مطالبات داخلية بإقالة جنرالات متورطين في فضيحة «وثيقة غلانت»

الجيش الإسرائيلي لم يعد «البقرة المقدسة» التي يحرم المساس بها

TT

مع الكشف الجديد عن أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، أخفى طيلة أربعة أشهر ما يعرف بـ«وثيقة غلانت»، التي ألهبت حرب الجنرالات، لم يعد الجيش الإسرائيلي تلك «البقرة المقدسة» المحرم المساس بها. وبدأت الصحافة الإسرائيلية أمس وضعها على المقصلة، حيث ارتفعت لأول مرة في تاريخ إسرائيل مطالب بإقالة جنرالات رئاسة الأركان المتورطين في الفضيحة.

والخلفية لهذه القضية تعود إلى التنافس القائم بين ثلاثة جنرالات أساسيين، على منصب رئيس أركان الجيش، الذي سيشغر في شهر فبراير (شباط) المقبل، مع انتهاء دورة أشكنازي في هذا المنصب. ويتركز التنافس بين قائد اللواء الجنوبي يوآف غالانت من جهة ونائب رئيس الأركان، بيني غينتس، وحليفه قائد اللواء الشمالي، جادي آيزنقوط، من جهة ثانية.

يذكر أن وزير الدفاع إيهود باراك يؤيد غالانت في هذا التنافس، فيما يؤيد أشكنازي اختيار غينتس، على أن يكون آيزنقوط نائبا له ومرشحا لخلافته في المستقبل. وأحد أسباب تأييد باراك للجنرال غالانت هو أنه موال للقيادة السياسية، وينسجم في مواقفه مع مواقف هذه القيادة ويؤيد باراك في نهجه إعداد الخطة لهجوم عسكري على إيران، وهو الأمر الذي يتحفظ منه أشكنازي، ويرى أنه يجب أن يكون مهمة دول الغرب كلها وليس إسرائيل.

وكشف النقاب قبل أسبوعين، خلال نشرة أخبار للقناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي المستقل، عن وثيقة صادرة عن مكتب دعاية في تل أبيب تتضمن خطة تفصيلية لتعزيز فرص غالانت في هذا التنافس والطعن بمنافسه الجنرال غنيتس وبمن يدعمه، أي الجنرال أشكنازي. وأثارت هذه الوثيقة زلزالا في الجيش الإسرائيلي، حيث إن تحويل اختيار منصب رئيس الأركان إلى مشروع دعائي هو ظاهرة غير مألوفة في أي جيش في العالم، وتدل على تدهور في القيم العسكرية والمهنية. ولذلك قرر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تكليف المستشار القضائي للحكومة بالتحقيق في مصدر هذه الوثيقة. وكان أول ما فعلته الشرطة هو التوجه إلى المحكمة لإلزام القناة الثانية بالكشف عن مصدرها. وتتدحرج هذه القضية في المحاكم كل هذه المدة، لكون القناة التلفزيونية ترفض المساس بمصادرها، وتصر على حقها الديمقراطي المكفول بالقانون في الحفاظ على سرية المصدر.

والتطور الجديد في القضية هو الكشف في الشرطة عن أن الوثيقة المذكورة موجودة في حوزة أشكنازي منذ أربعة أشهر، ولكنه أطلع عليها فقط بعض المقربين مثل غنيتس وآيزنقوط، وأخفاها عن الآخرين، خاصة وزيره باراك وجنراله غالانت. وتعتقد الشرطة أن الوثيقة مزيفة، وليست صادرة عن غالانت، وهدفها الطعن في فرصة اختياره رئيسا للأركان. ولكن أشكنازي يقول إنه مقتنع بأنها وثيقة حقيقية وإنها صادرة عن غالانت أو باراك أو كليهما، وأن الأمر الأهم في الموضوع هو أن تفاصيل الخطة الواردة فيها تطبق بشكل عملي منذ عدة أشهر. وإثر هذا الكشف، شنت وسائل الإعلام، أمس، هجوما كاسحا على الجيش، الذي تدور فيه معارك سخيفة وحرب شخصية في وقت يتحدث فيه عن دوره في حماية إسرائيل من أخطار كبيرة. وخصوا في الهجوم هذه المرة ليس فقط الجنرالات الذين تورطوا في الحرب الشخصية الداخلية، بل أشكنازي نفسه، الذي نجح في رسم صورة مثالية له، وبدأت هذه الصورة تتزعزع اليوم. وتساءلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» فهو أخفى الوثيقة عن جنرال يعمل تحت كنفه وعن الوزير الذي يقوده. فكيف يقود الجيش في التحديات الحربية، وهو لا يثق برئيسه باراك ولا بمرؤوسه غالانت. وهاجموا أيضا نتنياهو، الذي يبدو عاجزا عن التدخل في هذه الفضيحة وإعطاء موقف حازم يوقف التدهور الحاصل في سمعة الجيش بسببها. وخرجت الصحف الثلاث المركزية «هآرتس، ويديعوت أحرونوت ومعاريف»، برأي موحد يقول: «لا يوجد لدينا رئيس حكومة». وطالب عدد من الضباط والسياسيين بإقالة الجنرالات المتورطين، وتطبيق ذلك في أسرع وقت، حتى يستعيد الجيش هيبته أمام الجمهور. ودعا النائب تساحي هنغبي، رئيس اللجنة الخارجية والأمن في الكنيست، إلى جلسة طارئة للجنة للبحث في هذا التدهور. وخروجا على العادة، دعي رئيس الكنيست، النائب روبي رفلين، لحضور الجلسة باعتبار الأمر خطيرا للغاية. وطلب منه النصيحة لمساعدة الجيش على الخروج من أزمته.