خبراء عسكريون لـ «الشرق الأوسط»: الرابط بين الصور الجوية واغتيال الحريري «ضعيف جدا»

أشادوا بإمكانيات المقاومة التقنية وقدرتها على اختراق تكنولوجيا إسرائيل

TT

من المؤكد أنه لم يكن الهدف من المؤتمر الصحافي الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الكشف عن معلومات عسكرية تتعلق بالمقاومة أو بقدراتها اللوجيستية والاستخباراتية في مواجهة العدو الإسرائيلي، لكن كثيرين توقفوا عند مقاطع الأفلام والصور المستقاة من طائرات التجسس الإسرائيلية، لا سيما ما يتعلق منها بعملية أنصارية، جنوب لبنان عام 1997، ورصد الطرق والشوارع في أكثر من منطقة لبنانية. ولم تقتصر الدهشة على الداخل اللبناني فحسب، إنما أحدثت المقتطفات المصورة صدمة لدى الإسرائيليين أنفسهم.

في بيروت أشاد خبراء عسكريون بالقدرة التقنية للمقاومة، من دون أن يرقوا إلى مستوى اعتبار القرائن التي قدمها السيد نصر الله بمثابة أدلة. وتوقف البعض عند افتقادها «للدقة من الناحية التقنية»، معتبرين أنها «تتوجه إلى رأي عام ليس ملما بالقدرات التقنية».

وأشار الخبير العسكري، العميد المتقاعد نزار عبد القادر، في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط»، إلى أن السيد نصر الله «أراد عبر إظهار هذه المعلومات إعطاء قرائن تصلح لتحويل التحقيق في قضية اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري من حزب الله إلى إسرائيل، عبر سيناريو له منطقه وقرائنه، وبهدف تصحيح المسار والشطط اللذين أصابا لجنة التحقيق الدولية بعد أن ذهب تحقيقها في اتجاه خاطئ».

وأوضح أن «مجموع القرائن المقدمة من عملية رصد طائرات التجسس قد لا ترتبط بصورة مباشرة بعملية اغتيال الحريري، وما قاله عن العملاء الذين عرضت صورهم واعترافاتهم، والربط فيما بينهم، لم يؤد إلى قرينة ترتبط بدورها بالاغتيال». وأشار إلى أن «اعتراف العميل أحمد نصر الله الأمر الوحيد الذي قد يكون له علاقة من بعيد باغتيال الحريري»، لافتا إلى أن «الموضوع يعود إلى 9 سنوات سابقة وتولى النظام الأمني السوري برئاسة اللواء غازي كنعان التحقيق فيه، وبالتالي فإن نتائج هذا التحقيق على ذمة النظام السوري وكنعان».

وتوقف العميد عبد القادر عند الأسئلة التي طرحها بعض الصحافيين لناحية إشاراتهم إلى أن الأشرطة قد تكون خضعت لعملية مونتاج، لافتا إلى أن «الأشرطة في حد ذاتها لم تصور معالم معينة يمكن الجزم بأنها استخدمت للتحضير لاغتيال الحريري، وبالتالي فإن الربط بينها وبين الجريمة ضعيف جدا». وأكد في الوقت عينه أن السيد نصر الله بدوره فسّر كلامه بقوله «إن ما قدمه قرائن وليس أدلة دامغة على ضلوع إسرائيل».

أما الخبير العسكري، العميد المتقاعد هشام جابر، فبدأ حديثه من حيث انتهى عبد القادر، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الناس ربما كانت تنتظر معلومات أكثر مما أفصح عنه السيد نصر الله، وهو قال بأن لديه أسرارا أخرى يكشف عنها في حينه»، داعيا إلى أن «ننتظر ونرى».

ورغم إشادته بالقدرات التقنية لحزب الله، فإنه أوضح أن «اعترافات العملاء وكشف شهداء الزور والصور الجوية لا يمكن اعتبارها دلائل حسية بل قرائن»، مفسرا بأن «القرينة في القانون الجنائي ليست دليلا، ولكن مجموع القرائن الموجودة يمكن أن تشكل منطلقا يؤخذ به في التحقيق».

وتوقف عند كشف السيد نصر الله سر طائرة الـ«MK»، التي صورت عملية أنصارية، جنوب لبنان، وقال: «لا شك في أن الكشف عن قدرات المقاومة التقنية منذ عام 1997، لناحية تلقي غرفة عمليات حزب الله ما تتلقاه غرفة العمليات الإسرائيلية من طائرة التجسس أحدث إرباكات في إسرائيل، لأن التحقيقات لم تقفل على أساس كمين من قبل حزب الله».

ولفت إلى أن «حزب الله معتاد على ترك إسرائيل في حيرة من أمرها»، وذكر بتأكيد نصر الله «أننا تطورنا كثيرا على الصعيد التقني منذ عام 1997»، جازما بأن «حزب الله بات لديه على الصعيد البشري قدرات متخصصة بما فيه الكفاية، وتزود من الناحية التقنية بأجهزة ومعدات تقنية متطورة تمكنه من المراقبة».

وعما إذا كان يمكن الاعتماد على الصور التي تظهر رصد إسرائيل للطرق التي كان يسلكها الرئيس الحريري، أجاب جابر: «مما لا شك فيه أن الطائرات الإسرائيلية تستطلع كل يوم المناطق اللبنانية ولكنني لا أستطيع الإجابة على تاريخ التقاط هذه الصور، قبل الاغتيال وبعده». وشدد على أن «يمكن استنتاج أهمية الموضوع من خلال رد الفعل الإسرائيلي، لا سيما رد الخارجية الإسرائيلية العنيف والبعيد عن الأسلوب الدبلوماسي، وهو ما يعكس مدى الصدمة التي أصابتها».