باكستان تواجه اللصوص المسلحين والأوبئة بعد انحسار الفيضانات

الجيش يهدئ قلق الأميركيين: إغاثة المنكوبين لن تؤثر على عملياتنا ضد المتشددين

صورة وزعت أمس للرئيس زرداري وهو يمنح شيكا إلى إحدى المتضررات من الفيضانات، خلال زيارته لمنطقة سوكور المنكوبة (رويترز)
TT

تفاقمت أمس معاناة الناجين من الفيضانات المدمرة التي اجتاحت باكستان بفعل مجموعات من اللصوص المسلحين تقوم بسرقة ما تبقى لهم من ماشية وطعام. وحذر مسؤولون في الأمم المتحدة من أن حجم الخسائر في البنى التحتية والاقتصاد الباكستاني سيعود بالبلاد سنوات إلى الوراء.

وقال إرشاد شيخ المستشار المحلي لمنظمة الصحة العالمية «هذه الأزمة أكبر من كارثتي التسونامي وهايتي مجتمعتين. على العالم أن يفهم ذلك. هذه المأساة ضخمة وغير مسبوقة». وأضاف «الناس هنا فقدوا كل شيء يساعدهم على البقاء من منازل ومحاصيل وماشية.. لقد فقدوا كل شيء خلال عشرة أيام». وأكد «هذه الكارثة ستعيد باكستان سنوات إلى الخلف».

وقالت وكالات إغاثة أمس إن تفشي الأمراض يسبب أخطارا جديدة على ضحايا الفيضانات. ويتزايد قلق الأمم المتحدة بشأن الأمراض التي تنتقل عن طريق المياه، خاصة بعد ظهور 36 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالإسهال الحاد في 96 منشأة صحية على الأقل في البلاد. وقال ماوريتسيو جيليانو المتحدث باسم العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة لوكالة «رويترز»: «هذا مثار قلق متزايد. لذا نرد بكل أنواع الإجراءات الوقائية بالإضافة إلى الأدوية العلاجية على تفشي الأمراض».

ومن المقرر أن يصل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى باكستان اليوم السبت لزيارة المناطق المتضررة وإجراء محادثات حول جهود الإغاثة. وأكد متحدث باسم الخارجية الباكستانية أن زيارة بان كي مون ستجري قبل يومين من الزيارة المتوقع أن يقوم بها السناتور الأميركي جون كيري.

ورحب الرئيس الباكستاني اصف علي زرداري بتلك الزيارات وقال إن «الخسائر في الأرواح والممتلكات والماشية والبنى التحتية ضخمة للغاية ولا يكمن معالجتها إلا من خلال العمل الجماعي لكافة الشعب الباكستاني بدعم ومساعدة المجتمع الدولي».

وزادت الولايات المتحدة مساعداتها لباكستان إلى 76 مليون دولار، وأعلنت أن السناتور الأميركي جون كيري سيزور باكستان الأسبوع المقبل للفت الانتباه إلى المأساة والدعوة إلى جمع التبرعات لباكستان التي تنتشر فيها المشاعر المعادية للولايات المتحدة رغم أنها حليف قوي لها. وخفض الرئيس زرداري الذي زار أول من أمس ضحايا الفيضانات لأول مرة، مدة زيارته المقررة إلى روسيا إلى أقل من يوم واحد بسبب الأزمة، حسب المكتب. وتتزايد الضغوط السياسية على الرئيس الذي لا يحظى بشعبية، من المعارضة القوية والشعب الباكستاني بعد أن رفض قطع جولة في أوروبا الأسبوع الماضي للعودة إلى بلاده والإشراف مباشرة على إدارة الأزمة.

ولكن في قرية كارامبور على مشارف مدينة سوكور، سار السكان في مياه آسنة وصلت إلى مستوى الصدر لاستعادة مقتنياتهم، وانتقدوا الحكومة لفشلها في حمايتهم من عمليات النهب. وقال بعض سكان القرى إنهم يفضلون حماية منازلهم الغارقة في مياه الفيضانات وإرسال زوجاتهم وأطفالهم إلى مناطق أكثر أمانا. وقال آخرون إن ممتلكاتهم تعرضت للنهب وسط الفوضى. وقال عبد الكريم، 20 عاما: «لم يكن هناك من ينقذنا من الفيضانات، والآن لا يوجد أحد يحمينا من العصابات. كنا نجلس بانتظار المساعدة عندما جاء مسلحون ونهبوا ممتلكاتنا تحت تهديد السلاح». وأضاف «لم يكن هناك الكثير من الأشياء، فقط شاتان وبعض القمح والأرز. سرقوها جميعها وفروا».

