قوى المعارضة والحركة الشعبية ترفض لقاء البشير حول الاستفتاء.. للمرة الثانية

مبادرة ليبية لتوحيد الفصائل الدارفورية.. ومقتل 24 مدنيا في صراعات قبلية مسلحة

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان سكوت غرايشن في طريقه لمقابلة المسؤولين السودانيين في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

رفض زعماء القوى السياسية السودانية المعارضة وبعض القوى المشاركة في الحكومة لقاء الرئيس عمر البشير اليوم، ورفضوا تلبية دعوته للقاء تشاوري حول مسألة إجراء استفتاء جنوب السودان.

وطرحت الجماهيرية الليبية مبادرة لحل توحيد الفصائل المسلحة في دارفور ودعم التفاوض عبر الوساطة القطرية، في وقت لقي فيه 24 مدنيا مصرعهم في صراعات قبلية في الإقليم المضطرب بين قبيلتين ذواتي أصول عربية.

وكشف نائب رئيس حركة التحرير والعدالة محجوب حسين لـ«الشرق الأوسط» أن «طرابلس عرضت مبادرة على الفصائل الدارفورية للحوار». وكشف حسين عناصر المبادرة التي تقوم على «تأكيد الحكومة الليبية على دعم منبر الدوحة التفاوضي وخريطة طريق تسعى لتكوين تحالف متكامل في إطار جبهة أو كتلة جديدة تمكن كل الحركات والمجتمع الدارفوري من المشاركة وتطوير منبر الدوحة التفاوضي، وإصلاح جميع أوجه القصور التي لازمته، وإزالة كل أسباب التحفظات التي دفعت ببعض الحركات إلى عدم المشاركة وتوحيد المقاومة الدارفورية على أسس معيارية تضمن مشاركة الجميع». وأشار حسين إلى أن حركته تدرس المبادرة الليبية لتقوم بالرد عليها مع الترحيب من حيث المبدأ.

من جهة أخرى، أكدت مصادر رسمية بولاية جنوب دارفور أن صراعات مسلحة عنيفة اندلعت في محلية كاس بين قبيلتي الرزيقات والمسرية ذواتي الأصول العربية، مما أدى إلى مقتل 34 مدنيا في الصراع المسلح. وتعاني دارفور من الصراع القبلي منذ حقب طويلة في وقت تنشط فيه الفصائل المسلحة المقاومة للحكومة. وأكد معتمد محلية كاس إسماعيل يحيى وصول 6 جرحى إلى مستشفى المحلية، وقال إن عدد القتلى لم يتم حصره بعد، وأكد هدوء الأحوال بمناطق الأحداث بفضل وصول لجنة المساعي الحميدة لموقع الأحداث وقيامها بتهدئة الخواطر بين الطرفين. وأضاف أن هناك تعزيزات أمنية من المحلية وحكومة الولاية سيتم الدفع بها لمواقع الصراع لبسط السيطرة ومنع تجدد الاشتباكات.

من جهتها، أعلنت أحزاب الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي والأمة الإصلاح والتجديد رفضها القاطع للمشاركة في الاجتماع التشاوري مع رئيس الجمهورية عمر البشير، لمناقشة قضايا البلاد خاصة الاستفتاء اليوم، بينما اشترط الحزب الشيوعي مشاركة المؤتمر الوطني في اجتماع اللجنة التحضيرية للملتقى السوداني الشامل الذي تعد له قوى الإجماع الوطني الموقعة على إعلان جوبا، ورهن حزب الأمة القومي مشاركته بنتيجة اجتماعه مع قوى الإجماع الوطني والاجتماع الخاص بالحزب، في وقت نبه فيه الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) بعدم تلقيه دعوة رسمية من المؤتمر الوطني للاجتماع. وقال الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر إنهم لن يشاركوا في الاجتماع الذي وصفه بمؤتمر «علاقات عامة»، مؤكدا ثبات موقفهم وعدم عدولهم عن ذلك القرار باعتبار أنهم لم يشاركوا في التحضير له. فيما شدد رئيس حزب الأمة الإصلاح والتجديد مبارك الفاضل على عدم مشاركتهم، مشيرا إلى أن القضية المطروحة (الاستفتاء) تمثل آخر الصفحة. ورأى أن هناك قضايا ينبغي بحثها أولا مثّل لها بالحريات والتحول الديمقراطي، وردد «لن نناقش قضية الاستفتاء في ظل بقاء الأمور على ما هي عليه». وأكد نأي حزبه عن المشاركة في مؤتمر قال إنه سيكون للعلاقات العامة، وزاد «لن نكون شهود طلاق لما سيحدث في الاستفتاء».

