نقاش قانوني في لبنان حول وثائق نصر الله يركز على حق المحكمة الدولية المطلق في النظر في قرائنه

أدمون رزق يشدد لـ «الشرق الأوسط» على توفير الرابط بين الصور والتفجير

TT

ما أثاره الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحافي ليل أول من أمس، وقدم فيه ما لديه من صور ووثائق تشكل في رأيه قرينة على تورط إسرائيل في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، فتح الباب أمام نقاشات وتعليقات قانونية اعتبرت ما عرضه نصر الله من صور جوية قال إن طائرات تجسس إسرائيلية التقطتها لموقع الجريمة وللطرقات التي كان يسلكها موكب الحريري، لا يشكل «دليلا كافيا» إلا إذا توفر الرابط بين الصور والتفجير، مع عدم إسقاط فرضية ارتكاب إسرائيل لهذه الجريمة. وأجمعت الآراء على أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هي المرجع الوحيد الصالح للبت في صحة هذه الفرضية أم لا.

وفي هذا الإطار أكد الخبير القانوني (وزير العدل الأسبق) والمحامي أدمون رزق لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا يمكن التكهن بمدى فعالية المستندات والمعلومات المعروضة، لأن ثمة ارتباطا وثيقا بين أي سبب وأي نتيجة، وبالتالي لا يمكن بناء استنتاجات نظرية على أدلة لا يتأكد فيها هذا الارتباط المباشر بين السبب والنتيجة»، وقال «المطلوب عرض جميع هذه الوثائق والمستندات والأدلة على المرجع الصالح وهو المحكمة الدولية، التي لها الحق المطلق في ضمّ أي دليل جدي وموضوعي إلى الملف، أما الاحتكام إلى الرأي العام فهو شأن سياسي لا علاقة له بمجريات المحاكمة». أما لجهة الإثبات القانوني، فشدد رزق على «ضرورة إظهار الارتباط بين الصور التي عرضت وبين التفجير الذي أودى بحياة الرئيس رفيق الحريري»، علما أن «هذا لا ينفي فرضية ضلوع إسرائيل في الجريمة، إلا أن الفرضية شيء والإثبات شيء آخر، وبالتالي لا يمكن الانطلاق من هذه الوثائق وحدها لتكوين رابط بينها وبين التفجير».

وإذ اعتبر إطلالة نصر الله «تلقي مزيدا من الظلال على موضوع الجريمة»، دعا رزق حزب الله إلى «تقديم ما لديه من أدلة ووثائق إلى المرجعية الصالحة وهي المحكمة الدولية، وأن يقدم دليلا على الربط بين الصور والتفجير، وألا يكون كل من مر على الطريق أصبح مشتبها به»، لافتا إلى «أهمية الاعتراف بالمحكمة الدولية والتعامل معها كمرجعية قضائية وحيدة لكشف حقيقة جريمة اغتيال الحريري وغيرها من الجرائم، ولا يمكن التسليم بمقولة أن السلم الأهلي أهم من العدالة، لأن السلم الأهلي من دون عدالة يجعلنا إما تحت الاحتلال أو في الدولة الأمنية».

بدوره أوضح مرجع قانوني متخصص في المحاكم الدولية، رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، أنه «إذا كانت الوقائع التي أدلى بها نصر الله قوية ومرتكزة إلى قرائن مهمة، يمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار، ويفترض بالمحكمة الدولية أن تأخذ ما قيل وتقارن بينه وبين ما لديها من أدلة، فإذا كانت معلومات حزب الله جديرة بالعناية من وجهة نظر المحكمة يمكن عندها أن تؤثر في مسار التحقيق الدولي»، ورأى المرجع القانوني «أن بطء التحقيق الدولي وتأخره في تقديم القرار الاتهامي أفسح المجال أمام البعض في التشكيك في صدقيته، وهذا ما يجب أن يحسم في أسرع وقت ممكن عبر تقديم قرار اتهامي مثبت بأدلة وقرائن لا يرقى إليها الشك».

واعتبر وزير العمل بطرس حرب أن «المعلومات التي قدمها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يجب ألا تهمل بل على العكس يجب أن تؤخذ في الاعتبار»، وقال «هذا الكلام برسم النيابة العامة التمييزية التي عليها أن تعتبر ما ورد في المؤتمر الصحافي للسيد نصر الله إخبارا يجب أن تودعه قلم المحقق الدولي لكي يأخذ في الاعتبار ما ورد من معلومات يمكن أن تنير التحقيق وتلقي الضوء على بعض الجوانب التي يمكن أن يكون التحقيق الدولي قد غاب عنها أو أن يبين صحة هذه المعلومات أو عدمها». وشدد حرب على «عدم الاختلاف على كيفية الوصول إلى الحقيقة، وعلينا أن نتعاون في الوصول إلى هذه الحقيقة، مع الأخذ في الاعتبار أن عملية التحقيق والمحكمة خرجت على صلاحية المحاكم اللبنانية والقضاء اللبناني، وأصبحت في عهدة القضاء الدولي، ما يستدعي أو يفرض على السلطات اللبنانية الأمنية والقضائية، أن تضع المعلومات التي توافرت من خلال المؤتمر الصحافي في تصرف التحقيق الدولي لكي يتخذ الإجراءات المناسبة فيما يتعلق بمتابعة التحقيق وإنارته، الذي لم ينته بعد، بغية معرفة حقيقة الاغتيالات التي حصلت في المرحلة السابقة».

إلى ذلك طالب رئيس لجنة الإدارة والعدل في البرلمان اللبناني النائب روبير غانم، المحكمة الدولية بأن تأخذ «بعين الاعتبار طروحات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله»، ودعا إلى «انتظار القرار الظني وما يتضمنه من أدلة وإثباتات، ليتم بعد ذلك الحكم على عمل المحكمة الدولية».