مكالمة هاتفية بين ملك المغرب وملك إسبانيا تضع حدا للتوتر بين البلدين

رئيس حكومة مليلية يتهم الرباط «بتضخيم» المشكلات.. وجمعية شبابية أفريقية تنتقد «عنصرية» الشرطة الإسبانية

TT

وضعت مكالمة هاتفية جرت أول من أمس بين العاهل المغربي الملك محمد السادس وملك إسبانيا خوان كارلوس الأول حدا للتوتر الذي عرفته العلاقات الإسبانية - المغربية في الآونة الأخيرة بعد أن اتهمت السلطات المغربية السلطات الإسبانية بالاعتداء على مواطنين مغاربة قرب مدينة مليلية التي تحتلها إسبانيا شمال المغرب.

وأعلن في الرباط أن العاهل المغربي سيلتقي خوان كارلوس قريبا في لقاء غير رسمي، لكن لم يحدد موعد أو تاريخ هذا اللقاء. وقالت وكالة الأنباء المغربية إن ملك المغرب وملك إسبانيا يعتقدان أنه «لا يمكن للأحداث التي وقعت خلال الأسابيع الأخيرة أن تضر بالعلاقات المغربية الإسبانية»، وأنهما أشادا «بالروابط الجيدة التي تجمع بين العائلتين الملكيتين، وكذا ارتياحهما لتطور العلاقات المتميزة وللجهود المبذولة في هذا الاتجاه من طرف حكومتي البلدين خلال السنوات الأخيرة».

وذكرت صحيفة «البايس» الإسبانية أن العاهل الإسباني اتصل بالعاهل المغربي بغية كبح التوتر بين المغرب وإسبانيا قبل أن يتطور لأبعد من ذلك، لذلك دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس لتجاوز التوتر في العلاقات الثنائية، التي ظهرت قبل نحو شهر، وأضافت «البايس» أن ما وقع عبارة عن «حوادث وسوء فهم» بين البلدين، ولا ينبغي أن يعكر صفو الأجواء الممتازة للعلاقة بين البلدين، على الرغم من أن الرباط تتحدث عن «حوادث» وليس عن «سوء فهم»، وأشارت إلى أن العاهل الإسباني اجتمع يوم الثلاثاء بخوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، رئيس الحكومة الإسبانية، في قصره في مايوركا لبحث تجاوز الأزمة الناشئة مع المغرب.

وفي سياق متصل، قال الصحافي الإسباني إيغانسيو كمبريرو المتخصص في العلاقات المغربية – الإسبانية، الذي يكتب في «البايس» إنه لا أحد في مدريد يعرف السبب الحقيقي للأزمة الأخيرة. وقالت مصادر مطلعة إن الحوادث التي وقعت في مليلية ليست السبب الحقيقي في الاتهامات التي وجهتها الرباط لإسبانيا، مشيرة إلى أنها تحدث دائما، خاصة في مليلية، لكنها عرفت هذه المرة اهتماما خاصا من المغرب. وذكرت المصادر أن هناك مقاطعة تجارية لمليلية من قبل عدة جمعيات من الناظور، المدينة المغربية المجاورة لمليلية واللجنة الوطنية لتحرير سبتة ومليلية، التي توجد في تطوان. وتعتقد مصادر إسبانية أن هناك عشرات الأشخاص من المتشددين يتمركزون في المركز الحدودي «بني نصار» لمنع دخول الأسماك الطازجة لمليلية ويعتزمون الاثنين المقبل منع دخول مواد البناء.

إلى ذلك قلل رئيس الحكومة المحلية بمدينة مليلية عبر تصريحات إذاعية، من شأن الحوادث التي وقعت في الأسابيع الأخيرة على الحدود مع المغرب، واتهم الحكومة المغربية بتضخيم «مشكلات صغيرة» من دون معرفة «ماذا تفعل بشكل جيد»، مشيرا إلى أن الحكومة المغربية تستغل هذه الحوادث الصغيرة عبر تضخيمها حسب مصلحتها، على حد زعمه. وأضاف أن الصدامات في الحدود ليست مشكلة، قائلا: «لا يمكن اعتبار الاحتكاكات التي تحدث على الحدود مشكلة بين دولتين»، بل تعتبر محاولة من قبل مجموعة من المغاربة للتشويش على العلاقات الإسبانية المغربية. على حد قوله. مضيفا أن الحكومة الإسبانية كان من الممكن أن تتفادى ما حدث إذا تعاملت مع نظيرتها المغربية بحزم.

