«وعكة المحامي» تعلق محاكمة أصغر معتقلي غوانتانامو لمدة شهر

محكمة غوانتانامو توصي بسجن طباخ بن لادن 14 عاما

الليفتنانت كولونيل جون جاكسون، محامي الدفاع عن عمر خضر، (يمين) قبل أن يسقط على الأرض في المحكمة العسكرية بغوانتانامو (رويترز)
TT

أعلن مسؤول عسكري أميركي أمس لوكالة الصحافة الفرنسية أن محاكمة عمر خضر، الشاب الكندي الذي اعتقل في أفغانستان في سن الـ15 عاما ويحاكم في غوانتانامو، تم تعليقها لمدة 30 يوما على الأقل لاضطرار محاميه للعودة إلى الولايات المتحدة لدواع طبية.

وعلقت جلسة محاكمة الكندي عمر خضر أول من أمس في غوانتانامو بعدما أغمي على محامي الدفاع عنه في قاعة المحكمة أثناء مرافعته عن موكله الذي اعتقل في سن الخامسة عشرة في أفغانستان، ويحاكم بتهمة «ارتكاب جرائم حرب». وخلال استجوابه أحد شهود الاتهام، طلب المحامي العسكري الأميركي الليفتنانت كولونيل جون جاكسون محامي الدفاع الوحيد عن عمر خضر، استراحة لمدة خمس دقائق. وبحسب عدد من شهود العيان، غادرت هيئة المحلفين العسكرية القاعة عندما سقط المحامي أرضا على ركبتيه ثم أغمي عليه. وعلى الأثر نقل الضابط في سيارة إسعاف إلى مركز طبي داخل القاعدة البحرية الأميركية. وبما أنه محامي الدفاع الوحيد عن خضر، علقت الجلسات حتى الاثنين وربما بعد ذلك، إلى أن يتعافى، حسبما ذكر براين برويلز، أحد المسؤولين عن المحامين العسكريين في غوانتانامو. وكان بوريلز أبلغ الصحافيين بعد ساعات من الحادث أن المحامي استعاد وعيه لكنه لا يزال تحت تأثير «المورفين» لأنه يعاني من ألم شديد.

وأكد المسؤول أن الحادث قد يكون سببه خضوع المحامي قبل ستة أسابيع لعملية جراحية في المرارة. ويبلغ خضر من العمر اليوم 23 عاما أمضى أكثر من ثلثها في معتقل غوانتانامو. وهو يمثل منذ الثلاثاء أمام محكمة عسكرية استثنائية بتهمة ارتكاب «جرائم حرب».

وخلال الجلسة قال المدعي العام، جيف غروهارينغ، مخاطبا أعضاء هيئة المحلفين العسكرية السبعة: «(أنا إرهابي أدعم القاعدة).. هذه كلمات عمر خضر»، مؤكدا أن هدف الفتى هو نفسه هدف أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، وهو «قتل أكبر عدد ممكن من الأميركيين».

ورد الليفتنانت كولونيل جاكسون على هذا الاتهام بالقول إن «عمر خضر كان في المعسكر لأن والده طلب منه الذهاب إلى هناك. عمر خضر كان هناك لأن والده كان يكره أعداءه أكثر مما يحب ابنه».

وأمضى عمر خضر، وهو نجل مسؤول كبير في تنظيم القاعدة قتل في 2003، طفولته بين كندا وأفغانستان وباكستان. وقد اعتقل وأصيب بجروح خطيرة بعد محاصرة القوات الأميركية مخبأ لتنظيم القاعدة كان يتم صنع متفجرات فيه. وهو متهم بأنه فجر في ذلك اليوم في 27 يوليو (تموز) 2002 وكان في الخامسة عشرة من العمر، قنبلة يدوية الصنع مما أدى إلى مقتل كريستوفر سبير، وهو جندي أميركي في الثامنة والعشرين من عمره. ويمثل عمر خضر الذي أصبح رجلا، كل يوم ببزة رمادية ويبتسم من حين لآخر ويتحدث إلى محامي الدفاع. وهو ينفي أن يكون ألقى القنبلة.

