نتنياهو يلقي على باراك مسؤولية الهجوم الدامي على «أسطول الحرية»

شهادته أمام لجنة التحقيق الإسرائيلية تثير الترقب لما سيقوله باراك وأشكنازي

TT

حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس التهرب من مسؤوليته عن الهجوم الدامي على «أسطول الحرية» ونتائجه المأساوية، وحمل المسؤولية الأساسية إلى نائبه وزير الدفاع، إيهود باراك، وبقية الوزراء في حكومته. وقال أمام لجنة التدقيق الحكومية حول الموضوع، إن الجيش هو الذي قرر كيفية السيطرة على سفن الأسطول، وإنه شخصيا كان خلال الهجوم في كندا وكان يستعد لاجتماع بالغ الحساسية مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما. ولذلك ترك تخويلا رسميا للوزير باراك بأن يكون العنوان الأول لهذه القضية وأن يستعين بمن يشاء من الوزراء إن أراد ذلك، بمن فيهم رئيس الوزراء.

وكانت لجنة التدقيق الحكومية التي عينها نتنياهو بنفسه للتحقيق في الهجوم الدامي على «أسطول الحرية»، وخصوصا على سفينة «مرمرة» التركية التي سقط تسعة من ركابها الأتراك قتلى برصاص الجيش الإسرائيلي وجرح خمسون، قد عقدت أمس أولى جلسات التحقيق. وتم اختيار نتنياهو كأول شاهد يدلي بإفادته، من منطلق إعطائها وزنا وبث الشعور إلى العالم بأنها جدية. واستهل نتنياهو إفادته بتصريح شامل لخص فيه موقفه. وبدا واضحا أنه جاء جاهزا من الناحية القضائية والإعلامية لهذه الإفادة، وتبين لاحقا أنه كان قد جلس مع مستشارين قضائيين وإعلاميين قبل المثول أمام اللجنة.

وأوضح نتنياهو أن جميع الوزراء في الحكومة الإسرائيلية أكدوا أنهم يدركون أن السيطرة على الأسطول سيتسبب في إحراج لإسرائيل أمام العالم وربما يلحق أضرارا بسمعة إسرائيل في الخارج، ومع ذلك فقد قرروا بالإجماع التصدي للأسطول وعدم السماح بكسر حصار قطاع غزة. وفسر هذا الموقف على أنه موقف استراتيجي، لأن حماس «التي انقلبت حتى على الشرعية الفلسطينية، جعلت من نفسها أداة في أيدي إيران وحولت قطاع غزة البائس إلى جبهة متقدمة للإيرانيين، وكان لا بد من الحصار حتى نمنع تهريب أكبر قدر ممكن من الصواريخ وغيرها من الأسلحة إليها، وهذه الأسلحة موجهة إلى إسرائيل وأيضا إلى صدور فلسطينيين من خصومهم».

وحرص نتنياهو، على ألا يبدو كمن يوجه سهامه إلى الآخرين فحسب، وقال إنه لا يتهرب من المسؤولية «فأنا رئيس الحكومة وأعتبر المسؤول الأول عن كل شيء». ولكنه قال إن المسؤولية المباشرة عن القرار كانت لوزير دفاعه باراك. والمسؤولية المباشرة عن شكل عملية السيطرة، كانت كما جرت العادة في أيدي الجيش الإسرائيلي. وهنا راح يوضح أنه لا يوجه أي انتقاد للجيش، بل إنه يعتقد أن الجنود نفذوا مهمتهم ببطولة خارقة وعملوا كل ما في وسعهم لكي لا تسقط ضحايا، وأن «الإصابات المؤسفة» التي وقعت، كانت الحد الأدنى الممكن توقعه إزاء الخطر الذي واجهه الجنود على حياتهم.

وخوفا من اتهامه بالبقاء خارج البلاد خلال عملية حساسة كهذه، قال إنه اضطر إلى السفر لأن هناك قضايا حساسة جدا كان عليه بحثها بشكل عاجل مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لا يستطيع إعطاء تفاصيل عنها في الجلسة العلنية للجنة، ووعد بالحديث عنها خلال الجلسة السرية. ولكنه أضاف أنه، في نهاية المطاف وبعد أن مات أشخاص من ركاب السفينة، هرع عائدا إلى إسرائيل وأجل لقاءه مع أوباما.

وكشف نتنياهو عن أن حكومته لم تدرس الأبعاد الاستراتيجية لهذا الهجوم، وبحثت فقط في التبعات الإعلامية لقرار الهجوم ونتائجه. وفسر ذلك بالقول إن الجانب الاستراتيجي ترك للجيش ومؤسساته المعنية.

وقد ووجهت هذه الإفادة بانتقادات واسعة من الإسرائيليين، فاعتبرها حزب «قديما» محاولة للتهرب من المسؤولية بشكل مطلق، وإلقائها على وزير الدفاع وعلى الجيش. وقال محرر الشؤون القضائية في الإذاعة الإسرائيلية الرسمية، إن رئيس الوزراء يسخر من عقول الناس، «ففي الأمور العلنية يلقي بعبء التهمة عن كاهله ويقذف بها في كل الاتجاهات، وفي الأمور السرية يقول ما يريد أمام مراقبين أجنبيين يثق بهما أكثر من ثقته بالجمهور الإسرائيلي»، ولخص إفادة نتنياهو بأنها كانت مشينة.