رئيس الاستخبارات الأفغانية الجديد يسعى إلى بناء الثقة مع المواطنين

مسؤول الحرس داخل القصر الرئاسي يتولى منصبه الجديد في توقيت حرج

جندي افغاني في برج للمراقبة بموقع متقدم لقوات الجيش الافغاني في مقاطعة زهري بمحافظة قندهار يترصد تحركات لما يشبه عناصر طالبان (أ.ب)
TT

قال رئيس الاستخبارات الأفغانية الجديد الأسبوع الحالي إنه من الواضح أن لحركة طالبان اليد العليا بين صفوف المتمردين. لكنه أشار إلى أنه لا يزال من الممكن هزيمة الحركة من خلال تعاون أفضل بين قوات التحالف والقوات الأفغانية، مع سعي حكومي جاد لبناء الثقة داخل المناطق الريفية.

وفي أول مقابلة أجريت معه منذ توليه مهام منصبه كمدير لإدارة الأمن القومي في منتصف يوليو (تموز)، قال رحمة الله نبيل (42 عاما)، وهو شخصية غير مشهورة نسبيا داخل كابل، إن أولويته تركز على إثبات أن الأفغانيين قادرون على تولي مهام الأمن، والتأكيد على أن الحكومة عاقدة العزم على هزيمة المتمردين.

وقال نبيل في مقابلة أجريت معه داخل مكتبه الفسيح بالقرب من القصر الرئاسي «عندما يفهمون أننا نتعامل بجدية مع الأمر وأننا سنهزمهم، سيكون لذلك أثره عليهم وعلى روحهم المعنوية وعلى جرأتهم ودوافعهم. وهذا أمر مهم للغاية».

وقد كان نبيل خيارا غير متوقع لقيادة جهاز الاستخبارات، ولم يكن من بين المرشحين البارزين لتولي هذا المنصب. ويتولى نبيل منصبه الجديد في توقيت حرج، حيث يتراجع الدعم الذي تحظى به حكومة الرئيس حميد كرزاي داخل وخارج أفغانستان، كما أن العلاقات بين كرزاي وواشنطن يشوبها بعض التوتر.

وزادت المخاوف بشأن قيادة كرزاي بعد أن ضغط من أجل استقالة اثنين من أكفأ الوزراء في حكومته، وهما وزير الداخلية حنيف أتمار، ورئيس الاستخبارات عمر الله صالح، في يونيو (حزيران)، بعد أن عطل هجوم صاروخي مجلس سلام حضره الرئيس داخل العاصمة.

وعلى الرغم من خبرته البسيطة في العمل الاستخباراتي، فقد عمل نبيل قريبا من كرزاي على مدار ستة أعوام كرئيس للحرس داخل القصر الرئاسي. كما يشرف على توفير الأمن عندما يسافر كرزاي، ويثق فيه الرئيس الأفغاني، بحسب ما يقوله مسؤولون حكوميون أفغان.

وقد عمل نبيل، وهو مهندس مدني، لدى وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لمدة تسعة أعوام، وكان جزء كبير من هذا الوقت عندما كانت حركة طالبان في سدة الحكم حتى عام 2004 عندما انضم إلى كرزاي ليتولى قيادة قوة من 100 ضابط حصلوا على تدريبات أميركية ليكونوا مسؤولين عن الحماية داخل القصر الرئاسي، وقام بتوسيع هذه القوة على مدار الأعوام الستة الماضية. واعترف نبيل بأنه حصل على هذا المنصب من دون أن تكون لديه خبرة سابقة، وقال إن مسؤولا أمنيا قال له إنه إذا تمكن من الحفاظ على حياة الرئيس لستة أشهر، فسيعتبر ذلك نجاحا.

ويقول أصدقاء وزملاء سابقون وأفراد في خدمة الحماية الرئاسية إنه مدير بارز وليست لديه ميول سياسية أو عرقية.

ويقول نيغل بونت، وهو زميل في هارفارد عمل مع نبيل في التسعينات في إدارة مخيم للاجئين لمواطنين نزحوا من القتال الطائفي في كابل «يعد أكثر أفغاني أعرفه كفاءة، فهو أمين بدرجة كبيرة، ولديه عاطفة تجاه خدمة المواطنين الأفغان ووضع أفغانستان على طريق أفضل».

