شرطة المرور هدف جديد للمسلحين.. وعناصرها يؤكدون: أصبحنا الخط الأمامي في المعركة ضد الإرهاب

سقوط العشرات منهم بين قتيل وجريح في هجمات.. والسلطات تزودهم بـ«رشاشات» لحماية أنفسهم

شرطي مرور عراقي يحمل رشاشا وينظم حركة السيارات في شارع وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

لم يتوقع مهدي وهو شرطي مرور اعتاد أن يخرج صباح كل يوم إلى عمله في شوارع بغداد دون خوف أن يأتي اليوم الذي يخشى فيه أن يصبح هدفا للجماعات المسلحة في العراق.

فبعد استهداف عدد من دوريات شرطة المرور ورجالها خلال الفترة الأخيرة الذي راح ضحيته نحو عشرين شخصا بين قتيل وجريح، بدأ مهدي، برتبة مفوض، يبحث عن أساليب لحماية نفسه خشية استهدافه كما حصل مع زملاء مهنته. وأمس، قتل شخصان بينهم شرطي مرور وجرح عشرة آخرون بينهم سبعة من شرطة المرور في انفجار عبوة ناسفة ضمن سلسلة الهجمات التي استهدفتهم. كما أسفر هجوم بقنبلة يدوية قبل يوم واحد قرب مدينة الكاظمية شمالي بغداد عن إصابة أربعة من أفراد شرطة المرور بجروح، إضافة إلى إصابة آخر بانفجار منفصل في منطقة العلاوي وسط العاصمة.

ويقول مهدي الذي يعمل في أحد شوارع وسط بغداد إن تعليمات قد جاءت إلى كل منتسبي شرطة المرور بأن يعمدوا إلى حمل السلاح وتوخي الحذر في الأيام القادمة لأن من الواضح أن هناك خططا لاستهدافهم من قبل المسلحين مع قرب انسحاب القوات الأميركية من العراق.

وأثار استهداف شرطة المرور استغراب المسؤولين الأمنيين والمواطنين على حد سواء، واعتبروا هذا الاستهداف محاولة لزعزعة الأمن واستبدال الدم بالجزء المتبقي من حضارة الشارع العراقي، عند استهداف شرطة المرور الذين عملوا في أصعب الأوقات وخصوصا بعد الإطاحة بالنظام العراقي.

من جانبه، أكد اللواء قاسم عطا أن «عملية استهداف شرطة المرور تعبر عن إفلاس الجماعات المسلحة ومحاولة لإبراز وجودهم»، مؤكدا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «شرطة المرور حالة حضارية وأن استهدافهم حركة لاستهداف أي مظهر حضاري في العاصمة بغداد». وأشار إلى أن «أي استهداف مباشر لأي حالة استقرار واضحة في المشهد العراقي هو محاولة لزعزعة هذا الاستقرار، وشرطة المرور واجهة من واجهات الاستقرار في البلاد».

ومن جانبه، قال أحد ضباط شرطة المرور لـ«الشرق الأوسط» إن «شرطة المرور لا يحملون سوى مسدسات ونحن الآن نحاول تزويدهم بالرشاشات لحماية أنفسهم من أي اعتداء عليهم»، موضحا أن «البعض في الشوارع المهمة الآن يحملون السلاح».

رائد، مفوض آخر في شرطة المرور، كان يجلس في كابينته في إحدى مناطق الكرخ يقول إن «حرارة الشمس (50 درجة مئوية) التي يتعرض لها يوميا تعادل كل الأسلحة الكاتمة للصوت التي يمكن أن توجه إلى صدره»، لكنه عاد وقال ضاحكا لـ«الشرق الأوسط» إن «الحياة غالية جدا وأعتقد أنني أفضل لهيب الشمس على لهيب النار الذي قد ينطلق عبر أسلحة كاتمة للصوت». وأكد أنه سيحاول في الفترة القادمة أن لا يقترب كثيرا من السيارات وسيبقى داخل كابينة المراقبة إلا إذا كانت هناك حالات ضرورية للاقتراب كثيرا من السيارات. ويعمل أغلب شرطة المرور داخل العاصمة بغداد في غياب الإشارات الضوئية الإلكترونية التي غيبتها الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي والأضرار التي لحقت بها نتيجة القصف المتكرر لمناطق في بغداد خلال الحرب الأخيرة التي سقط النظام العراقي على أثرها في عام 2003. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ضابط كبير في مديرية شرطة مرور بغداد قوله إنه بعد سلسلة الهجمات التي استهدفت شرطة المرور في مناطق متفرقة من بغداد «نمثل الخطوط الأمامية في المعركة ضد الإرهاب». وأضاف الضابط الذي طلب عدم كشف هويته، بتوتر واضح، أن «جميع رجال المرور باتوا يشعرون بخطر الموت (يلاحقهم) لكنهم يواصلون القيام بواجباتهم».

وللمرة الأولى قامت دوريات شرطة المرور في بغداد بحمل أسلحة رشاشة وتفتيش السيارات المشتبه بها، بالتعاون في بعض الأحيان مع الأجهزة الأمنية الأخرى.

ويؤكد أغلب رجال شرطة المرور أن مرتباتهم التي يتقاضونها لا توازي ساعة واحدة من الوقوف تحت أشعة الشمس الحارقة في صيف العراق اللاهب الذي تصل درجة حرارته أحيانا إلى أكثر من 50 درجة مئوية. ويتقاضى شرطة المرور ممن هم بمستوى شرطي إلى ملازم مرور رواتب تتراوح من 650 الف دينار (نحو 550 دولارا) و900 ألف دينار (نحو 760 دولارا) شهريا. من جانبه، قال قائد القوات البرية الفريق علي غيدان في مؤتمر صحافي حول الهجمات التي تستهدف شرطة المرور، إن «القسم الأكبر منهم غير مسلحين لذلك فهم أهداف سهلة للإرهابيين».

وأشار إلى أنه «في الأعوام 2005 إلى 2008، كان رجال شرطة المرور مسلحين (برشاشات). لكن بعد الاستقرار الأمني الذي شهدناه في البلاد، سمحنا لهم بحمل أسلحة في الجانب للحماية الشخصية» فقط. وتابع «الآن نحن نبحث تسلحيهم ببنادق طويلة»، أي رشاشات.