جيش المهدي يستعد للمواجهة المقبلة مع القوات الأميركية بمقابر

حجز بقعة في مقبرة النجف لقتلاه في حال مدد الجيش الأميركي بقاءه

عراقي يبكي عند قبر قريب له في مقبرة وادي السلام بالنجف (أ.ب)
TT

يطلق أتباع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر على بقعة من الأرض تقع على أطراف النجف «مقبرة الحرية». وهذه البقعة جرداء قاحلة، مساحتها فدانان، وتقع داخل مقبرة «الشهداء الصدريين». ولم تحفر في هذه البقعة أي قبور بعد، لكنها محجوزة لهدف معين: لاحتمال أن يستمر وجود القوات الأميركية لما بعد ديسمبر (كانون الأول) 2011، الموعد النهائي، الذي حددته الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة والعراق لانسحاب هذه القوات.

وتعهد أفراد جيش المهدي، الميليشيات الشيعية التي تصف نفسها بقوات مقاومة ضد الاحتلال الأميركي، بالانتفاضة والقتال ضد الوجود الأميركي حتى الموت، إذا ما مددت القوات الأميركية بقاءها في العراق، وسيدفنون في هذه البقعة المحجوزة.

ويقول أبو محمد، الذي يشرف على المقبرة الصدرية، التي دفن بها 4250 مقاتلا ومناصرا لمقتدى الصدر: «إذا غادر الأميركيون، وهو ما لا نعتقد أنه سيحدث، سنجعلها مقبرة لآبائنا. أما إذا بقوا فسوف نقاتل ونضحي بدمائنا». وأضاف، مشيرا للبقعة المحجوزة، «هذه ستكون حالنا».

وما هذه المقبرة سوى تذكير بأنه على الرغم من اقتراب موعد انتهاء المهمات القتالية الأميركية في العراق، فإنه لا تزال المجموعات المسلحة ترى في القوات الأميركية قوات مقاتلة. ولا تزال الميليشيات الشيعية، ومن بينها جيش المهدي، محافظة على تسليحها، وتواصل هجماتها ضد القوات الأميركية، فيما لا تزال علميات الاغتيال والهجمات الصاروخية التي تستهدف المنطقة الخضراء والمنشآت الأميركية في تصاعد.

ويشير مسؤولو الجيش الأميركي إلى أن الميليشيات الشيعية ستظل تمثل تهديدا للقوات الأمنية العراقية والقوات الأمنية الأميركية، وأنهم يعملون مع الحكومة العراقية على القبض على أعضاء هذه الميليشيات. ويقول الميجور جنرال ستيفن لانزا، المتحدث باسم القوات الأميركية في العراق: «هذه الميليشيات تعمل خارج الآلية الأمنية، وأعلنوا أنهم سيواصلون الهجمات ضد القوات الأميركية». وأشار إلى أن القوات الأميركية ماضية في تنفيذ خطتها لإنهاء مهمتها بنهاية العام الماضي، واصفا مقبرة النجف بـ«المبالغة والدعاية».

وتشكل جيش المهدي في عام 2003، كجناح عسكري للتيار الصدري، ولكن في عام 2008 جمد مقتدى الصدر أنشطته ووزع غالبية أنصاره على منظمتين مدنيتين غير مسلحتين تحت اسم «الممهدون» و«المناصرون»، وعمدت المنظمتان لتقديم الخدمات للفقراء الشيعة، الذين يشكلون قاعدة الحركة، إضافة إلى حماية المساجد.

وعلى الرغم من أن لهذه الميليشيا سلاحا فإن جناحا صغيرا مسلحا وسريا للغاية يدعى «لواء اليوم الموعود» هدفه مقاومة القوات الأميركية، هو الوحيد المسموح له بالقتال. وعادة ما توزع شرائط فيديو الهجمات التي يشنها أفراد هذا «اللواء» عقب صلاة الجمعة في المساجد التي يسيطر عليها أنصار الصدر.

ويقول الشيخ كاظم الساعدي، القيادي في التيار الصدري في بغداد: «الحرب مختلفة الآن، إنها حرب سياسية وفكرية ولدينا جناح عسكري». ومؤخرا جلس الشيخ السعدي في أحد المساجد الشيعية في شرق بغداد، فوق سجادة منسوجة، تصور مقاتلي جيش المهدي يحملون بنادق كلاشنيكوف أسفل صورة الصدر.

وتخلى جيش المهدي عن جزء كبير من أسلحته، وزاد نفوذ التيار الصدري سياسيا في انتخابات السابع من مارس (آذار) عندما فاز بأربعين مقعدا في البرلمان، وهو ما يعد أقوى ظهور لتكتل شيعي. ويقول الساعدي: «لا نستطيع التكهن بما يحمله المستقبل، لكن إن طرأ شيء ما، فإن السيد مقتدى يرغب في ضمان أن يكون كل رجال الصدر جاهزين بدنيا وعقليا».

أبو مقتدى، أحد مقاتلي جيش المهدي الذين وضعوا السلاح، انضم إلى «الممهدون» ويقطن بغداد. وكان أبو مقتدى بين المقابر ينعي رفاقه الذين سقطوا. وكانت كل المقابر تحمل عبارة «الشهيد السعيد». وقال إنه فقد أكثر من عشرة من أصدقائه منذ معركة النجف عام 2004. وفي يوم ما قد يدفن في مقبرة الحرية. وقال أبو مقتدى: «نحن على استعداد في أي لحظة لكننا في انتظار كلمة واحدة من السيد».

* خدمة: «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»