طبيب: الرأي الطبي القائل ببقاء المقرحي 3 أشهر على قيد الحياة كان سليما

مجلس الشيوخ الأميركي يشن حملة شرسة على «بي بي» على خلفية قضية لوكيربي

TT

أكد طبيب شارك في فحص عبد الباسط المقرحي، المدان الوحيد في حادث تفجير طائرة بان أميركان فوق قرية لوكيربي الأسكوتلندية عام 1988، الذي راح ضحيته 270 شخصا، معظمهم من الأميركيين، أمس، أن الرأي الطبي الذي أعطى المقرحي مدة ثلاثة أشهر فقط للبقاء على قيد الحياة، جراء إصابته بسرطان البروستاتا، وأدى إلى الإفراج عنه قبل عام، كان «الانعكاس الصادق» لحالته آنذاك، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان خبير أمراض القولون، غراهام هوارد، من الخبراء الأربعة الذين جرت استشارتهم قبل اتخاذ قرار الإفراج عن المقرحي من سجنه في أسكوتلندا لأسباب صحية. وأوضح الدكتور هوارد أن الرأي النهائي كان لمدير جهاز الصحة التابع لإدارة السجون الاسكتلندية، أندرو فريزر، لكنه أقر بأنه «شارك في المناقشات التي انتهت بإمكانية الإفراج عن المقرحي لأسباب صحية».

وأضاف في بيان أن «الجزء الطبي من هذا الطلب هو الانعكاس الصادق لآراء الخبراء، آنذاك».

وزاد قائلا إن «التشخيص النهائي الذي وضعه الدكتور فريزر أخذ في الاعتبار تدهور حالته الصحية».

وتتكتم ليبيا على الوضع الصحي للمقرحي، الذي كان آخر ظهور علني له في سبتمبر (أيلول) الماضي. ونشر التقرير الطبي الوحيد عنه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وقال الأطباء في هذا التقرير إن المرض الذي يعاني منه استفحل، وإنه يتلقى علاجا كيميائيا بشكل مستمر.

ومنذ ذلك التاريخ لم ينشر أي خبر رسمي عن وضعه الصحي! فقد فضلت وسائل الإعلام المحلية التزام الصمت حول هذا الموضوع.

ويقول أقارب له إنه «يعيش منعزلا مع عائلته في بيته في حي دمشق الراقي في مدينة طرابلس والمحروس بشكل مستمر».

وأكد أحد أقارب المقرحي أنه »لا يزور إخوته أو أصدقاءه ولا يخرج إلا إلى المستشفى أو لزيارة أمه أحيانا!» مؤكدا أن «حالته الصحية مستقرة، وأنه مستمر في تلقي العلاج».

وأثار إطلاق سراح المقرحي الذي قررته أسكوتلندا جدلا حادا في الولايات المتحدة، التي ينتمي إليها معظم ضحايا طائرة لوكيربي. ويتهم نواب أميركيون الحكومة الأسكوتلندية بالخضوع لضغوط مجموعة بريتش بتروليوم (بي بي) النفطية العملاقة، التي كانت ترغب في تحسين علاقاتها مع طرابلس لتوقيع عقود نفطية مغرية.

ومن المقرر أن تعقد لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي قريبا جلسات استجواب بشأن دور «بي بي» في المسألة. وقد رفض المسؤولون الأسكوتلنديون المثول أمام هذه اللجنة.

وأظهرت نتائج استطلاع شمل 1212 بريطانيا، وتم نشره أمس أن 72في المائة من هؤلاء يقرون قرار أسكوتلندا بعدم إرسال أحد للشهادة أمام اللجنة.

ومن جهته، دافع وزير العدل الاسكوتلندي، كيني ماكاسكيل أمس عن قراره المثير للجدل بإطلاق سراح المقرحي، لأسباب صحية قبل عام، قائلا إن توقع المدة التي يمكن أن يعيشها مريض السرطان «ليس علما دقيقا»، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

وأضاف ماكاسكيل، في مقابلة مع إذاعة هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أمس، أن الحكومة الاسكوتلندية «ليس لديها ما تخشاه» من تحقيق جديد يجريه أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بشأن إطلاق سراح المقرحي، مبديا استعداده للقاء أعضاء مجلس الشيوخ في حال قدموا إلى اسكوتلندا.

ولدى سؤاله حول ما إذا كان سيتم الإفراج عن المقرحي في حال كان هناك علم بأنه سيظل على قيد الحياة بعد عام، قال ماكاسكيل: «بلى، فلم يكن ليستوفي المعايير، وبالتالي لم يكن هذا القرار سيتخذ».

ورغم ذلك، أوضح أن قرار الإفراج عن المقرحي «لم يستند إلى اعتبارات سياسية أو اقتصادية أو دبلوماسية، سواء من ليبيا أو من الولايات المتحدة، وسواء من داخل اسكوتلندا أو من خارجها».

وأضاف «أنه القرار الصحيح للأسباب الصحيحة. وهو أمر لا يدعو إلى الأسف، وإنما هو أمر يتعلق بالمسؤولية».

وتواجه «بريتش بتروليوم» حملة شرسة في الولايات المتحدة، إضافة إلى تحميلها مسؤولية البقعة النفطية، التي لوثت خليج المكسيك لثلاثة أشهر.

ووجه بعض أعضاء مجلس الشيوخ، بعد أن استبد بهم الغضب من «المناورات التسويفية» لـ«بريتش بتروليوم»، والحكومتين البريطانية والأسكوتلندية، دعوة إلى إفشاء أسرار المجموعة للحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات.

ويريد أعضاء مجلس الشيوخ، الذين وعدوا من يقدم معلومات، بعدم الكشف عن هويته إذا ما رغب في ذلك، الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات قبل جلسة الاستجواب العامة.

ونفت «بريتش بتروليوم» وليبيا والحكومتان المعنيتان هذا الاتهام. إلا أن «بريتش بتروليوم» أقرت بأنها مارست ضغوطا على لندن للتعجيل بعقد اتفاق لتسليم السجناء مع ليبيا مقابل الحصول على عقود في هذا البلد.

وكانت جلسة أولى مقررة في يوليو (تموز) الماضي قد ألغيت بسبب رفض الكثير من الشهود، ضمنهم المدير العام الحالي للشركة، توني هيوارد، الذي سيترك منصبه قريبا، المثول أمام اللجنة.

وأعلن رئيس الوزراء الأسكوتلندي، ألكس سالموند، استعداده للقاء نواب أميركيين في بريطانيا، لكنه رفض رفضا باتا مثول وزير العدل في حكومته أمام لجنة لمجلس الشيوخ.

وبينما شددت إدارة أوباما الضغوط إزاء ذلك، أعلن رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، خلال زيارته لواشنطن، إجراء دراسة جديدة لملف المقرحي، لكنه استبعد إعادة فتح التحقيق، كما وافق كاميرون في آخر لحظة على بحث المسألة مع نواب أميركيين. ولم يستبعد السيناتور الديمقراطي تشارلز شومر بعد ذلك إجراء تحقيق جديد.