الجزائر: اطلاق «بنك الفتوى» للتصدي لـ«غزو الفضائيات الدينية»

TT

أفاد مسؤول بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، أن جزائريين يقيمون بروسيا والولايات المتحدة ودول عربية «استحسنوا» مبادرة أطلقتها الوزارة وسمتها «بنك الفتوى»، الغرض منها «التصدي للفتاوى التي تقدمها فضائيات دينية لجزائريين، تسببت في تخريب بيوتهم».

وقال عدة فلاحي، المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية الجزائري، بوعبد الله غلام الله، إن الوزارة «بصدد سد فراغ كبير في مجال خدمة تقديم الفتوى». وأوضح في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن لجوء المواطنين الجزائريين إلى قنوات تلفزيونية مختصة في الشأن الديني، لطلب الفتوى «ترك أثرا سلبيا على تعاملهم مع شؤونهم الدينية، وغير مجرى حياتهم نحو الأسوأ، خاصة في علاقاتهم مع أفراد عائلاتهم».

وأضاف فلاحي أن «الكثير من الفتاوى التي تلقاها جزائريون من الفضائيات الدينية تسببت في تخريب بيوتهم». مشيرا إلى أن حادثة محددة دفعت بالوزارة لاتخاذ إجراءات عاجلة ضد «غزو الفضائيات الدينية»، المتمثل في إفتاء أحد شيوخ الفضائيات بجواز طلاق امرأة جزائرية من زوجها، بعد أن طلبت حكما ببقائها في بيت زوجها المدخن، إذ قال لها: «يحق لك أن تطلبي منه الطلاق».

ولم يذكر فلاحي الشيخ المفتي، ولا الفضائية التي بثت الفتوى، وقال: «لقد استاء الوزير كثيرا عندما سمع الفتوى، وقدر بأن ما يتلقاه الجزائريون الذين يطلبون الفتوى من خارج الجزائر، يضرهم أكثر مما ينفعهم، وأعطى تعليمات بتفعيل المجالس العلمية بمديريات الشؤون الدينية بالولايات (48 ولاية)، لتقديم خدمة الفتوى لكل من يطلبها».

وذكر فلاحي أن الوزارة قررت تدعيم «المجالس العلمية» بشيوخ في الفتوى، لكنه قال إن عددا كبيرا من الجزائريين لا يعلمون بوجود هذه الآلية الدينية، لذلك فهم يتوجهون «إما إلى الفضائيات الأجنبية فيحصلون على فتاوى وآراء دينية لا تأخذ في الحسبان خصوصيات المجتمع الجزائري، أو يأخذونها محليا من غير أهل الفتوى، وفي كلتا الحالتين يتعرضون لمشكلات جديدة، بدلا من معالجة المشكلة الأصلية التي يطلبون فيها فتوى».

ووفرت الوزارة في مسعى للحد من فوضى الإفتاء، آليتين جديدتين: الأولى، تكمن في توظيف مرشدات دينيات، تجدهن النساء في المساجد لتوجيههن في قضايا دينية. والثانية، تكمن في استحداث باب بالموقع الإلكتروني الجديد للوزارة، سماه الوزير غلام الله «بنك الفتوى»، الذي يشمل 25 بابا، تقدم فيها أجوبة عن كل ما يتصل بشؤون الدين. وقال فلاحي عن هذا المشروع: «بنك المعلومات عبارة عن قناة اتصال بين الوزارة والمواطن، الذي يطلب الفتوى، إذ نجيبه إلكترونيا عن أي قضية يستفسر عنها، والجواب يقدمه مشايخ من أهل الثقة، يعرفون جيدا خصوصيات المجتمع الجزائري».

واستحسن جزائريون يقيمون في بلدان كثيرة بأوروبا وأميركا الشمالية، مبادرة «بنك الفتوى»، حسب المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية، الذي أضاف: «لقد جاء هذا المشروع في مرحلة تتعرض فيها الجزائر لغزو ديني، ولكنه يأتي، أيضا، لسد عجز في مجال الفتوى عندنا. وبإطلاق بنك الفتوى قطعنا الطريق أمام من يزعم أن انعدام البديل في الجزائر يدفعه لاستيراد الفتوى من الخارج». وحول ما إذا كانت الإجراءات الجديدة مطروحة كبديل لـ«دار الإفتاء»، قال فلاحي: «مشروع دار الإفتاء أكبر وأهم من التدابير التي اتخذناها وهو لا يزال قائما».

وثار جدل كبير في السابق حول صلاحيات هذه المؤسسة الدينية المرتقبة، بين وزير الشؤون الدينية و«المجلس الإسلامي الأعلى»، وكان ذلك أحد أسباب تعثر تأسيسها.