مطالبة حزب الله بإلغاء المحكمة الدولية تواجه بحملة انتقادات مركزة من «14 آذار»

الحريري يجدد التزامه بها ويترك لـ«أصحاب الخيال أن يتخيلوا ما يريدون»

TT

لم يغير أي من فريقي «14» و«8» آذار موقفه من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وقد أثار تصريح عضو المكتب السياسي في حزب الله محمود قماطي لـ«الشرق الأوسط» أمس الذي طالب فيه بإلغاء المحكمة الدولية، وأعلن رفض الحزب التعامل معها، انتقادات واسعة ومستنكرة من نواب الأكثرية الذين رأوا في ذلك خروجا عن الحوار الوطني والبيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية اللذين التزما قضية المحكمة ومعرفة الحقيقة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. لكن اللافت كان خروج رئيس الحكومة سعد الحريري عن صمته جزئيا في قضية المحكمة الدولية، فرأى خلال إفطار أقامه غروب أول من أمس في قريطم، أن «هناك بعض الأمور التي تتحرك في الاتجاه الصحيح ومنها المعلومات التي أودعت النيابة العامة التمييزية (معطيات حزب الله)»، مشددا على «الالتزام بمسار التحقيق الدولي وبالمحكمة الدولية من أجل لبنان بصفتها الهيئة الصالحة لتحقيق العدالة». وإذ نفى المعلومات غير الصحيحة التي تنسب إليه في بعض الوسائل الإعلامية، دعا إلى «عدم الأخذ بأي حرف منها»، وقال «اتركوا لأصحاب الخيال أن يتخيلوا ما يريدون».

وفي المواقف، اعتبر رئيس كتلة المستقبل النيابية، رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، أن «اللبنانيين أجمعوا على أن تكون المحكمة الدولية أداة ووسيلة لكشف حقيقة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الشهداء الأبرار وإحقاق العدالة، ولهذا لا يمكننا أن نبدل من قناعاتنا مع طلوع كل شمس، ولهذه الأسباب فإننا لم نوافق أو ننزلق إلى ممارسات ترمي الاتهامات جزافا بحق الآخرين وتطلق أحكاما مسبقة»، ورأى أنه «من الواجب أن تترك للمحكمة مهامها من دون تدخل أو ضغط، أو محاولة للتأثير، مع الترحيب بكل الجهود الهادفة إلى كشف الحقيقة، حقيقة الجريمة ومن وقف خلفها، ولهذا فإننا رحبنا ونرحب بكل الجهود التي بذلت لتقديم معلومات ومعطيات وقرائن وتحليلات في هذا الاتجاه على أن تتولى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان باعتبارها صاحبة الاختصاص، التدقيق والتمحيص والتأكد، وتأخذ وقتها الكامل قبل إصدار الأحكام والاتهامات». وأكد السنيورة «أهمية عدم إلغاء أي فرضية خلال البحث والتحقيق عن الجهة التي يمكن أن تكون نفذت أو خططت لجريمة الاغتيال فكل الفرضيات والاحتمالات يجب أن تخضع للبحث والتحقيق والتدقيق وما خفي اليوم قد تظهر معالمه غدا».

أما عضو كتلة المستقبل النائب سمير الجسر، فاستغرب مطالبة حزب الله بإلغاء المحكمة الدولية، مذكرا بأن الحزب «سبق له ورفع شعار المطالبة بالحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، وقال لـ«الشرق الأوسط» أمس: «هم أحرار (حزب الله) في أن يطلبوا ما يشاؤون، غير أن المحكمة الدولية باتت واقعا قائما، وهي أنشئت بقرار دولي ولا تلغى إلا بقرار دولي»، مؤكدا أن «لا أحد يستطيع أن يؤثر على مسار هذه المحكمة التي لم يعد ثمة خوف عليها».

بدوره أعرب وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، عن اعتقاده «أن مجرد طلب القاضي دانيال بلمار معطيات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمر إيجابي للأخذ بكل الفرضيات حول جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري». وقال «على المستوى الإجرائي يمكن لمدعي عام التمييز سعيد ميرزا أن ينقل هذا الموضوع إلى بلمار، وبالتالي لا ضرورة إجرائية ونظرية لتبني الحكومة اللبنانية لهذا الأمر». وشدد على «تأمين أفضل الحصانات لعمل المحكمة»، ولفت إلى أن «لا تعارض بين الاستقرار والعدالة، لأن العدالة المستندة فعلا إلى ما يكفي من معطيات، تؤدي إلى استقرار وليس إلى عدم استقرار».

وإذ لفت وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة، إلى أن «كل طرف حر في نظرته إلى المحكمة الدولية»، شدد على أن «الحقيقة لا تتناقض مع الاستقرار بل تواكبه، ونحن منذ البدء شعارنا هو الحقيقة»، وقال «لا أتصور أن هناك لبنانيا واحدا لديه مصلحة أو يتمنى اتهام أي طرف لبناني باغتيال الرئيس رفيق الحريري».

ورد عضو كتلة المستقبل، النائب عمار حوري على تصريح القيادي في حزب الله محمود قماطي الذي طالب فيه بإلغاء المحكمة الدولية، فقال «أفترض أن تكون زلة لسان لا تعبر عن تقييم موضوعي للأمور، فلا أحد يستطيع إلغاء المحكمة الدولية، هي أمر واقع. وأن يتحدث عن إلغائها فيعني أنه يتحدث عن إلغاء حماية الحياة السياسية في لبنان مستقبلا، وعن إلغاء جهد واضح في سبيل الوصول إلى الحقيقة والعدالة». إن «من يتراجع عن التعامل مع المحكمة الدولية، يتراجع عن البيان الوزاري الذي أقرته الحكومة الحالية، وأجمعت بموجبه الحكومة على دعم مسيرة المحكمة»، وقال «الكلام على إسقاط المحكمة ورفض التعامل معها كلام ممكن في السياسة، وقد يكون كلاما دفاعيا بشكل أو بآخر، ولكن الوقت أصبح متأخرا جدا لعدم الاعتراف بالمحكمة فيما قطعت شوطا كبيرا».

وعلق عضو كتلة القوات اللبنانية النائب أنطوان زهرا على مطالبة عضو المجلس السياسي في حزب الله، محمود قماطي، بإلغاء المحكمة الدولية، فشدد على أنه «لا يمكن التجاوب مع هذا المطلب»، معتبرا أن «الحزب يتعاطى بطريقة غير مباشرة مع المحكمة الدولية لأنه يعلم أن القضاء اللبناني تنازل عن صلاحياته في النظر في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لهذه المحكمة».

وأسف عضو تكتل لبنان أولا النائب رياض رحال لإدلاء البعض «بتصريحات تطالب بإلغاء المحكمة»، رأى أن ذلك «يدعو إلى عدم الاستقرار»، مؤكدا أن «لا أحد يستطيع التكلم عن إلغاء المحكمة الدولية حتى الذين هم معنيون أكثر بهذه الأمور». وشدد على أن «الكلام الصادر على لسان عضو المكتب السياسي لحزب الله محمود قماطي ليس بالطبع لمصلحة الحزب، لأنه يزيد من الشكوك عند اللبنانيين والعالم كله».