وشاهد المحلفون وهم أربع نساء وثلاثة رجال فيلما يظهر فيه عمر خضر في منزل يقوم بصنع قنابل يدوية الصنع ودفنها على حافة طريق. وكان الفتى يبتسم للكاميرا. وحضرت الجلسة تابيثا سبير، أرملة الجندي الذي قتل. ولم يبد عليها أي انفعال. واستجوب جاكسون أيضا الشاهد عن وجود «مدني» هو أحد عناصر وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) في المعركة. ويرى محامو خضر أن محاكمته هي «أول محاكمة لطفل جندي في التاريخ المعاصر». وقرر القاضي العسكري باتريك باريش قبول كل الإفادات التي قدمها عمر خضر خلال جلسات استجوابه بعد اعتقاله، في باغرام ثم في غوانتانامو. إلى ذلك قضت محكمة عسكرية أميركية يوم الأربعاء بالسجن 14 عاما على الطباخ السابق لأسامة بن لادن، غير أنه من المتوقع أن يقضي فترة سجن أقل من ذلك كثيرا بمقتضى اتفاق إقراره بالذنب الذي لا يزال سرا. وكان المتهم إبراهيم القوصي أقر الشهر الماضي بأنه مذنب في محكمة جرائم الحرب في القاعدة البحرية الأميركية في خليج غوانتانامو بتهم التآمر مع تنظيم القاعد وتقديم دعم مادي للإرهاب. ويبلغ القوصي من العمر 50 عاما وله لحية بيضاء وهو محتجز في غوانتانامو منذ أكثر من ثمانية أعوام. واعترف القوصي في إقراره بالذنب بأنه كان يعلم أن «القاعدة» تنظيم إرهابي عندما كان يشرف على أحد المطابخ في مجمع نجم الجهاد التابع لابن لادن في أفغانستان. وأقر القوصي الذي التقى بن لادن في السودان وسافر معه إلى أفغانستان بأنه ساعد زعيم «القاعدة» في الهرب من القوات الأميركية في جبال تورا بورا بأفغانستان.

وقال إنه لم يشارك في هجمات إرهابية ولم يكن لديه علم مسبق بها. والقوصي هو أول سجين في غوانتانامو يدان في عهد حكومة الرئيس باراك أوباما الذي عرقل الكونغرس جهوده لإغلاق هذا السجن العسكري. وكان الحكم على القوصي واجه عقبات لأن الجيش الأميركي كما تقول القاضية تجاهل أوامر بإعداد خطة تحدد طريقة قضاء السجناء أحكام السجن الصادرة عليهم بعد إدانتهم أمام المجالس العسكرية في غوانتانامو وأماكن سجنهم. وأراد القوصي تجنب قضاء مدة العقوبة رهن الحبس الانفرادي. ويقضى اتفاق إقراره بالذنب أن توصي الهيئة المشرفة على المحاكمة بأن يقضي مدة سجنه في معسكر أربعة، حيث يعيش المحتجزون في مجموعة في ظل قيود أقل من المعسكرات الأخرى، لكن قواعد الجيش تحظر إيواء مجرمين مدانين مع المحتجزين الآخرين. وقالت القاضية الليفتنانت كولونيل بالقوات الجوية، نانسي بول، إن مساعدا لوزير الدفاع أمر قبل عامين بأن تعد قيادة الجيش والقيادة العسكرية الجنوبية التي تشرف على قاعدة غوانتانامو خطة تفصيلية لإيواء السجناء بعد إدانتهم. وأضافت بنبرة حادة: «وهذا لم يتم». وأصدرت القاضية توجيهات بأن يبقى القوصي في معسكر أربعة لمدة 60 يوما إلى أن يحدد الجيش أين سيقضي بقية مدة عقوبة السجن. والقوصي هو رابع سجين يدان أمام المجالس العسكرية التي شكلت لمحاكمة المشتبه في ضلوعهم في الإرهاب من غير الأميركيين بعد هجمات «القاعدة» في 11 من سبتمبر (أيلول) عام 2001. وقضى اثنان حكمين قصيرين بالسجن وأعيدا إلى بلديهما أستراليا واليمن. والمدان الآخر الوحيد الباقي في غوانتانامو هو علي حمزة البهلول، وهو يمني كان يعد رسوما لتسجيلات الفيديو لـ«القاعدة». ويقضي حكما بالسجن مدى الحياة بتهمة التآمر مع «القاعدة» وتقديم دعم مادي للإرهاب. وقال محامو الدفاع عن القوصي إنه عند عودته إلى السودان سيدخل برنامجا تديره المخابرات السودانية ويهدف إلى إعادة تأهيل الذين يعتنقون وجهات نظر متطرفة. وأضافوا قولهم إن تسعة سجناء سودانيين آخرين انضموا إلى البرنامج عند عودتهم إلى الوطن من غوانتانامو. وأضافوا قولهم إنه بعد أن يكمل البرنامج سيعود القوصي إلى الحياة مع أسرته لكنه سيكون تحت الرقابة لضمان أن لا يتصل مع متشددين.