«حزب الله» يطالب بإلغاء المحكمة الدولية ومفاعيلها وقوى «14 آذار» تؤكد التمسّك بها «مرجعية حصرية»

قماطي لـ«الشرق الأوسط»: لن نتعاون معها ولا نعترف بقراراتها

الرئيس اللبناني ميشال سليمان مترئسا أمس أول جلسة لمجلس الوزراء تعقد هذا العام في القصر الرئاسي الصيفي في بيت الدين (دالاتي ونهرا)
TT

طالب حزب الله، عبر عضو مكتبه السياسي محمود قماطي، بـ«إلغاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان واستبدالها، وإلغاء مفاعيلها والمعاهدة القائمة بشأنها»، مؤكدا أن «لا اعتراف بها من قبلنا، وهذا الأمر بحكم المنتهي لدينا، لأنها غير نزيهة ومسيّسة منذ البداية، وشكلت تلبية لمصالح، وليس لكشف الحقيقة بل لطمسها»، في حين جددت قوى 14 آذار ونوابها «التمسّك بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان كمرجعية حصرية للنظر وإصدار الحكم في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر الجرائم ذات الصلة».

وأوضح قماطي في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» أنه «منذ اللحظة الأولى لم يكن ثمة إجماع على المحكمة الدولية، إنما كانت عامل انقسام ولم نعطها ثقتنا في يوم من الأيام لا على طاولة الحوار ولا في البيان الوزاري، لأنها مخالفة للدستور والقانون ونعرف كيف هرّبت، وهي بالتالي لن تقود إلى الحقيقة أبدا». واعتبر قماطي أن «المسألة التي كانت موضع إجماع لبناني هي كشف الحقيقة كقضية وطنية شاملة»، وأكد أن «حزب الله لن يتعامل مع القرارات التي ستصدر عن المحكمة الدولية، لأن هكذا قرارات ستصدر عن محكمة مسيسة، هدفها الضغط على المقاومة وعلى جهات ودول إقليمية، ولم يتبين من عملها وتعاطيها إلا التسييس».

وردا على سؤال عمّا إذا كان «حزب الله» سيستمر في التعاون مع لجنة التحقيق الدولية ويمكّنها من مقابلة عدد من عناصره بعد شهر رمضان كما سبق وأعلن الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، قال قماطي «لقد تعاونا مع لجنة التحقيق وأرسلنا عددا من الإخوة المنظمين وغير المنظمين، واستمع إليهم كشهود، ولكن بعد كشف حقيقة المحكمة وتسييسها لم يعد من مبرر للتعاون معها على الإطلاق».

وعمّا إذا كان يتوقّع أن يأخذ المدعي العام الدولي دانيال بلمار بالقرائن التي سلّمها الحزب له، رأى أنه «من السابق لأوانه الحكم على هذه المسألة، ولكن نحن نشك في أن تتصدى المحكمة بشكل جدي للعدو الإسرائيلي كمتهم جدي وأساسي، ومن هنا ليس لدينا أي ثقة أو اطمئنان لما ستقوم به، إنما نحن متفقون مع شركائنا في الوطن على التهدئة، واستجبنا لطلب رئيس الحكومة سعد الحريري بتسليم القرائن إلى القضاء اللبناني الذي تصرف وفق ما يراه مناسبا، ومع ذلك فإن ما حصل لا يعني أننا نعطي أدنى ثقة للمحكمة الدولية».

