إدارة أوباما ترى أن الوضع الأمني في العراق «يتحسن».. وتؤكد: سحب القوات في موعده

واشنطن تنوي إبقاء «مكتب أمني» في بغداد بعد 2011 يعمل فيه المئات من الجنود

قوات أمن عراقية في بغداد (أ.ب)
TT

يزداد تركيز المسؤولين الأميركيين على الملف العراقي مع اقتراب موعد سحب القوات القتالية الأميركية من البلاد وانتقال الدور الأميركي في البلاد إلى دور مدني بالدرجة الأولى بعد 7 سنوات من حرب عام 2003 التي أدت إلى سقوط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.

وأطلع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على آخر المستجدات في العراق في اجتماع في البيت الأبيض أول من أمس، ليوافق بعدها على مواصلة الاستعدادات العسكرية والمدنية لمواصلة سحب القوات الأميركية من العراق وإنهاء عملياتها القتالية فيه. وفي وقت يواجه أوباما مصاعب متفاقمة في أفغانستان، يحرص البيت الأبيض على إظهار «نجاح» استراتيجية أوباما في العراق وتقليص الدور الأميركي فيه.

وأطلع قائد القوات الأميركية في العراق، الجنرال راي أوديرنو، الرئيس أوباما على خطط سحب 14 ألف جندي من العراق ليصبح العدد 50 ألف جندي بعد 31 أغسطس (آب) 2010. وقال الناطق باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس، إن أوديرنو أبلغ أوباما أن «الوضع الأمني باق على التحسينات الكبيرة التي أحرزت خلال السنتين الماضيين والقوات العراقية جاهزة كليا للقيادة عندما ننهي عملياتنا القتالية نهاية هذا الشهر». وأضاف غيبس: «الرئيس راض عن التقدم الذي نراه في الجانب الأمني.. ونواصل السعي إلى التقدم على صعيد تشكيل حكومة». وتابع: «لم تثر قضية مع الرئيس تستوجب تراجعنا» عن خطط الانسحاب.

وأجرى عدد من المسؤولين الأميركيين مقابلات وألقوا خطابات حول العراق خلال اليومين الماضيين، مركزين على الجانب الأمني في العراق ومقللين من الحديث حول تشكيل الحكومة العراقية. وفي ما يخص الدور الأميركي في تشكيل الحكومة العراقية، قال غيبس: «نائب الرئيس يبقى منشغلا في المحادثات المستمرة لتشكيل الحكومة الجديدة.. وسنبقى فعالين فيها». ولكنه أكد أنه لا يوجد «موعد محدد» لتشكيل الحكومة العراقية.

وبينما تؤكد واشنطن أن خطط سحب القوات الأميركية من العراق مستمرة، فإن مسؤولين أميركيين أفادوا بأن «مكتبا أمنيا» مرتبطا بالسفارة الأميركية في بغداد سيبقى بعد عام 2011 ويتولى «العلاقات الأمنية» مع العراق. وفي الوقت الراهن، يمتنع المسؤولون الأميركيون عن الحديث مباشرة عن تلك العلاقات بعد عام 2011، حيث إن الاتفاق الأمني الموقع بين بغداد وواشنطن يشترط سحب القوات الأميركية كافة من البلاد بهذا الموعد الذي يؤكد أوباما التزامه به. وفي هذا السياق، قال توني بلينكن، عضو مجلس الأمن القومي: «سنفعل في العراق ما نفعله في الكثير من بلدان العالم التي نقيم معها علاقات في المجال الأمني تشمل بيع تجهيزات (عسكرية) أميركية أو تدريب قواتها». وأوضح أنه داخل سفارتها في بغداد وتحت إشراف رئيس البعثة الدبلوماسية ستستحدث الولايات المتحدة «مكتبا للتعاون الأمني» سيكون حلقة الوصل بين الجيش الأميركي والقوات العراقية. وأضاف بلينكن، وهو مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي يتولى الملف العراقي في البيت الأبيض: «في العادة هذا الأمر يتطلب عددا قليلا من العسكريين»، مضيفا: «ولكن عندما أقول قليلا لا أعني آلاف الجنود، بل العشرات أو ربما بضع مئات، هذا بالضبط ما يجب أن يحصل».

من جهته، قال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، بين رودز، إن «العراق في مسار إيجابي». وأضاف أن «كل الأجهزة في الحكومة الأميركية تعمل نحو الالتزام بهذا الموعد». ولكن مسؤولين أميركيين قالوا إن بعض العسكريين سيبقون للمساعدة على تدريب القوات العراقية على استخدام المعدات العسكرية التي يشتريها العراق من الولايات المتحدة.

بدوره، قال جيم جونز، مستشار الأمن القومي للرئيس أوباما، إن الجيش الأميركي درب جيوشا أجنبية في أنحاء العالم وقدم لها المشورة. وأضاف في مقابلة مع قناة «سي إن إن» الإخبارية: «مع وجود علاقة طبيعية مع عراق جديد وحكومة جديدة، نعتزم أن نقيم تلك العلاقة». غير أنه أضاف أنه لن يكون هناك وجود كبير للقوات الأميركية في العراق بعد نهاية 2011.

وهناك خطة إعلامية مدروسة من قبل الإدارة الأميركية للتواصل مع الرأي العام الأميركي بالدرجة الأولى والحديث عن تحسن الأوضاع في العراق، مبتعدين عن عبارة «النجاح» أو «النصر». وتأمل إدارة أوباما أن إظهار الرئيس الأميركي وهو ملتزم بسحب القوات الأميركية سيساعد في تحسين شعبيته في وقت تثار تساؤلات عن الاستراتيجية الأميركية في أفغانستان. كما أن هناك حرصا من الإدارة الأميركية على عدم الظهور بأنها تقطع علاقاتها مع العراق. وهنا شدد بلينكن قائلا: «نحن لا نفك الارتباط في العراق، هذا أمر مهم إبقاؤه في الأذهان، طبيعة ارتباطنا تتغير»، مضيفا: «نحن ننتقل من قيادة عسكرية إلى قيادة مدنية وعلى أمل أنه مع مرور الوقت ستكون لدينا علاقة طبيعية مع العراق».

ومن المتوقع أن يلقي السفير الأميركي في بغداد، كريستوفر هيل، خطابا حول الوضع في العراق الأسبوع المقبل في واشنطن بعد أن يعود من العراق للمرة الأخيرة. كما أن نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، مايكل كوربن، ونائب مساعد وزير الدفاع الأميركي، كولن كاهل، سيعقدان ندوة الأسبوع المقبل حول «المرحلة المقبلة في العلاقات مع العراق» تحمل الرسالة نفسها.