ويقول منتقدون، ومن بينهم مسؤولون حكوميون، إنه تعوزه الخبرة، وضعيف، وغير قادر على الوقوف في وجه كرزاي والمصالح المرتبطة بالقصر. وكان من بين قراراته تعيين رجل يقال على نطاق واسع إنه فاسد، وهو قريب للنائب الأول للرئيس محمد قاسم فهيم، كنائب لرئيس الاستخبارات داخل كابل. وعندما سئل عن هذا التعيين، قال نبيل إنه لم يخبره أحد عن أي اتهامات بالفساد ذات صلة بهذا الرجل.

ويرث نبيل إحدى أفضل المؤسسات أداء داخل أفغانستان، ومعه تفويض واسع من أجل ضمان الأمن الداخلي ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، ويشمل ذلك تجميع معلومات استخباراتية داخل أفغانستان وفي الخارج، وإدارة عشرات الآلاف من العملاء.

لكن، تبقى هذه المنظومة تجمع هجينا غريبا، حيث تشمل مزيجا من الشيوعيين السابقين ممن حصلوا على تدريبات جهاز «كيه جي بي»، ومجاهدين حاربوا ضد الجيش السوفياتي. وتشهد هذه القوة حاليا انقساما بدرجة أكبر بسبب الرحيل المفاجئ لصالح ونحو 40 مسؤولا موالين له. وفي أسبوع من بدء عمله في المنصب الجديد، كان على نبيل توفير الأمن لوزراء أجانب من أكثر من 40 دولة في مؤتمر من يوم واحد داخل كابل.

ويقول «كان ذلك التحدي الأكبر الفوري لي، وكانت فرصة لأبرهن لشعب كابل والمجتمع الدولي أنني قادر على القيام بذلك. لكن المهم أنني كنت قادرا على أن أحوز ثقة فريق جيد موجود بالفعل في إدارة الأمن القومي، وإقناعهم بأنه يمكن العمل معا، حيث إننا نعمل من أجل أفغانستان وليس من أجل شخص بعينه».

وصحب رجاله في غارة امتدت طوال الليل لإجهاض ما قال إنه هجوم بقذائف الهاون كان سيستهدف المؤتمر. وكان مركز المدينة مغلقا في اليوم التالي، ومضى المؤتمر بسلام.

وعلى الرغم من أنه من الواضح أن كرزاي فقد ثقته في استراتيجية مكافحة التمرد التي تتزعمها الولايات المتحدة داخل أفغانستان، بحسب ما قاله مسؤولون حكوميون بارزون، فإن نبيل يأتي من بين وزراء ومسؤولين بارزين يدعمون هذه الاستراتيجية وتأكيدها على كسب المواطنين من خلال تعزيز الأمن وتحسين أداء الحكومة.

ويتحدث نبيل عن محافظة وارداك، جنوب غربي كابل، ويقول إن ما بين 80 إلى 90 في المائة من المتمردين مجرمون، ومعهم قيادي لص معرف. ويقول «أنا على تواصل مع الكبار ومجالس الشورى، وأعلم أن المجتمع المحلي يريد التخلص من ذلك».

وأشار إلى أن الملالي ومديري المدارس الكبرى قد سئموا المتمردين، لكن الحكومة ضعيفة، وتواجه الشرطة في بعض المناطق صعوبات بسبب قلة المؤن والوقود. ويقول «نحن في حاجة إلى تحسين الأوضاع في هذه المناطق».

وقال إن القرى والمدن الصغيرة تدعم خطة جديدة من أجل القيام بتنظيم الشؤون الأمنية اعتمادا على المجتمع المحلي، بالإضافة إلى خطة مصالحة لإقناع عناصر المستويات الدنيا في حركة طالبان بأن تترك الحركة وتنضم إلى الحكومة. ويشير إلى أنهم «متفائلون بشأن هذه البرامج وجاهزون للمساهمة فيها».

* خدمة «نيويورك تايمز»