إلى ذلك، دعا عضو تكتل «لبنان أولا» النائب عقاب صقر إلى «وجوب سحب التداول في المحكمة الدولية لصالح البلد لأن كل ما نضيفه هو التباس، وحسنا فعل حزب الله بإعطاء الوقائع التي قالها السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحافي إلى القضاء». ورأى أن «السجالات السياسية حول المحكمة تخدم وتعزز شروط الفتنة»، وحول ادعاء البعض تسييس المحكمة الدولية، سأل «كيف تم التدخل السياسي برأيهم؟ فليثبتوا لنا ذلك، لماذا تبدلت آراء فريق 8 آذار من اتهام أبو عدس باغتيال الرئيس رفيق الحريري إلى اتهام إسرائيل»، مستغربا طرح البعض القائل «إمّا المحكمة وإما الفتنة»، متسائلا «لماذا تتم عرقلة عمل المحكمة إذا كان حزب الله واثقا من تورط إسرائيل في الجريمة؟»، وقال «لبنان ليس أوكرانيا ولكنه أيضا ليس غزة، لأنه لا يتحمل أن يكون غزة ولا يحتمل هذا الانقلاب»، لافتا إلى أن «الجانب السعودي أدرك ما يحضّر للبنان فأتى ونبّه، والقمة اللبنانية - السعودية - السورية أتت لدرء الفتنة».

بدوره شدد عضو تكتل «لبنان أولا» النائب غازي يوسف، على «عدم الدخول في سجالات حول المحكمة الدولية، لأنها لن تؤدي إلى نتيجة بل إلى خلق فعل ورد فعل وهذا كله دون صدور أي قرار ظني»، وقال «هذا الموضوع ليس من المحرمات، ولكننا لا نعرف شيئا عن القرار الظني، فلماذا خلق مشكلة من شيء لا نعرفه؟»، معتبرا أن «الهجوم على المحكمة الدولية مركز باتجاه ضرب صدقيتها». ورأى أن «الهدوء مسحوب على جميع الأطراف ولكن لم ينسحب إلى ما هو قريب من بعض الأطراف، فالتهديد بالقتل وبتغيير الحكومة لا يفيد للهدوء المطلوب، وكل ما يحكى عن القرار الظني فرضيات لأن لا أحد يعلم ما يحتويه. ولا يمكن الأخذ بكلام السيد (حسن نصر الله) بجدية مع احترامي له بخصوص أن الذي قاله هو الأكيد منه».

وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت، أن «لا أحد يعرف مضمون القرار الظني للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، واعتبر أن «كل ما ورد في وسائل الإعلام لا أساس له من الصحة»، موضحا أن «القرار الظني هو اتهامي وحق من يُتهم وواجبه الذهاب إلى المحكمة ليثبت براءته»، ولفت إلى أنه «ليس من صلاحية المحكمة اتهام دولة أو جماعة وبالتالي بالتأكيد لن يكون هناك اتهام لحزب الله»، وقال «المحكمة وصلت إلى مجلس الأمن بعد تعطيل المجلس النيابي في لبنان»، معربا عن اعتقاده بأن «هذا أكبر خطأ استراتيجي ارتكبه الفريق الآخر».

وجدّدت الأمانة العامة لقوى 14 آذار تأكيدها على «التمسّك بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان كمرجعية حصرية للنظر وإصدار الحكم في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر الجرائم ذات الصلة»، ولفتت إلى أن «هذه المحكمة وانطلاقا من التفويض الذي حازت عليه من قبل الحكومة اللبنانية فضلا عن مجلس الأمن الدولي، إنما تُمارس عملها بحرفية عالية وحصانة تامة عن أي مناورات يمكن أن تحرِفَها عن مقاصدها لجلاء الحقيقة وإقامة العدالة في قضية يتوقّف عليها مستقبل لبنان». وأكدّت أن «قوى 14 آذار تُريد الحقيقة والعدالة والاستقرار معا وجميعا، حمايةً لجميع اللبنانيين وحمايةً لسلمهم الأهلي الذي تُشكّل العدالة مرتكزه الأساس»، منبّهةً إلى أن «ما يجب أن يخشاه اللبنانيون هو طمس الحقيقة وليس جلاؤها خصوصًا أن وضعهم أمام معادلة (العدالة أو الاستقرار) هو أقصر الطرق إلى خراب لبنان».