باريس تواصل ترحيل الغجر وسط انتقادات متزايدة

النقاب ونزع الجنسية والتشدد في الهجرة على جدول البرلمان الفرنسي منذ عودته للالتئام

شرطيون فرنسيون يراقبون الوضع أثناء مغادرة عناصر من الغجر مطار ديغول قرب باريس أمس (أ.ب)
TT

فيما تستمر الانتقادات الحادة لسياسة فرنسا الرسمية في موضوع الهجرة والأمن، داخليا وخارجيا، عمدت باريس، أمس، إلى ترحيل 139 غجريا إضافيا، جوا، إلى رومانيا في إطار تطبيق التعليمات الجديدة للرئيس ساركوزي، الداعية إلى التشدد في التعاطي مع الغجر. وتريد باريس التي رحلت، أول من أمس، 39 غجريا، التخلص من 850 غجريا حتى نهاية الشهر الحالي، وتدمير نصف المخيمات التي يقيمون فيها بصفة غير شرعية حتى نهاية عام 2010، علما بأن 15 ألفا منهم يقيمون في فرنسا وهم ينتمون إما إلى أصول رومانية وإما بلغارية.

ولا تتوافر إحصائيات دقيقة عن هؤلاء الغجر في البلدين المذكورين. وفيما يخص رومانيا التي تؤوي أكثريتهم، فإن أعدادهم تقدر ما بين نصف مليون شخص ومليونين ونصف المليون.

وأثارت الانتقادات الحادة لباريس من قبل الاتحاد الأوروبي ال7روماني والأمم المتحدة، ومن قبل السلطات الرومانية، ردود فعل قاسية من قبل الوزراء الثلاثة، الذين يتولون ملء الفراغ الحكومي هذه الأيام، وهم وزراء: الداخلية بريس هورتفو، والصناعة كريستيان أستروزي، والهجرة والهوية الوطنية إريك بيسون. ورد الأخير الموجود في واشنطن على الانتقادات المتكاثرة بقوله: «إن فرنسا ليست بحاجة إلى دروس تتلقاها في ميدان احترام حقوق الإنسان». ويؤكد بيسون أن الترحيل تم على قاعدة «طوعية»، وأن الدولة توفر لكل غجري يقبل العودة النقل الجوي ومبلغ 300 يورو للبالغ و100 يورو للقاصر. وبحسب الوزير المذكور، فإن ما يجري في الأيام الأخيرة هو «تسريع» للسياسة التي تطبقها فرنسا وأن رحلة الأمس هي الثامنة والعشرون منذ بداية العام. لكن بيسون نفسه، اعترف بمحدودية نجاعة هذه السياسة لأنه «لا شيء يمنعهم من العودة بموجب القوانين الأوروبية» باعتبار أن رومانيا وبلغاريا تنتميان للاتحاد الأوروبي ولمواطنيهما حق التنقل داخل دوله.

وأمس، دخلت وزيرة العائلة، نادين مورانو، على خط الجدل والدفاع عن الإجراءات الحكومية، متهمة الغجر بتسخير أولادهم للتسول أو التهريب، مما حفز النائب الاشتراكي أرنو مونتبورغ بالرد عليها. وبحسب النائب المذكور، فإن حكومة الرئيس ساركوزي «تمارس سياسة عنصرية رسمية» وهي تحمل مجموعة معينة «الغجر» مسؤولية المشكلات والمآسي التي تعرفها فرنسا. وذكر مونتبورغ أن أوروبا عرفت هذا التنوع من السياسات في ثلاثينات القرن الماضي عندما اعتبر اليهود مصدر المشكلات.

وتأتي هذه التطورات في إطار تشدد الرئيس ساركوزي في موضوعي الهجرة والأمن وهو ما انعكس في خطاباته الأخيرة. وواضح أن الجدل السياسي ما بين الأكثرية والمعارضة سينصب في الأسابيع المقبلة على هذين الموضوعين. فالبرلمان مدعو منذ عودته إلى مناقشة مشروع قانون منع ارتداء النقاب على كل الأراضي الفرنسية الموجود على مكتب المجلس. كذلك يتعين على الحكومة أن تتقدم بمشروع قانون جديد يتيح إسقاط الجنسية الفرنسية عن كل المجنسين الذين يعتدون على حياة رجال الأمن أو ممثلي الدولة. ويثير هذا الموضوع تحفظات دستورية أساسية، لأن البند الأول من الدستور يساوي بين كل المواطنين الفرنسيين المجنسين منهم أو غير المجنسين، بينما المشروع الحكومي يميز بين الفرنسي «الأصلي» والمجنس.

وتريد الحكومة من كل ذلك، جعل موضوعي الأمن والهجرة في قلب النقاش السياسي لأنها بذلك تحقق هدفين متلازمين: الأول، إعادة اللحمة لليمين الفرنسي عبر التركيز على مواضيع تحظى عادة بدعمه، فضلا عن سحب البساط من تحت أقدام اليمين المتطرف، الممثل بالجبهة الوطنية التي يقودها جان ماري لوبن. والثاني، حشر الحزب الاشتراكي الذي يفتقد للأفكار والمشاريع في الميدانين المذكورين. وتعتمد الحكومة على استطلاعات الرأي التي تبين أن الجمهور الفرنسي «حساس» إزاء الأمن والهجرة وإثارتهما يفترض أن تعود بالفائدة السياسية على اليمين الحاكم، وهو المبتغى، بعد أن أضرت فضائح الأسابيع الأخيرة بالحكومة والرئاسة على السواء.