من جانبها، قالت مي ميما، 60 عاما، وهي أم لخمسة أطفال في خيمة في مدينة سوكور إنها كانت تعيش في خانبور قرب كارامبور. وأضافت: «كنا نغادر المنطقة ومعنا أمتعتنا على متن جرار زراعي عندما أحاط بنا مسلحون وأخذوا كل ما بحوزتنا وفروا. نحن فقراء ولكننا لم ننم جياعا قط، إلا أن الفيضانات حولتنا إلى شحاذين. لم يعد لدينا شيء. لعنة الله على هؤلاء المجرمين الذين بدلا من أن يساعدونا قاموا بنهبنا».

وقال مسؤولون عسكريون في باكستان أمس إن الجيش يؤدي الدور الرئيسي في جهود الإنقاذ بعد الفيضانات، لكنه لن ينقل قوات من معركته مع المتشددين للمشاركة في تلك الجهود.

وخصص الجيش الباكستاني نحو 60 ألفا من قواته لعمليات الإنقاذ والإغاثة من بين قوة يصل قوامها إلى نحو 550 ألف جندي. وتنامى القلق خاصة في الولايات المتحدة من أن يسحب الجيش الباكستاني بعضا من قواته التي تحارب المقاتلين في أراضي قبائل البشتون المحاذية لأفغانستان، إلا أن الجيش هدأ من هذا القلق.

وقال الميجر جنرال أطهر عباس المتحدث باسم الجيش الباكستاني «مشاركة قواتنا في نشاطات الإغاثة لن تؤثر في قتالنا للمتشددين. وضعنا هذا العامل في الاعتبار عندما نشرنا قوات للمشاركة في نشاطات الإغاثة ولا أعتقد أنه ستكون هناك أي حاجة لسحب قوات من الحدود الغربية». وصرح مسؤول أمني كبير بأن المنطقة الجبلية في شمال غربي باكستان لم تتأثر إلى حد كبير بالفيضانات الأسوأ وذكر أن القوات التي تشارك في جهود الإنقاذ هي من وحدات في مناطق الفيضانات.

وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه «لم نسحب أي قوات من الحدود الغربية ونتمنى ألا نحتاج إلى هذا. تأثرت نشاطات التدريب لدينا لأن معظم الجنود المشاركين في جهود الإنقاذ كانوا يتلقون تدريبا لكن نشاطاتنا وعملياتنا وانتشارنا على طول الحدود مع أفغانستان لم تتأثر على الإطلاق».

وتقول باكستان إن نحو 20 مليون شخص تضرروا بصورة مباشرة وغير مباشرة من الفيضانات، إلا أنها لم تكشف عن مزيد من المعلومات.

وتعتقد الأمم المتحدة أن 1600 شخص لقوا حتفهم فيما أكدت إسلام آباد مقتل 1343 شخصا. وتوقعت وكالة الأرصاد الجوية الباكستانية هطول أمطار متفرقة وغزيرة خلال الأيام المقبلة، إلا أنها قالت إن تدفق المياه آخذ في الانخفاض. وهطلت أمطار غزيرة على المناطق الشمالية الغربية مما أدى إلى تعليق عمليات الإسقاط الجوي التي كانت تقوم بها مروحيات أميركية وباكستانية. وفي مدينة مظفرغاره في ولاية البنجاب، قال فراسات إقبال المسؤول المحلية إن الخطر لا يزال قائما، إلا أن جميل سومرو المتحدث باسم حكومة ولاية السند الجنوبية صرح بأن حدة الفيضانات قد خفت.

وأطلقت الأمم المتحدة نداء لجمع 460 مليون دولار وقالت إن جهات تعهدت بمبلغ 174 مليون دولار، إلا أن باكستان تحتاج إلى مليارات على المدى البعيد لإعادة بناء البنى التحتية وإعادة زراعة المحاصيل.