مهاجرون مغاربة في إسبانيا يفضلون قضاء «إجازة طويلة» في المغرب بسبب الأزمة الاقتصادية

150 ألفا اختاروا البقاء في بلادهم حتى تنقشع غيومها

TT

قدرت مصادر إسبانية عدد المهاجرين المغاربة في إسبانيا الذين اختاروا العودة إلى بلدهم المغرب بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية بنحو 150 ألفا. غير أن كمال الرحموني، رئيس جمعية المهاجرين المغاربة بإسبانيا، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه لا تتوافر أي إحصائيات رسمية أو مؤكدة في هذا الشأن. وأضاف الرحموني قائلا «وسائل الإعلام تتحدث عن عدة أرقام، فالبعض يقدر عدد العائدين بنحو 130 ألفا، والبعض الآخر يتحدث عن 150 ألفا. بالطبع هناك مؤشرات عن هذه الظاهرة، التي لاحظناها منذ يونيو (حزيران) من العام الماضي، خاصة فيما يتعلق باستئجار المساكن من طرف المهاجرين وتسجيل الأطفال في المدارس، حيث تراجعت كثيرا نسبتهم. لكن المؤكد أن الأمر لا يتعلق بنزوح جماعي أو التخلي عن بطاقة العمل والإقامة والحقوق المكتسبة في إسبانيا».

وأضاف الرحموني أن الأمر أشبه بـ«إجازة طويلة» في انتظار تحسن الظروف الاقتصادية في إسبانيا وليس عودة نهائية للمغرب. وقال الرحموني «الدليل على أن الأمر لا يتعلق بعودة نهائية للبلاد هو عدم تجاوب المهاجرين المغاربة مع العرض الحكومي الإسباني للعودة الطوعية في فبراير (شباط) من العام الماضي، والذي يحفز المهاجرين على العودة من خلال تعهد الحكومة بأداء تعويضات البطالة على دفعتين، 40 في المائة في إسبانيا و60 في المائة بالمغرب، شريطة تنازل المهاجرين عن بطاقة الإقامة في إسبانيا لمدة ثلاث سنوات». وأشار الرحموني إلى أن عدد المهاجرين الذين استفادوا من هذا البرنامج لم يتجاوز أربعة آلاف مهاجر من مختلف الجنسيات من بين 4.5 مليون مهاجر من جنسيات مختلفة.

وقال الرحموني إن المهاجرين المغاربة الذين عادوا إلى أرض الوطن بسبب الأزمة فضلوا التمسك بحقهم والاحتفاظ بوضعهم القانوني في إسبانيا، وعدم التخلي على أوراقهم ووثائقهم، خاصة بطاقات الإقامة، لذلك فإن عودتهم للبلاد ليست نهائية، وإنما مؤقتة.

ويقدر عدد المغاربة المقيمين في إسبانيا بصورة قانونية بنحو 750 ألف شخص. غير أنهم يعتبرون الأكثر تضررا من تداعيات الأزمة الاقتصادية. فنسبة البطالة وسط المهاجرين المغاربة تصل إلى 40 في المائة مقابل 20 في المائة بصورة عامة في إسبانيا. ويرى الرحموني أن قطاعي البناء والخدمات كانا من بين القطاعات الأكثر تضررا بالأزمة، كما أن نزوح اليد العاملة الإسبانية من القطاعات المتضررة إلى القطاع الزراعي الذي كان يعتبر أكبر مشغل للمغاربة أثر كثيرا على وضعية المهاجرين المغاربة.

ويفضل عدد من المهاجرين المغاربة المتضررين من الأزمة العودة للمغرب بسبب القرب وكذلك القدرة الشرائية. إذ بمنحة البطالة التي تبلغ نحو 800 يورو في الشهر، مع بعض امتيازات التضامن العائلي، يمكن للمهاجرين أن يتدبروا أمورهم في المغرب في انتظار انقشاع الأزمة في إسبانيا. غير أن عددا منهم يفضلون التوجه نحو البلدان الأوروبية الأخرى الأقل تضررا من الأزمة بحثا عن عمل ولو كان موسميا.

ويرى الرحموني أيضا أن المهاجرين المغاربة الذين تمت تسوية أوضاعهم بعد عام 2005 يعانون من أوضاع أصعب من الجيل السابق. وقال «المهاجرون الموجودون في إسبانيا قبل 2005 يتوفرون على بطاقات إقامة طويلة الأمد، وبعضهم حصلوا على الجنسية الإسبانية. أما الذين جاءوا بعد إصلاحات 2005 فإن بطاقات الإقامة التي منحت لهم قصيرة الأجل، وترتبط بمدة عقود العمل. لذلك فالضرر الناتج عن الأزمة سيكون مزدوجا بالنسبة لهؤلاء، إذ إن فقدان العمل سيحرمهم من الحق في تجديد بطاقة الإقامة عند انتهاء صلاحيتها. لذلك أتوقع أن يصبح عدد من هؤلاء في وضع غير قانوني بسبب انتهاء صلاحية بطاقات الإقامة».