضاف ولد سلمى أن مركزه في القبيلة، بالإضافة إلى مسؤوليته كرب أسرة تضم أربعة أبناء، وأمه التي تعيش هناك، كلها عوامل تحتم عليه العودة إلى المخيمات.

ووجه ولد سلمى انتقادات لاذعة لقيادة البوليساريو التي وصفها بأنها معزولة شعبيا وتحتكر القرار. وقال: «هناك مجموعة قليلة من الأشخاص الذين يحتكرون القرار في البوليساريو. والأغلبية الساحقة للقياديين مجرد موظفين». كما أشار إلى استمرار هيمنة نظام الحزب الوحيد والرأي الوحيد في مخيمات تندوف. وقال: «لدينا القيادة نفسها منذ أواسط السبعينات. ونحن في المخيمات في مكان وسط الصحراء نعيش في عزلة عن العالم، لا تصلنا وسائل الإعلام ما عدا التلفزيون الرسمي للبوليساريو الذي لم ينطلق إلا في 1995. ووسيلة الإعلام الوحيدة التي كانت متوفرة هي النشرة السياسية لجبهة للبوليساريو، التي تنقل لنا وجهة نظر أحادية». وأضاف أن مخيمات تندوف تعول بشكل كلي على المساعدات الدولية، التي تحتكرها القيادة ولا يصل منها إلى الشعب سوى بعض القوت.

وأضاف ولد سلمى: «الأمور ليست مثالية في المغرب، ولكنها ليست سيئة. وهناك تطور كبير وباهر. والمغرب يتجه اليوم بفضل قضية الصحراء نحو الجهوية الموسعة. وهي شيء جيد. والاستقلال الذاتي للصحراء سيجد فيه الصحراويون أنفسهم، وسيمنحهم فرصة تطوير ثقافتهم، بالإضافة إلى ذلك الهامش من الحرية والتميز الذي لم يسبق أن تضمنته أي واحدة من المبادرات والأطروحات السابقة التي كانت تضعنا أمام خياري الانفصال أو الاندماج في المغرب». وقال ولد سلمى: «نحن مجموعة بشرية صغيرة، لن نتجاوز في أقصى تقدير 200 ألف شخص، وهو رقم أقل من الجيش الجزائري. وبالتالي سنظل معرضين لكثير من الأخطار ولن نستطيع حماية أنفسنا في حالة تشكيل كيان منفصل».