اتفاق ليبي ـ تونسي ينهي التوتر في المنطقة الحدودية بينهما

إعادة فتح معبر «رأس جدير» وسط ارتياح السكان بعد أسبوع من التوتر الأمني

TT

توصلت ليبيا وتونس أمس إلى اتفاق أنهى التوتر الأمني الذي برز في الآونة الأخيرة بشأن المعبر الحدودي بينهما، المسمى رأس جدير، الواقع في بلدة بن قردان. وبعد فتح المعبر أمس، خرج أهالي مدينة بن قردان (650 كلم جنوب شرقي العاصمة التونسية) إلى الشوارع يهتفون بشعارات منادية بحياة تونس وليبيا وبن قران في آن واحد، حسبما ذكر شهود عيان.

وأكد مسؤول في الحكومة الليبية لـ«الشرق الأوسط» انفراج الأزمة الأخيرة، وقال إن الاجتماعات التي عقدها مسؤولون ليبيون وتونسيون على مدى اليومين الماضيين في العاصمة الليبية طرابلس، انتهت إلى اتفاق بشأن إعادة ترتيب الأمور بين البلدين بشأن إجراءات العبور الحدودية.

وفي أول اعتراف رسمي بوجود أزمة في العلاقات الليبية - التونسية، على أثر المصادمات والاضطرابات التي اندلعت مؤخرا بين قوات الأمن التونسية في بلدة بن قردان، ومحتجين غاضبين يطالبون بإعادة فتح معبر رأس الجدير الحدودي، عقد مسؤولون في الحكومتين الليبية والتونسية أول اجتماع من نوعه لإيجاد تسوية لهذه الأزمة التي خلفت كثيرا من الجرحى والمعتقلين.

وأكد المسؤول الليبي الذي طلب عدم تعريفه لـ«الشرق الأوسط» أن تسوية الأزمة الحدودية الأخيرة ينسجم مع ما وصفه بالعلاقات الشخصية الطيبة بين الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، والرئيس التونسي زين العابدين بن على، مشيرا إلى أن القذافي أعطى تعليمات واضحة للوفد الليبي بتقديم كل ما يلزم لتسوية هذه الأزمة، انطلاقا مما سماه بالعلاقات المتميزة بين البلدين.

واجتمع الدكتور البغدادي المحمودي رئيس الحكومة الليبية بطرابلس مع الوفد الوزاري التونسي الذي يضم وزراء الشؤون الخارجية والداخلية، والتجارة والصناعات التقليدية.

وتأكيدا على أهمية هذا الاجتماع حضره من الجانب الليبي وزراء الصناعة والاقتصاد والتجارة والخارجية، والأمن العام، ومدير عام مصلحة الجمارك، والمندوب العام لتونس لدى ليبيا.

وقال عمران بوكراع أمين شؤون التعاون بوزارة الخارجية الليبية إن الاجتماع تناول مزيدا من سبل تطوير التعاون الثنائي، وتذليل العقبات التي تعترض تنقل وتواصل المواطنين وانسياب السلع بين ليبيا وتونس، مشيرا إلى أنه استعرض أيضا التعاون القائم بين البلدين في مختلف المجالات، والسبل الكفيلة بتطويره بما يخدم المصالحة المشتركة للبلدين الشقيقين.

وكانت مواجهات قد اندلعت في غالبية أحياء وشوارع بن قردان، احتجاجا على مماطلة السلطات المحلية في إطلاق سراح معتقلين، حيث أحرق المتجمهرون حافلة للشرطة وقطعوا الطرق بالإطارات المطاطية المشتعلة، ورشقوا بالحجارة قوات الأمن التي تدخلت لتفريقهم، واعتقلت عددا منهم، وداهمت الأحياء في إطار حملات تمشيط.

وقال معز الجماعي، وهو ناشط سياسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطات التونسية قد أطلقت سراح 17 معتقلا، من بينهم نشطاء سياسيون ونقابيون. من جهتها، طالبت فروع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في بيان مشترك لها بإيقاف متابعة المحتجين، وإطلاق سراح كل المعتقلين على خلفية الاحتجاجات، كما دعوا إلى إرساء تنمية جهوية عادلة ومتوازنة، مذكرة بأحداث الحوض المنجمي التي اندلعت منذ أكثر من سنتين بجهة قفصة (600 كلم جنوب غربي العاصمة التونسية).

وتعتمد غالبية سكان بن قردان على التجارة مع ليبيا التي تعتبر من أبرز شركاء تونس، بتبادل تجاري يفوق ملياري دولار سنويا.

ويدخل تونس سنويا نحو مليوني ليبي دون أي قيود، كما يدخل مثل هذا العدد من التونسيين إلى ليبيا. وفرضت الجمارك الليبية منذ نحو عام تعريفة بنحو مائة دولار على أي سيارة تونسية تدخل الأراضي الليبية. وهو إجراء أضر بتجار منطقة بن قردان الذين يدخل بعضهم الأراضي الليبية بشكل شبه يومي لشراء البضائع، إذ تعتبر التجارة مع ليبيا مورد رزقهم الوحيد.