كروبي: العقوبات أعطت الحكومة ذريعة للتخلص منا.. والنظام الحالي أسوأ من الشاه

أحمدي نجاد يدافع عن مدير ديوانه ضد انتقادات المحافظين.. والسفير البريطاني يوبخ نائب الرئيس الإيراني

مهدي كروبي، رئيس البرلمان الإيراني السابق، أثناء حديثه مع أحد علماء الدين في طهران (أ.ف.ب)
TT

اعتبر رئيس البرلمان الإيراني السابق مهدي كروبي، أحد أبرز قادة المعارضة، أن العقوبات الدولية بحق إيران قد عززت نظام الرئيس محمود أحمدي نجاد وقمعه للمعارضة. وجاء ذلك بينما دافع الرئيس الإيراني عن مدير ديوانه أصفنديار رحيم مشائي الذي تعرض منذ أيام لانتقادات محافظين أخذوا عليه تصريحات اعتبروها «وثنية» حول «إسلام إيراني». ومن جانبه، «وبخ» السفير البريطاني في طهران نائب الرئيس الإيراني إثر انتقادات وجهها الأخير إلى البريطانيين، واصفا إياهم بأنهم «شعب أحمق».

وقال كروبي في حديث نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس، إن العقوبات الدولية «هدية» إلى النظام الإيراني.

وأقر مجلس الأمن الدولي في التاسع من يونيو (حزيران) رابع سلسلة من العقوبات ضد الجمهورية الإسلامية التي ترفض تعليق نشاطاتها لتخصيب اليورانيوم التي يشتبه الغرب في أنها تخدم أغراضا عسكرية لصنع السلاح الذري رغم نفي طهران.

وأقر كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان عقوبات إضافية انتقدتها روسيا والصين اللتان ترفضان التحرك خارج إطار الأمم المتحدة.

وقال كروبي لصحيفة «الغارديان» عبر البريد الإلكتروني إن «تلك العقوبات أعطت الحكومة الإيرانية ذريعة للتخلص من المعارضة التي حملتها مسؤولية انعدام الاستقرار في البلاد»، وأكد أن عزل إيران لن يسهم في إحلال الديمقراطية في البلاد.

وأضاف كروبي «انظروا إلى كوبا وكوريا الشمالية»، متسائلا: «هل أتت تلك العقوبات بالديمقراطية إلى شعبيهما؟ إنها أدت فقط إلى مزيد من عزلها ومنحت (أنظمتها) فرصة قمع المعارضة دون إعارة أي اهتمام برأي المجتمع الدولي». وأضاف: «من جهة، أدى سوء إدارة الحكومة للاقتصاد إلى انكماش عميق وتضخم متزايد في البلاد تسبب في شل الشعب الإيراني وإغلاق الكثير من المصانع» و«من جهة أخرى، لدينا عقوبات تعزز حكومة غير شرعية».

وتابع المعارض الإيراني قائلا: «لأن إيران تعاني المزيد من العزلة، فإنهم (حكومة أحمدي نجاد) يزيدون في عدم الاكتراث بما يراه العالم بشأنهم»، مضيفا: «إنهم حاولوا خلال السنة الماضية، التخلص مني بشتى الوسائل».

ومضى بالقول إن نظام الحكومة الحالية أسوأ من نظام الشاه الذي كان يتعامل مع المعارضة بشكل أفضل نسبيا، «لأنه كان يراعي الرأي العام العالمي».

وعن مصير حركة الاحتجاج، قال كروبي: «لم يعد من الممكن لحركة المعارضة أن تنزل بأعداد كبيرة إلى الشوارع... ولكننا أيضا نعتقد أنه لم يعد من الضروري القيام بأكثر من ذلك».

واعتبر السياسي الإيراني أن الحركة قد أدت مهمتها بعد أن أطلعت العالم على ما يجري في إيران، كما حرص على التوضيح قائلا: «إننا حركة إصلاحية، وليس حركة ثورية... نحن لا نسعى إلى أكثر من انتخابات حرة وفقا للدستور».

ولم يبد كروبي رأيا في عمليات الإعدام رجما عندما تطرق إلى قضية سكينة محمدي أشتياني (43 سنة). وقد حكم عليها - وهي أم لطفلين - سنة 2006 بالإعدام بتهمة الزنى مع رجلين بعد مقتل زوجها. وأثار الحكم برجمها حتى الموت استنكارا كبيرا في العالم الغربي وأعلن رئيس النظام القضائي صادق لاريجاني تعليقه مؤقتا.

وفي غضون ذلك، دافع أحمدي نجاد عن مدير ديوانه مشائي الذي تعرض لانتقادات بسبب تصريحاته التي وصفت بـ«الوثنية».