وفي السياق ذاته، استبعدت مصادر مطلعة بحزب الأمة لـ«الشرق الأوسط» مشاركة الحزب. وأشارت المصادر إلى اجتماع عقد أمس حتى وقت متأخر للخروج بموقف نهائي، لكن الاتجاه الغالب حسب المصدر المطلع يشير إلى رفض الأمة للمشاركة في اجتماع الرئيس البشير، فيما اشترط عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي صديق يوسف مشاركة الحزب في لقاء البشير بمشاركة المؤتمر الوطني في الاجتماع التحضيري للقاء السوداني الجامع الذي انعقد أمس، وأكد التزامه بقرار قوى الإجماع، ولفت في الوقت ذاته إلى إمكانية اختلاف الوضع في حالة مشاركة المؤتمر الوطني في اجتماع أمس.

كما أوضح القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) علي السيد أن دعوة شخصية قد وصلت لرئيس الحزب محمد عثمان الميرغني، مشيرا إلى أن رئيس الحزب سيقرر المشاركة من عدمها. وأضاف أن الدعوة لم تصلهم في الحزب، وأردف «إذا قررت قوى الإجماع الوطني المشاركة سنلتزم بقرارها».

من جهته، قال نائب الأمين العام للحركة ياسر عرمان، لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع المكتب السياسي لحركته رأى أن الدعوة التي وجهها المؤتمر الوطني للقوى السياسية لحضور اجتماع مشترك أمس لمناقشة قضية الاستفتاء لم تستجب لمطالب القوى السياسية في التحضير المشترك للاجتماع وإضافة قضايا التحول الديمقراطي ودارفور للأجندة. وأضاف أن الاجتماع سيعقد بالطريقة السابقة ذاتها التي عقد بها في يوليو (تموز) الماضي، مؤكدا أن الحركة الشعبية حريصة على المشاركة في هذا الاجتماع وفق ما تم الاتفاق عليه مع حزب المؤتمر الوطني حول قضايا التحضير والموضوعات وإجراءات المشاركة. وقال إن حركته رأت في اجتماع لها مع رئيسها النائب الأول للرئيس السوداني سلفا كير ميارديت أن يعقد اجتماع اليوم بالطريقة السابقة ذاتها، وهو أقرب لاجتماع قيادة المؤتمر الوطني منه لاجتماع مشترك بين القوى السياسية. وأضاف «لذلك تأسف الحركة لعدم تمكنها من المشاركة في اجتماع اليوم وتتمنى المشاركة في اجتماع قادم يتم التحضير له بصورة جيدة والاتفاق بين أطرافه».

وكان البشير قد دعا لاجتماع قبل أسابيع، لكن الحركة الشعبية طالبت بالتأجيل لضمان مشاركة القوى السياسية في عملية التحضير بدلا من انفراد «المؤتمر الوطني» بالعملية، مما يجعلها حوارا مع الذات وليس مع الآخرين. ومع تأجيل اللقاء إلى اليوم فإن المراقبين يتوقعون عقد اجتماع للبشير مع قوى سياسية تصفها المعارضة بالموالية للحزب الحاكم.

إلى ذلك، تدرس الحكومة السودانية مقترحات أميركية للمساهمة في حل أزمة دارفور، تشمل القضايا الإنسانية والأمنية والسياسية، دون الكشف عن تفاصيل. وقد طالبت واشنطن طرفي اتفاقية السلام، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، بطي الخلافات بينهما وحل القضايا العالقة بشأن ما بعد الاستفتاء على تقرير المصير، وتنفيذ ما تبقى من اتفاق السلام في ترسيم الحدود ومفوضية إجراء الاستفتاء للجنوب وأبيي، وضرورة إشراك الأطراف الأخرى في الحوار الجاري بشأن القضايا الأمنية وتخفيف حدة الصراعات.