الجدل حول نزع الجنسية من الأجانب يستعر في فرنسا

وزير الصناعة: على الأجانب الاختيار بين أن يكونوا فرنسيين أو رعاعا

TT

من بين وزراء حكومة فرنسوا فيون، ثلاثة اختاروا البقاء في الساحة الإعلامية بينما زملاؤهم يستجمون في المنتجعات في فرنسا أو خارجها. وبقاء هؤلاء الثلاثة ليس محض صدفة بل لأن اثنين منهم هما الأقرب للرئيس نيكولا ساركوزي: وزير الداخلية بريس هورتفو ووزير الصناعة كريستيان أستروزي. أما الثالث وهو إريك بيسون، وزير الهوية الوطنية وشؤون الهجرة، فهو بالأساس اشتراكي. لكن ساركوزي استماله وأعطاه حقيبة وزراية بالغة الحساسية وأرسله إلى معركة المواجهة على جبهة الهجرة وبمواجهة المهاجرين. ودأب بيسون على «المزايدة» ليكسب تقدير الرئيس الذي أوكل إليه أن يفتح النقاش، قبيل الانتخابات الإقليمية الماضية، حول موضوع الهوية الوطنية ومكوناتها. وفهم المهاجرون ذلك على أنه رغبة في «إقصائهم» خصوصا المسلمين منهم.

ومنذ أن قرر ساركوزي، بعد فضائح ثرية فرنسا الأولى ليليان بيتنكور ووزير العمل الحالي والمالية السابق إريك فيرت وبعد تدهور شعبيته وتفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وازدياد النقمة وتراجع شعبيته وشعبية الحكومة واليمين بشكل عام، أن يفتح الملف الأمني وملف الهجرة، «قفز» هؤلاء الثلاثة إلى الواجهة وما زالوا في الخطوط الأمامية رغم أن الرئاسة والحكومة دخلتا موسم العطلة الصيفية التي ستمتد إلى الخامس والعشرين من الشهر الجاري.

وقبل أن ينتقل ساركوزي إلى ضفاف المتوسط، ألقى خطابا في مدينة غرونوبل، التي شهدت قبل أيام أحداث عنف، فجر فيه قنبلة مدوية بإعلانه أنه يريد قانونا يحرم بموجبه الأجانب الحاصلين على الجنسية الفرنسية من جنسيتهم في حال استهدفوا أو عرضوا حياة رجال الأمن وممثلي الدولة للخطر. وكان ذلك ردا على إطلاق النار في حي من مدينة غرونوبل على رجال الشرطة والدرك.

ومنذ ذلك الخطاب الذي كان سبقه خطاب آخر استهدف فيه الغجر الذين درجوا منذ مئات السنين على التنقل في أوروبا من منطقة إلى أخرى، حصل تسابق يميني في إضافة حالات تتيح نزع الجنسية عن الفرنسيين الجدد. فوزير الداخلية أضاف إليها حالة تعدد الزوجات وختان الفتيات. وساركوزي اقترح أن يحكم قاتل رجل الأمن بثلاثين سنة سجن كاملة (مقابل عشرين عاما اليوم). ووزير الهجرة، رد سريعا على الحملة التي اتهمت ساركوزي بتأجيج النزاعات العرقية واتباع سياسة تمييزية بين الفرنسيين «الأقحاح» والفرنسيين «المجنسين» وهو ما يخالف الدستور وتحديدا البند الأول منه بالقول إن نزع الجنسية موجود في القانون الجزائي الفرنسي. غير أن تطبيقه محصور بحالات الإرهاب وحدها ولم يطبق سوى مرتين في الأعوام العشرة الأخيرة. وأراد بيسون الذهاب أبعد من رئيسه وتوسيع نطاق نزع الجنسية وتطبيق هذا التدبير على كل شخص يحكم بأكثر من خمس سنوات سجنا ويكون مضى على حصوله على الجنسية أقل من عشر سنوات.

وفي ما يبدو أنه تنافس بين الوزراء المعنيين، أكد وزير الداخلية أنه سيقدم «مقترحات» حول نزع الجنسية والحالات التي تطبق فيها إلى ساركوزي والحكومة قبل نهاية الشهر الحالي.

وأمس، أدلى وزير الصناعة كريستيان أستروزي وهو رئيس بلدية مدينة نيس الساحلية المتوسطية بدلوه. وقال، في حديث لإذاعة «أوروبا رقم واحد» متوجها للمهاجرين بما معناه: «عليهم الخيار إما أن يكونوا فرنسيين أو أن يكونوا رعاعا». ورد الوزير المذكور للبرلمان حرية تقرير «العتبة» التي دونها تنزع الجنسية والتي يبقى خلالها سيف هذا التدبير مرفوعا فوق رقاب الفرنسيين الجدد.

ويبدو أن الخطاب الأمني الرسمي الذي يربط إلى حد ما بين الهجرة والأعمال المخلة بالأمن ويقترح تدابير «جذرية» لمعالجتها بدأ يشق طريقه إلى الفرنسيين. وأظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة «لوفيغارو» التي يملكها سيرج داسو، وريث مصانع داسو للطيران المنتجة سابقا للميراج وحاليا لطائرة رافال المقاتلة، أن 80 في المائة من الفرنسيين يؤيدون نزع الجنسية عن متعددي الزوجات وممارسي الختان على الفتيات و70 في المائة بحق الذين ينالون من حياة رجال الأمن.

وكان رئيس الحكومة الأسبق ميشال روكار قد وصف هذه التدابير بأنها تدابير تشبه «ممارسات حكومة فيشي والنازيين» إبان الاحتلال الألماني لفرنسا. ورد عليه أستروزي بالقول إنه «منقطع عن الواقع».

لكن يبدو أن الخطاب الأمني لن يتوقف عند حدود؛ فقد اقترح نائب يميني اسمه إريك سيوتي سجن أهالي القاصر الذي يرتكب جنحا مخلة بالأمن ورأى أنه يمكن إنزال عقوبة تصل إلى السجن مدة عامين. وكانت بعض المدن الفرنسية ومنها مدينة نيس بدأت بتطبيق تدبير يقضي بمنع القاصرين من الوجود في الشارع بعد العاشرة ليلا.