عاصفة سياسية تقابل اتهام نصر الله لإسرائيل باغتيال الحريري وسط مخاوف من محاولته إطالة أمد صدور القرار الظني

مسيحيو الأكثرية يتخوفون من سعيه لـ«تضليل» التحقيق الدولي

TT

أثار المؤتمر الصحافي الأخير لأمين عام حزب الله حسن نصر الله الذي كشف فيه، وفق تعبيره، عن «القرائن والمعطيات الظنية» لاتهام إسرائيل بعملية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، عاصفة من ردود الفعل السياسية الداخلية في لبنان وكذلك الإقليمية، أعادت ملف المحكمة الدولية إلى أولويات المرحلة المقبلة في انتظار صدور القرار الظني.

القيادي في تيار «المستقبل» النائب الأسبق مصطفى علوش، وصف ما قدمه أمين عام حزب الله بـ«المعطيات المنطقية التي يجب أن تعتمد على أدلة حسية ومادية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نقر 100 في المائة بأن لإسرائيل المصلحة الكبرى في اغتيال الرئيس الحريري لأنها تبقى العدو الأساسي للبنان ولكن المهم اليوم أن نعلم من اغتاله فعليا وليس من له مصلحة في ذلك». داعيا إلى «انتظار صدور القرار الاتهامي للمحكمة الدولية ليبنى عندها على الشيء مقتضاه».

أما وزير السياحة، فادي عبود، فاستغرب «استبعاد البعض إسرائيل عن دائرة الاتهامات»، لافتا إلى أن «أي عاقل يعلم تماما مصلحة العدو في اغتيال الرئيس الحريري وبالتالي في خلق خلافات مذهبية في الداخل اللبناني من خلال تجييش الشعور المذهبي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الموضوع لا يطرح من خانة تبرئة حزب الله لنفسه إنما من خانة توجيه التحقيق إلى حيث كان يجب أن يتوجه».

وبينما رحب مسيحيو الأكثرية بالتزام نصر الله بالتهدئة تحت السقف العربي، تساءل عضو كتلة «الكتائب اللبنانية»، النائب إيلي ماروني، عما «إذا كان الهدف من مؤتمرات نصر الله المتتالية التي تشبه الحلقات المتلفزة، محاولة لتضليل التحقيق وإطالة أمد صدور القرار الظني». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ما عرضه نصر الله بالأمس (أول من أمس) عبارة عن أفلام جمعها من هنا وهناك وهي لا تشكل قناعة لدينا كقانونيين يمكن أن توصل إلى حقيقة القاتل، وأعتقد أنه من حقنا اليوم أن نسأل من أين حصل على كل هذه المعلومات؟ لماذا لم يقدمها في حينه للدولة وللمحكمة الدولية ليبنى على الشيء مقتضاه؟ ولماذا لم ينتظر صدور القرار الظني قبل البدء في محاولة تبرئة حزب الله؟».

من جهته، تمنى عضو تكتل «لبنان أولا» الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، النائب رياض رحال، «لو كانت الأدلة التي قدمها حسن نصر الله تدين إسرائيل»، ولفت إلى أنه «لم يقنع اللبنانيين». مؤكدا أن «أحدا لا يملك معلومات حول القرار الظني، فكل لبناني يريد معرفة الحقيقة التي تثبتها القرائن والأدلة»، مشددا على «رفض القرار الاتهامي في حال لم يكن مدعوما بقرائن وأدلة دامغة».

ووصف منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار»، فارس سعيد، المؤتمر الصحافي لنصر الله بـ«المفاجأة»، مذكرا بالمثل الشعبي القائل «فكرنا الباشا باشا طلع الباشا زلمى»، معتبرا أن «الفريق الإداري للحزب ورط رجلا كبيرا مثل نصر الله بهيبته ووقاره في أن يقدم هذه القرائن». ورأى أن «المؤتمر الصحافي كان تقنيا، وليس بقياس الأمين العام لحزب الله»، معربا عن اعتقاده بأنه «لم يخدمه كثيرا ولم يخدم صورته ولا صورة حزب الله».

ورأى رئيس حزب «الكتائب»، أمين الجميّل، أنه من «الناحية القانونية لم تأت المطالعة التي قدمها أمين عام حزب الله حسن نصر الله بأي جديد بالنسبة إلى مسار المحكمة الدولية في قضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق الشهيد رفيق الحريري». واعتبر أن «نصر الله أقر بأنه تقدم بقرائن وليست إثباتات»، وقال: «لا أفهم على الصعيد اللبناني، استباق الأمور بهذا الشكل من قبل أي جهة!»، داعيا إلى «انتظار هذا القرار الظني الذي على ما يبدو لن يتأخر»، معتبرا أن «كل هذه الضجة في غير مكانها ما دام القرار الظني لم يصدر بشكله الرسمي».

وإذ أجمعت قوى المعارضة على أهمية ما طرحه نصر الله، رأى رئيس كتلة «وحدة الجبل»، النائب طلال أرسلان، أن «الإسرائيليين هم أكثر من فهم واستوعب معنى الإثباتات التي طرحها حسن نصر الله أمام اللبنانيين والعرب والعالم أجمع». واعتبر أن كلام نصر الله «غطى عجز وهفوات ومواقف التحقيق الدولي والمحكمة الدولية تغطية شاملة وعبر منها إلى مخاطبة الإسرائيليين على مستوى التنافس في مجال التقنيات الحديثة، لا بل خاطب أصحاب القرار الحربي في إسرائيل من فوق رؤوس شبكة التشويش الداخلية على المقاومة، وقد تبلغ الإسرائيليون الرسالة وهذا هو المهم».

واعتبر عضو كتلة «لبنان الحر الموحد»، النائب إميل رحمة، أن «ما قدمه نصر الله أهم بكثير من تقرير قاضي التحقيق الدولي ديتليف ميليس وما بعده، فشهادات ميليس استندت إلى شهادات الزور، وغرفة الضاحية حيث اجتمع أربعة ضباط». وقال رحمة: «إن معطيات نصر الله التي قال إنها قرائن ومؤشرات وليست أدلة دامغة، هي ذات مدلولات في القانون وفي مرحلة التلمس، فإمكانية قيام إسرائيل بعملية الاغتيال إمكانية قائمة منذ وقوع الاغتيال»، وسأل رحمة: «لماذا استبعاد فرضية قيام إسرائيل بالاغتيال؟»، واصفا التحقيق الدولي بأنه «أحادي الاتجاه وليس شاملا».