باراك يطالب بإقالة نائب رئيس الوزراء.. و«الخارجية» تقاطع «الموساد»

الصراعات الشخصية تزعزع حكومة نتنياهو

TT

الصراعات الشخصية المتصاعدة بين الوزراء من جهة وجنرالات الجيش من جهة ثانية، والخلافات الناشئة بين وزارة الخارجية وجهاز المخابرات الخارجية (الموساد)، تزعزع أركان حكومة بنيامين نتنياهو وتهدد استقرارها، وتثير موجة انتقادات واسعة ضدها في الإعلام. وقالت مصادر سياسية إن الشروخ باتت عميقة داخل الحكومة وتحدث خللا من الصعب إصلاحه بين وزرائها.

وهناك قضيتان انفجرتا في الأيام الأخيرة، الأولى فجرها النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، ضد وزير الدفاع، إيهود باراك، على خلفية إفادة الأخير أمام لجنة التحقيق الحكومية في العدوان الإسرائيلي الدموي على السفينة «مرمرة» التركية خلال السيطرة على سفن أسطول الحرية، والذي راح ضحيته 9 مدنيين أتراك.

فقد هاجم يعلون باراك على إلقائه المسؤولية على الجيش الذي نفذ العملية، فقال خلال حلقة سياسية بيتية مع عدد من نشطاء حزب الليكود، إن باراك تصرف كالأفعى اللعينة، فعقر الجيش الذي يتولى قيادته بحكم منصبه كوزير للدفاع. وأضاف «باراك تصرف بشكل انفرادي في قيادة هذا الهجوم، ولم يتح لأحد أن يتدخل في الأمر، واليوم يتهرب من المسؤولية ويلقي بها على الجنود».

وامتدح يعلون إفادة نتنياهو أمام اللجنة، التي قال فيها إن الوزراء السبعة الذين أقروا العملية لم يبحثوا في الأبعاد الاستراتيجية للهجوم أو في البدائل الممكنة، وتركز بحثهم حول التبعات الإعلامية فقط، وأن وزير الدفاع هو الذي يتحمل كامل المسؤولية عن العملية. وقال «في غياب نتنياهو في كندا، توليت مهمة القائم بأعمال رئيس الحكومة، لكن تصرفات باراك الفردية جعلتني قائما بأعمال رئيس الوزراء اسما وليس فعليا».

وأثار نشر أقوال يعلون هذه في صحيفة «يديعوت أحرونوت» غضبا شديدا في صفوف حزب العمل الذي يقوده باراك. وتوجه المدير العام للحزب، شيري فايتسمان، إلى نتنياهو طالبا إقالة يعلون كونه يعترف بأنه لم يمارس دوره كقائم بأعمال رئيس الحكومة، وأن يوبخه علنا على «تصريحاته السامة ضد باراك»، وأن يعطي درسا للوزراء الذين لا يفهمون معنى المسؤولية الجماعية في الحكومة. وهدد بدعوة مؤسسات الحزب إلى الانعقاد والبحث في الانسحاب من الائتلاف الحكومي في حالة عدم تجاوب نتنياهو.

ورد عليه رئيس كتل الائتلاف في الكنيست، زئيف ألكين، وهو من الليكود بالنصيحة «لديكم مشكلات كثيرة أهم في حزب العمل، أقترح أن تنشغلوا بها. وتذكر أن نواب ووزراء حزب العمل هم أكثر من يهاجم الحكومة، فأين المسؤولية الجماعية التي تتحدث عنها؟».

واستغلت المعارضة هذه القضية لتهاجم الحكومة، فقال النائب نحمان شاي من حزب كديما، إن هذه القضية تدل مرة أخرى على أنه لا توجد قيادة في إسرائيل. وتدفع الجمهور إلى اليأس والإحباط. فالوزراء، بمن فيهم رئيس الحكومة، منشغلون في التهرب من المسؤولية وإلقاء المسؤولية على الآخرين، و«كأننا في حديقة حيوانات».

وأضاف النائب شلومو مللا من الحزب نفسه أن الحكومة تفقد مصداقيتها وتزعزعها خلافات شديدة لم يعد ممكنا التستر عليها. وتنبأ بسقوطها في القريب. من جهة ثانية، هاجم العاملون في وزارة الخارجية رئيس الوزراء، نتنياهو، على استخدامه جهاز «الموساد» لكسر إضرابهم.

وكان العاملون في الخارجية المضربون عن العمل جزئيا منذ ثلاثة شهور، مطالبين بزيادة في الأجور وتحسين شروط العمل، قد رفضوا إجراء ترتيبات لزيارة نتنياهو غدا إلى اليونان، وسعوا لتأجيلها أو استخدامها ورقة ضغط للتجاوب مع مطالبهم. لكن نتنياهو لجأ لعملاء «الموساد» في اليونان لترتيب الزيارة، بدعوى أنها زيارة حيوية جدا هدفها عقد سلسلة اتفاقيات أمنية (نقل حقل التدريبات العسكرية الإسرائيلية من تركيا إلى اليونان) وتأجيلها سيلحق ضررا بالمصالح الأمنية الإسرائيلية. وردا على هذا القرار، أعلن العاملون في الخارجية مقاطعة هذا الجهاز (الذي يعمل في الخارج من خلال السفارات أو بالتنسيق الكامل معها).

يذكر أن الحكومة لم تخرج بعد من أزماتها الداخلية السابقة. فالشرطة تحقق مع جنرالات الجيش المتنافسين على رئاسة الأركان حول فضيحة اللجوء إلى مكاتب دعاية لتسويق أنفسهم وتشويه سمعة منافسيهم. وظهور نتنياهو وباراك أمام لجنة التحقيق في الهجوم على أسطول الحرية يمس هيبتهما وهيبة الحكومة برمتها، حيث إن كلا منهما تهرب من المسؤولية وألقى بها على غيره. ومفاوضات السلام تتعثر، مما يتسبب في عزلة دولية لإسرائيل في الخارج. ومراقب الدولة، ميخائيل لندنشتراوس، يحقق مع نتنياهو وباراك في شبهات فساد مالي وإداري. والجمهور يشعر فعلا بأنه لا توجد لديه قيادة.