وأشار رئيس حكومة مليلية إلى حادث اجتياز أحد عناصر الشرطة الإسبانية لنقطة الحدود في بني أنصار وملاحقة مواطن مغربي داخل الأراضي المغربية، وأن هذه المطاردة انتهت باعتقال تاجر مخدرات، وأراد المغرب اعتبار المواطن شخصا نموذجيا، معتبرا أن قوات الأمن الإسبانية «كانت مثالية في تصرفها». وأشار الموقع إلى أن تصريحات إيمبرودا جاءت بعد يوم واحد من الاتصال الهاتفي، الذي أجراه العاهل الإسباني مع الملك محمد السادس لتفادي التصعيد بين البلدين واحتواء الأزمة التي تمر بها العلاقات بين البلدين.

وفي السياق نفسه تطرقت صحيفة «إلموندو» الإسبانية لما قاله مانويل تشافيز، النائب الثالث للحكومة الإسبانية ووزير السياسة الترابية، حيث طلب من رئيس حكومة مليلية «التعقل» في تصريحاته بشأن العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا، وأضاف تشافيز أن «الحكومة الإسبانية تعرف ما تفعله مع المغرب».

من جهة أخرى أرسلت الجمعية الأفريقية «نادي الشباب الصحراويين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى» التي مقرها السنغال، رسالة احتجاج لرئيس الحكومة الإسبانية على «الاعتداءات العنصرية» للشرطة الإسبانية ضد المواطنين المغاربة في معابر الحدود في مليلية وضد المهاجرين الأفارقة. وجاء في البيان: «ندين بشدة الاعتداءات العنصرية للشرطة الإسبانية ضد مواطنينا في معبر الحدود في مدينة مليلية المحتلة، ونعرب عن غضبنا من التخلي الخطير لشرطة الحرس المدني للمهاجرين الأفارقة قبالة السواحل المغربية»، وأعربت الرابطة عن «خيبة أملها العميقة» إزاء هذه الأعمال «المنافية لمبادئ حقوق الإنسان» وتطالب الحكومة الإسبانية «باتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث مثل هذا السلوك غير المقبول».

وفي سياق ذي صلة، نفى أنريكي روبيو، مدير مكتب وكالة إيفي الإسبانية بالمغرب، لـ«الشرق الأوسط» مقاطعة الصحافة الإسبانية للندوة التي نظمها القيادي في جبهة البوليساريو مصطفى ولد سلمى ولد محمود بالسمارة، التي أعلن فيها تأييده للحكم الذاتي. وفسر روبيو غياب الصحافيين الإسبان عن التوقيت الذي جرت فيه الندوة، وقال إن معظم الصحافيين الإسبان في عطلة الآن، وأضاف: «أنا شخصيا لم أتمكن من الحضور، لأنني كنت في شمال المغرب»، وأوضح روبيو أن الوكالة مع ذلك تابعت الحدث من خلال ما نشرته وكالة الأنباء المغربية، ووزعت قصاصات في الموضوع.

وبخصوص البيان الذي أصدرته النقابة الوطنية للصحافة المغربية، الذي اعتبرت فيه أن غياب الصحافيين الإسبان المعتمدين بالمغرب هو موقف جماعي في تنسيق بينهم لمقاطعة الندوة، قال روبيو إنه يحترم رأيها، لكنه نفى مع ذلك أن يكون غياب الصحافيين الإسبان «مقاطعة منسقة» بينهم أو أن يكون الأمر متعلقا بتوجه سياسي موحد.

وفي موضوع آخر، كانت مدريد ترددت في قبول القيادي السابق في البوليساريو أحمد ولد سويلم سفيرا للمغرب لدى إسبانيا، لكنه لم يلتحق حتى الآن بعمله، وقالت إلينا بالنسيانو، المسؤولة عن السياسة الخارجية بالحزب الاشتراكي الإسباني، إن بلادها تنتظر التحاق السفير المغربي بمدريد، ولكن القرار الأخير في الموضوع يعود إلى الرباط.