وقال نجاد إن «مشائي مدير ديواني وأنا أثق به تماما، إنه مؤمن وولي لمبادئ الجمهورية الإسلامية».

وقد أثار مشائي المقرب من أحمدي نجاد جدلا في أغسطس (آب) خلال مؤتمر للمغتربين الإيرانيين عندما تحدث عن «المدرسة الإيرانية للإسلام» ودعا إلى «الترويج لها في بقية أنحاء العالم». وأثارت هذه العبارة، التي اعتبرها رجال دين محافظون «وثنية»، وابلا من الانتقادات داخل معسكر المحافظين نفسه.

غير أن مشائي جدد تلك التصريحات، مؤكدا أمام عدد من الصحافيين أنه «إذا كانت هناك إرادة لعرض واقع الإسلام في العالم فلا بد من رفع العلم الإيراني»، لأن «إسلام الإيرانيين، إسلام مختلف، متنور، ومؤهل للمستقبل».

وتدخل المحافظ المتطرف آية الله محمد تقي مصباح يازدي الذي يعتبر من مستشاري الرئيس، في اليوم التالي، مؤكدا أن «من يروج لمدرسة إيران محل الإسلام ليس منا».

واعتبر قائد أركان الجيوش الجنرال حسن فيروز أبادي هذه التصريحات «جريمة في حق الأمن الوطني». وقال أحمدي نجاد إن مشائي عبر عن «موقف الحكومة»، وأضاف أن «اليوم، الإسلام وإيران شيء واحد»، مؤكدا أن «الأعداء يحاولون القول إن الإسلام تمثله تلك المجموعات التي تذبح الناس وهي تضحك، أولئك الذين لا يتحلون بالمعرفة والأميون الجهلة» في إشارة إلى حركة طالبان الأفغانية وتنظيم القاعدة المتطرفين السنة.

وقد اضطر مشائي إلى التخلي عن منصب النائب الأول للرئيس في يونيو (حزيران) 2009 بعد انتقادات حادة وجهها له المحافظون لقوله إن إيران «صديقة للشعب الإسرائيلي».

إلى ذلك، وجه السفير البريطاني في طهران انتقادات لاذعة و«نادرة» إلى نائب الرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي، بسبب وصفه الشعب البريطاني بـ«الأحمق».

وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن السفير سايمون غاس وجه في مدونة على شبكة الإنترنت انتقادات لاذعة لرحيمي بعد أن وجدت وزارة الخارجية التصريحات الإيرانية حول الشعب البريطاني أنها «مسيئة» وأنها تستحق الرد عليها.

وكان رحيمي قد قال في خطبة ألقاها الاثنين الماضي إن البريطانيين «حفنة من الحمقى تحكمهم المافيا»، كما انتقد رئيس الوزراء البريطاني الجديد ديفيد كاميرون قائلا إنه تنقصه الخبرة، مضيفا أن «الشاب الذي أصبح مسؤولا الآن هو أكثر غباء من سلفه (غوردن براون)».

وفي الغالب، يتجاهل المسؤولون البريطانيون الرد على سيل الانتقادات الإيرانية للحكومة البريطانية، غير أن دبلوماسيين قرروا أن التعليقات حول الشعب البريطاني لا يمكن السكوت عنها. وكتب غاس في مدونته باللغة الفارسية وعلى موقع وزارة الخارجية «عندما توجه شخصية سياسية رفيعة، تمثل حكومة الجمهورية الإسلامية، تعليقات مهينة حول شعب برمته، فهذا ينعكس سلبيا على الشخصية نفسها».

وأضاف الدبلوماسي البريطاني «أن الادعاء بأن البريطانيين ليسوا بشرا وأنهم ضعيفو التفكير يعد إهانة بحق الكرامة الإنسانية كما أنها عبثية»، وأضاف أن «إسهام البريطانيين في التاريخ الحديث من خلال الاختراعات والأدب والقيم واحترام حرية الفرد، كلها موثقة وينظر إليها باحترام على الصعيد العالمي».

وكتب غاس، الذي بدأ مهامه سفيرا في طهران منذ 2009، أنه لو أن وزيرا بريطانيا وجه تعليقات مماثلة إلى الشعب الإيراني، فإن «رد الإيرانيين هنا أو في بقية أنحاء العالم سيكون الغضب». وكان أحمدي نجاد قد وصف في وقت سابق القادة البريطانيين بأنهم «حفنة من المتخلفين سياسيا».

وتعتبر بريطانيا واحدة من ست دول تتحاور مع طهران حول ملفها النووي المثير للجدل.