مسلسل ساخر يبثه التلفزيون الفلسطيني يغضب فتح وحماس

تجسيده لشخصيات مثل هنية والهباش وضعه في عين العاصفة.. وأثار جدلا واسعا

TT

فجر المسلسل التلفزيوني الكوميدي الساخر «وطن ع وتر»، الذي ينتجه ويبثه تلفزيون فلسطين للسنة الثانية في رمضان، جدلا كبيرا في الشارع الفلسطيني وأشغل الفصائل السياسية والمسؤولين، وهناك كتاب ونقاد هاجموه بشدة. ويتحلى البرنامج، بجرأة كبيرة، ويعالج قضايا حساسة، ويمس مسؤولين بارزين بشكل شخصي.

وبينما يعتبر القائمون على البرنامج أنه يرفع سقف الحريات في الأراضي الفلسطينية، قالت الفصائل، وعلى رأسها حركتا فتح وحماس، ومعهم كتاب يساريون، إنهم يرون في البرنامج مساسا بسمعة الشعب الفلسطيني.

وهاجمت حماس البرنامج بعنف، واتهمت وزارة الإعلام في الحكومة المقالة تلفزيون فلسطين ببث دعاية سوداء مساندة للدعاية الإسرائيلية. وقالت إن البرنامج «يضر بكل الأخلاق الإسلامية والقيم الوطنية الفلسطينية، حتى وصل لحد القذف والبهتان». واعتبرت البرنامج نوعا من أنواع الدعاية السوداء المغرضة، التي لا تهدف إلا لضرب الوحدة الوطنية، وتكريس حالة الانقسام في الشارع الفلسطيني. ودعت لمحاسبة القائمين عليه بسبب «الاستهزاء بقادة المقاومة الذين قدموا أبناءهم شهداء». وكانت الحكومة المقالة تشير إلى حلقة، قلد فيها الممثلون رئيسها إسماعيل هنية، والقيادي في حماس محمود الزهار، وهما ينتظران بشغف كبير وصول الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي لغزة، واستقبلاها بالتهليل عند معبر إيرز رافعين شعارات مثل «الحصار من حديد وهيفا بتدوبه». وظهر هنية في الحلقة مهتما بالفنانة اللبنانية بشكل مبالغ فيه، حتى إنه يحزن لرحيلها ويلغي اجتماعا مع رئيس وفد المصالحة منيب المصري.

واتهمت حكومة حماس البرنامج بأنه «مدعوم وممول من جهات غربية، ويقف على رأسه ياسر عبد ربه، المشرف على تلفزيون فلسطين، المشهود بحقده على القيم والمقاومة والشرف».

وجاء موقف وزير الثقافة السابق في حكومة حماس، عطا الله أبو السبح، أكثر قسوة عندما هاجم المسلسل قائلا في مقال نشر بجريدة فلسطين في غزة: إنه لم يشاهد «أتفه ولا أسخف ولا أحقر من (هذا) العمل». وذهب أبو السبح لحد وصف البرنامج بـ«سلسلة من الهبل السخيف الذي لا علاقة له بوطن. يقدمه حفنة من السخفاء».

والبرنامج لم يتعرض لقادة حماس فحسب، بل لمسؤولين ووزراء وحتى الرئيس محمود عباس (أبو مازن) نفسه. ومن الشخصيات التي تعرض لها، رفيق الحسيني، الذي استقال من منصب رئيس الديوان بفضيحة جنسية، ورئيس هيئة مكافحة الفساد، رفيق النتشة، ومفوض عام ائتلاف أمان للنزاهة والشفافية عزمي الشعيبي، ووزير الأوقاف محمود الهباش.

وهذا لم يعجب أيضا قياديون في فتح، وعقب عضو لجنتها المركزية، اللواء توفيق الطيراوي، خلال حفل إفطار جماعي أقامته مفوضية المنظمات الشعبية في الحركة، للصحافيين والكتاب في رام الله، مخاطبا مدير عام البرامج في هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني، عماد الأصفر، «نحن مع النقد وحرية التعبير لكني أعارض التعرض للأشخاص والشخصيات بالأسماء، كما أعارض المساس بالمقدسات أو التعرض للدين، لأن هذه الأمور محرمات يرفضها شعبنا». وأضاف «كان يمكن توجيه الانتقادات من دون ذكر الأسماء، فأنا مع انتقاد الفصائل والحركات، بما فيها حماس لكن أعارض ذكر إسماعيل هنية على سبيل المثال».

ولم يقف النقد عند مسؤولين في الفصائل، بل تعداه إلى الكتاب، وامتلأت على سبيل المثال مواقع إلكترونية وعلى الـ«فيس بوك» بمقال للإعلامي اليساري عطا مناع، الذي كتب تحت عنوان «بقر في وطن على وتر». ووصف البرنامج بأنه «مقرف» ويساعد على «تأزيم الواقع بثقافة المسخ». وعقب خالد المصو، الممثل الرئيسي في البرنامج، بجانب زميليه عماد فراجين ومنال عوض، بقوله لـ«الشرق الأوسط» «نحن نمثل شعبنا في هذا البرنامج.. لا فتح ولا حماس ولا جبهة شعبية. ولا أعمل في مؤسسة عبد ربه ولا في حاشية إسماعيل هنية».واستغرب المصو هذا الهجوم وقال «إذا كانوا لا يريدون منا أن ننتقد في السياسية والدين والجنس، إذن إحنا بنضحك على حالنا». وتابع «لا أحد فوق النقد، وهنية ليس نبيا.. أنا أحترمه، لكنه لا يملك أن ينفيني، وأنا لا أريد أن أنفيه».

ورد المصو على الانتقادات التي قالت إن المسلسل لا يعكس الواقع، قائلا «بل بالعكس نحن نعكس هم الناس وأفراحهم وأحزانهم ومشكلاتهم.. لكن الكتاب الذين لا يفهمون في النقد فلا يفهمون أن الكوميديا تعتمد على عنصر المبالغة أيضا». وعبر عن سعادته بكل هذا النقد للبرنامج، قائلا «هذا يدل على أننا نسير على الطريق الصحيح»، معبرا عن حزنه بسبب «المزايدة الرخيصة».