الفلسطينيون يصطدمون بالجنود الإسرائيليين كمحتلين ليلا وضيوف نهارا

التواجد المشترك على مداخل المدن يعكس أن التنسيق الأمني في أحسن حالاته

TT

صار مشهد الضباط الإسرائيليين وهم يتجولون في مدن الضفة الغربية يرافقهم ضباط فلسطينيون مشهدا متكررا، لكنه لم يصبح عاديا بالنسبة للمواطن الفلسطيني الذي ما زال ينظر إلى الجنود الإسرائيليين كجنود احتلال يعتقلون ويقتلون ويسيطرون على الأرض وخيراتها.

ولم تغير حالة التنسيق الأمني العالي بين الجانبين من هذه الحقيقة شيئا، لكنها تثير الحيرة لدى المواطنين العاديين الذين غالبا ما يصطدمون بالجنود الإسرائيليين كقوة محتلة في الليل ويرونهم ضيوفا في النهار.

وقال فادي الذي اعتقل لـ3 سنوات «فوجئت بما أرى، هؤلاء (الجنود الإسرائيليين) كانوا سجاني وسجاني آلاف آخرين واليوم نستقبلهم كضيوف». ولا يرى فادي ضيرا من التعاون إذا كان يخدم مصلحة الفلسطينيين، لكنه وآخرين كثيرين غيره يعتقدون بأنه يخدم بالدرجة الأولى مصلحة الإسرائيليين.

ويبدو هذا هو أيضا موقف الشاب طارق الذي وصف اللقاءات داخل المدن بأنها «أحد أشكال الاستفزاز لمشاعر فلسطينيين سبب لهم الإسرائيليون المعاناة». وتابع «أعتقد أنه لا داعي لها هنا».

أما كريم فانتقد ما وصفه بالمغالاة في حراسة الوفود الإسرائيلية، وقال «ماذا لو ذهب وفد منا إلى إسرائيل هل ينتشرون بهذا الحجم؟».

ووصل التنسيق الفلسطيني الإسرائيلي ذروته بهذه اللقاءات في مدن الضفة، التي تعكس من وجهة نظر السلطة، اعترافا بالسيادة وبالقدرة على حفظ الأمن. ويوم الجمعة، أي أول من أمس، عمل الفلسطينيون والإسرائيليون معا على حواجز رئيسية في المدن الفلسطينية وحتى عند حاجز قلنديا شمال القدس من أجل تسهيل مرور الفلسطينيين إلى المدينة المقدسة لأداء صلاة الجمعة.

وقال أبو هيثم إنه عبر إلى القدس بمساعدة رجال السلطة الذين سهلوا المهمة ونظموا حركة الناس، ومن وجهة نظره فإن ذلك تنسيق مطلوب وجيد.

ويقول مسؤولو السلطة «إن التنسيق الأمني ضرورة من ضرورات العمل وفق ما نصت عليه اتفاقات أوسلو». وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: «لم نأت على ظهور الدبابات الإسرائيلية.. هناك تنسيق يطال مناحي مختلفة تتعلق بالأمن ومصالح الناس ولا يمكن أن تحدث من دون تنسيق». وأضاف «إذا أردنا اعتقال مشبوهين في مناطق سي (المناطق الخاضعة أمنيا وإداريا للجيش الإسرائيلي)، نحتاج لتنسيق إذا أردنا تصاريح للناس.. ونحتاج لتنسيق إذا أردنا ماء وكهرباء ووقودا.. ستتوقف الحياة من دون تنسيق».

وبالنسبة للقاءات التي تحدث في مدن الضفة، فوصفها المصدر بالطبيعية، وقال «هذه تؤكد السيادة وقوتنا على فرض الأمن، لا يجب أن تكون جميعا في إسرائيل». وقالت صحيفة «هآرتس» إن أحد هذه اللقاءات أجري أول يوم في رمضان في مقر المقاطعة في رام الله، وشارك فيه قائد ما يسمى «منطقة المركز» آفي مزراحي، وقائد كتيبة «أيوش» نيتسان ألون، وضابط ما يسمى بـ«الإدارة المدنية» يوآف مردخاي.

واعتبرت «هآرتس» أن لقاءات التنسيق في قلب رام الله وبالذات في شهر رمضان تشير إلى التغيير الكبير الذي حصل في العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في السنوات الثلاث الأخيرة. ووصفت العلاقات بأنها «دافئة وفيها تعاون غير عادي، الأمر الذي أدى إلى إحباط عدد كبير من العمليات».

وقال الكاتب الصحافي آفي يسخاروف، من «هآرتس» إنه أوقف مركبته في أحد الشوارع القريبة من دوار المنارة في مركز رام الله، وأجرى حوارات مع عدد من السكان في المدينة بشأن النظام العام والأوضاع الاقتصادية، وخلص إلى أن كلمة «احتلال» كانت غائبة عن أحاديث الناس في السوق.

ويقول يسخاروف إنه في الماضي ما كان لكاتب إسرائيلي أن يخرج من رام الله من دون التحدث عن الاحتلال والحرب مع اليهود، إلا أن الناس تتحدث اليوم عن المصالح حسب ما قال.