حزب الله متوجس من طلب بلمار.. و«14 آذار» تعتبره دليلا على حيادية المحكمة

ترحيب واسع في لبنان برغبة المحكمة الدولية في الاطلاع على «قرائن» نصر الله

TT

لاقى الفرقاء اللبنانيون بإيجابية، طلب المحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، الحصول على القرائن والأدلة التي تقدم بها أمين عام حزب الله حسن نصر الله في مؤتمره الصحافي الأخير.

وبينما اعتبرت قوى الأكثرية أن هذه الخطوة تؤكد مرة جديدة حيادية المحكمة ونزاهتها المطلقة، نظرت قوى المعارضة بإيجابية إلى طلب بلمار آملة أن يكون خطوة أولى في طريق تصحيح عمل هذه المحكمة.

ورأى عضو كتلة حزب الله، النائب وليد سكرية، أن «خطوة القاضي بلمار ظاهريا إيجابية، إذ لم يكن أمامه خيارات أخرى سوى الأخذ بالأدلة التي قدمها السيد نصر الله، وهو لو تغاضى عن ذلك كان ليثبت أن محكمته مسيسة حتى العظم وأن قرارها يستهدف دون أدنى شك جهة معينة مقررة مسبقا».

وقال سكرية لـ«الشرق الأوسط»: «حصول بلمار على القرائن لا ينفي مطلقا أن المحكمة مسيسة منذ نشأتها فهي بنت اتهاماتها ضد سورية على اعترافات شهود زور وعلى خطابات بعض فرقاء قوى (14 آذار)»، لافتا إلى أن «المطلوب اليوم من القاضي بلمار محاكمة شهود الزور وتبرئة نفسه من المرحلة السابقة ليعطي مصداقية لمحكمته ويفتح صفحة جديدة بعيدة عن التسييس».

وأوضحت مصادر مقربة من حزب الله لـ«الشرق الأوسط» أن «الحزب متوجس من طلب بلمار ولكنه ينظر إليه في كل الأحوال بإيجابية»، وأضافت: «المحكمة لم تتمتع يوما بحد أدنى من النزاهة وهي لطالما كانت مسيسة مما يجعل الحزب ينظر بترقب إلى ما يهدف إليه بلمار، خاصة أنه من المستبعد تمكن المحكمة من إجراء تحقيقات مع الطيارين الإسرائيليين لسؤالهم عما صوروه، ولعل ما يحصل في ملف (أسطول الحرية) أكبر دليل».

وإذ وصف عضو كتلة «تيار المستقبل» التي يتزعمها رئيس الحكومة سعد الحريري، النائب سمير الجسر، الخطوة التي أقدمت عليها المحكمة الدولية بـ«المتوقعة»، قال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لم نشك في يوم من الأيام في مصداقية أو نزاهة المحكمة. البعض خلط الأمور ببعضها عندما اتهمها بالتسييس».

ولفت الجسر إلى أن «القاضي بلمار سينظر إلى مدى جدية ما طرحه نصر الله ليأخذ القرار المناسب في متابعة مسار تحقيقاته أو تغييره». وأوضح أن «التواصل بين أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس الحكومة سعد الحريري لم ينقطع وأن اللقاء سيتم عند الحاجة»، وأضاف: «أستغرب ما يحكى عن أنه يجب أن يلتقيا جراء قمة بعبدا، هما لطالما التقيا ولم يحتاجا إلى قمم». وسأل رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، هاشم صفي الدين: «لمصلحة من يسارع البعض في تبرئة الإسرائيلي؟ ومن الذي يستفيد من تبرئته؟»، مشيرا إلى أن «هناك من غطى طوال الخمس سنوات الماضية على معلومات تتعلق بعملاء إسرائيل في لبنان من أجل ألا يتهم التحقيق العدو الإسرائيلي».

ولفت صفي الدين إلى أنه «قد يأتي اليوم الذي نتحدث فيه بوضوح عن بعض الجهات والأسماء والأشخاص الذين تعاطوا باستخفاف واستهتار مع هذه المعطيات التي قدمت إليهم، في الوقت الذي كادت هذه المعلومات تخدم مسار التحقيق وتوصله إلى نتيجة مهمة، لكن مع هذا كله غضوا النظر وغطوا على مثل هذه الحقائق الموجودة بين أيديهم».

بدوره اعتبر عضو كتلة «الكتائب»، النائب نديم الجميل، أن «الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لم يكن مقنعا بما قاله في مؤتمره الصحافي الأخير، وكان واضحا أن هناك إرباكا لديه، والحجج المقدمة من قبله لا يمكن الارتكاز عليها، وما قام به هو اتهام سياسي قبل أن يكون قانونيا أو مبنيا على أسس ملموسة»، مضيفا: «بغض النظر عن المضمون فإن أي إثبات في يد أي شخص لبناني وغير لبناني يجب أن يوضع في تصرف المحكمة الدولية».

وشدد الجميل على أنه «علينا اليوم دعم المحكمة والحقيقة»، مشيرا إلى أن «كل المعطيات التي قدمها نصر الله ليست جديدة، وأن الصور قديمة»، ورأى في السياق نفسه أن «كل حلفاء إيران وسورية في لبنان اليوم، يحاولون تدمير المحكمة ونعيها»، لافتا إلى أن «الوضع السياسي دقيق إلى درجة أن يأتي قائد الحرس الثوري الإيراني ليضع لبنان في خانة خط الدفاع الأول عن إيران، وهذا هو المستوى الذي وصلوا إليه جماعة (8 آذار) وأصبحوا خط الدفاع الأول عن إيران ولم يعودوا خط الدفاع الأول عن لبنان». ورأى عضو تكتل «لبنان أولا» الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، النائب أحمد فتفت، أن «كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحافي الأخير لم يبدل شيئا في المشهد السياسي، وما قدمه السيد من قرائن تندرج في إطار الشؤون التقنية».

كما شدد فتفت على «ضرورة تسليم أمين عام حزب الله ما يملك من معطيات إلى لجنة التحقيق، بالإضافة إلى المعلومات الأخرى المتبقية التي سيعلن عنها لاحقا».

كما انتقد فتفت «كيفية طرح السيد نصر الله، بحيث إنه يملك، من معطيات بـ(التنقيط) و(كأننا في مسلسل!)». وتساءل عن «السبب الأساسي الذي دفع السيد نصر الله إلى الكشف عما يملكه من قرائن»، معتبرا أن «التسريبات الإعلامية والاتهامات العشوائية قد تكون من أبرز دوافع تكلم السيد في الآونة الأخيرة». وتابع فتفت منبها على وجود حالة اضطراب كاملة غير مبررة «تتزامن مع اقتراب موعد صدور القرار الظني في صفوف حزب الله». واعتبر رئيس «تيار التوحيد»، وئام وهاب، أن «ما يجري في لبنان هذه الأيام يبشر بفتنة جديدة».