مصادر مطلعة تؤكد أن مفاوضات المالكي وبارزاني في أربيل «لم تكن بمستوى الطموح»

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن رئيس الإقليم طلب منه «تعهدات خطية»

TT

كشف مصدر مطلع على المفاوضات التي جرت بين نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته زعيم ائتلاف دولة القانون، ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، في أربيل أول من أمس، عن أن نتائج المباحثات بينهما لم تكن بالمستوى التي يطمح إليه المالكي كما يزعم المقربون منه.

ويجري المالكي مفاوضات مع الكتل السياسية من أجل التمديد له لولاية ثانية، غير أن مهمته تبدو عسيرة وسط «شبه إجماع» من الكتل السياسية العراقية على عدم التمديد له.

وأكد المصدر الذي اطلع على مجرى المباحثات لـ«الشرق الأوسط» أن «ما تم الإعلان عنه من خلال المؤتمر الصحافي الذي جمع الزعيمين (المالكي وبارزاني) بأن المباحثات كانت إيجابية، هي خلاف ما جرى خلال اللقاءات التي جرت، خاصة أن ائتلاف الكتل الكردستانية قد طالب المالكي بتعهدات خطية كشرط للتحالف معه من أجل تشكيل الحكومة».

ويطالب تحالف الكتل الكردستانية الذي يضم الحزبين الحاكمين في الإقليم، بزعامة بارزاني والرئيس العراقي جلال طالباني، فضلا عن المعارضة الكردية، بتطبيق مادة دستورية تنص على تطبيع الأوضاع في مدينة كركوك التي يسعى الأكراد لضمها إلى مناطق الإقليم، ناهيك عن خلافات أخرى تتعلق بعقود النفط.

وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لحساسية الأمر، أن «نتائج الزيارة لم تكن موفقة، الأمر الذي حدا بزعيم ائتلاف دولة القانون بالعودة إلى بغداد (فورا)»، بعد أن كان مقررا أن يبقى فيها لفترة أطول.

فيما قال أمير الكناني رئيس كتلة أحرار المدعومة من التيار الصدري، بزعامة رجل الدين الشاب مقتدى الصدر، لـ«الشرق الأوسط» حول تصريحات بارزاني بخصوص «عدم وجود خط أحمر» على المالكي بعد زيارته إلى أربيل، إن «تصريحات بارزاني بخصوص المالكي هي مجاملة ليس أكثر على اعتبار أنه (بارزاني) من أكثر الشخصيات تحفظا على المالكي».

من جانبه، نفى علي الدباغ، عضو ائتلاف دولة القانون، ويشغل منصب المتحدث الرسمي باسم الحكومة، فشل المباحثات بين المالكي وبارزاني، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن «الزيارة الأخيرة التي قام بها المالكي كانت موفقة جدا، حيث وضعت إطارا محددا للتفاهم سيكون نقطة تحول في عملية تشكيل الحكومة المقبلة»، حسب قوله.

وأشار إلى أن «الموقف الصريح للزعيم مسعود بارزاني سيجعل الأطراف السياسية الأخرى تحسب لهذا الموقف حسابا آخر، تعيد على أثره تقييم موضوع تشكيل الحكومة بطريقة واقعية»، على حد تعبيره.

يذكر أن رئيس إقليم كردستان كان قد أكد في مؤتمر صحافي مشترك مع المالكي أنه «ليس هناك خط أحمر على تولي المالكي رئاسة الحكومة المقبلة»، واصفا مباحثاته مع المالكي «بالودية وأنها جاءت في إطار الجهود المبذولة للخروج بالعراق من حالة الفراغ الدستوري والسياسي في أسرع وقت ممكن». ويقول مراقبون إن الحقائق غير ذلك، لا سيما وقد بدا الوجوم واضحا على الرجلين أثناء عقد المؤتمر.

وتعثرت الكتل السياسية في تشكيل الحكومة العراقية منذ إجراء الانتخابات النيابية في مارس (آذار) الماضي.

وحول مدى تأثير التصريحات الأخيرة للمالكي، التي أثارت جدلا بسبب الانتقادات التي وجهها إلى أطراف في العملية السياسية، على سير المباحثات، قال الدباغ «إن مخاضات الوضع السياسي في العراق تجعل من الطبيعي أن تنشأ سجالات سياسية فيما بين الأطراف السياسية فيه»، مضيفا «وعليه لا أتوقع أن تؤثر على سير المباحثات»، لافتا إلى أن «الأطراف السياسية لو أرادت أن تحتكم إلى التصريحات لكان كل شيء انتهى حتى قبيل إجراء الانتخابات».

إلى ذلك، أكد فرياد راوندوزي، عضو التحالف الكردستاني، أن «الكتل الكردستانية سوف تطالب بضمانات مكتوبة من قبل كافة الأطراف في حال دخلت معها في تحالفات بشأن تشكيل الحكومة المقبلة»، وفيما إذا طلب من المالكي أن يقدم ضمانات خطية كشرط للتحالف قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا أمر سنطلبه من المالكي وغيره من قادة الكتل»، مؤكدا «أن ائتلاف الكتل الكردستانية سيطلب ضمانات مكتوبة من قبل جميع الأطراف السياسية التي سيدخل معها في تحالفات مقبلة وهذا يعد موقفا نهائيا بالنسبة لنا وليس مقصورا على المالكي فحسب»، حسب قوله.

وبشأن ما تردد عن أن زيارة المالكي «لم تكن موفقة»، أكد القيادي في التحالف الكردستاني «أعتقد أن المالكي كان مرتاحا خلال الزيارة، خاصة أنها ربما قد تحسم الكثير من الأمور في المستقبل القريب»، نافيا أن يكون بارزاني قد أبدى تحفظه حيال ترشيح المالكي لمنصب رئاسة الوزراء. وقال «كان هناك حديث بأن بارزاني بعث برسالة تؤكد أنه لا يريد المالكي على الرغم من أننا كذبنا هذه الرسالة، وجاء تأكيدنا الأخير من خلال اللقاء الثنائي بين الزعيمين (المالكي وبارزاني) الذي أكدنا من خلاله عدم وجود خطوط حمراء تجاه المالكي الذي يعد حليفا بالنسبة لنا»، حسب قوله.

إلى ذلك، توقع محمد علاوي، عضو القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، أن يقبل المالكي منصب رئاسة الجمهورية «في نهاية الأمر على اعتبار أنه لا يملك حلولا وسطا».

وقال علاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «العراقية عرضت على المالكي منصبي رئاسة الجمهورية ومجلس الأمن السياسي وقد رفض العرض، ولدينا الآن مفاوضات جدية مع الائتلاف الوطني (بزعامة عمار الحكيم) خاصة مع تمسك زعيم ائتلاف دولة القانون بمنصب رئاسة الحكومة، الأمر الذي جعلنا نمضي مع الوطني العراقي».

وتصر القائمة العراقية على إسناد منصب رئاسة الوزراء لزعيمها علاوي باعتبارها القائمة الفائزة في الانتخابات بعد حصولها على 91 مقعدا في البرلمان (325 مقعدا).

واستبعد القيادي في القائمة العراقية حصول تحالف بين المالكي وبارزاني معللا ذلك بالقول «إن للأكراد مبدأ في تحالفاتهم، فإذا كان هناك اتفاق بين العراقية والائتلاف الوطني فإنهم سيكونون الطرف الثالث، وكذلك الأمر إذا حصل تحالف بين الائتلاف الوطني ودولة القانون فإنهم سيكونون مع هذا التحالف، وبالتالي فهم من هذا المنطلق يتحدثون»، حسب رأيه.