الرياض تتلقى اعتذارا من نيويورك.. وإشادة عالمية بمبادرة الملك عبد الله للحوار بين الأديان

أكبر منظمة متعددة للأديان في العالم تستهجن إعلان قس أميركي حرق القرآن في ذكرى هجمات سبتمبر

فيصل بن معمر الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني («الشرق الأوسط»)
TT

رفض الأمين العام لمنظمة الأديان من أجل السلام، ومقرها نيويورك، والتي تعد أكبر منظمة متعددة الأديان في العالم، الإعلان الذي أطلقه أحد القساوسة في ولاية فلوريدا الأميركية بشأن تنظيم حملة لحرق نسخ من القرآن علنا في جميع أنحاء العالم في ذكرى هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) الإرهابية، معتبرا أن هذا التصرف خطير ويتعمد الإساءة إلى مقدسات المسلمين.

وأكد الدكتور وليم. ف. فندلي، الأمين العام للمنظمة، في خطاب بعثه إلى مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، والذي يتخذ من العاصمة السعودية مقرا له وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن جميع المؤمنين من مختلف الأديان في أنحاء العالم يعتمدون على الدور القيادي الذي لا غنى عنه لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ودعمه لدفع الحوار والتعاون بين جميع المؤمنين، الذي تبناه الملك ووجد ترحيبا وتقديرا من الجميع.

وجاء في الخطاب بشأن التهديد بحرق القرآن أن التهديد الأخير الذي تبناه أحد القساوسة بولاية فلوريدا بحرق نسخ من القرآن الكريم في ذكرى الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر، والذي تناقلته وسائل الإعلام، تصرف خاطئ وخطير، ويتعمد الإساءة إلى مقدسات المسلمين.

وشدد البيان على أن رؤساء الطوائف المسيحية في جميع أنحاء العالم، وجميع المؤمنين الصادقين من جميع الأديان بهذا الإعلان، أبدو رفضهم هذا النوع من التلاعب المزدوج للأديان، وأبدو تضامنهم المعنوي لما فيه من إهانة وظلم للمسلمين، وفي الوقت نفسه فإن الغالبية العظمى من المسيحيين يشعرون بالحزن من جراء هذا التهديد الفاضح الذي يظهر وكأن المسيحية تدعو لعدم احترام الإسلام، وهذا غير صحيح.

وأعرب الخطاب الذي وقعه الدكتور وليم فندلي الأمين العام لمنظمة الأديان من أجل السلام عن أسفه من مثل هذه التصرفات والتهديدات، معتبرا أن كل جماعة دينية هي عرضة لمثل هذا النوع من الهجوم، الذي يسيء فيه المتطرف استخدام دينه لمهاجمة الآخرين ويشعر بالنجاح إذا تمكن من خلق التوتر والاستقطاب بين الأديان والحصول على رد فعل من المجتمع المهاجم، مذكرا بأن على جميع المؤمنين من مختلف الديانات دفاع بعضهم عن بعض خارج حدود مجتمعاتهم الدينية، كما أن من الأهمية بمكان وقوف زعماء ورجالات الدين والمجتمعات المحلية معا والتضامن كلما أسيء إلى جماعة دينية، وقد يكون ذلك هو الترياق الوحيد الفعال ضد التطرف، لافتا إلى أنه ليس المسلمين فقط، وإنما جميع المؤمنين من مختلف الأديان في جميع أنحاء العالم يعتمدون على الدور القيادي الذي لا غنى عنه لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهناك حاجة كبيرة لدعم جلالته لدفع الحوار والتعاون بين جميع المؤمنين رجالا ونساء من ذوي الإرادة الطيبة، والذين أعربوا عن ترحيبهم بمبدأ الحوار وأظهروا تقديرهم العميق له.

وذكر الخطاب أن منظمة الأديان من أجل السلام التي تعد أكبر منظمة متعددة الأديان في العالم قدمت الدعم المبدئي والتعاون لمختلف الأديان على مدى أربعين عاما، وقد ساعدت شخصيات سعودية بارزة في قيادتها. وخلال تلك السنوات تمكن قادة دينيون من أكبر الأديان في العالم من العمل جنبا إلى جنب من أجل السلام في أكثر من 100 دولة، وطوال تلك السنوات كان الزعماء الدينيون والمؤمنون الآخرون يعملون معا من أجل التوسط في الحروب الأهلية، واستخدام المساجد المحلية والكنائس والمعابد لمساعدة المرضى والفقراء بغض النظر عن دينهم، ووقفوا معا لرفض الإساءة إلى الأديان، ونما لديهم احترام الآخر والثقة والتضامن والصداقة. وهناك حاجة إلى مثل هذه الصفات، وخصوصا كلما حاول متطرف الإساءة عمدا إلى مجتمع بأكمله من خلال الانخراط في الأعمال غير المشروعة وغير المحترمة.

واعتبر الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني فيصل بن معمر أن هذا البيان الذي صدر من منظمة الأديان من أجل السلام دليل على التقدير العالمي لأهداف مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والتزام أتباع الأديان باحترام الثوابت والمقدسات الدينية، كما أن هذا البيان دليل على أن المجتمعات الإنسانية يجب أن تتضافر جهودها في الحد من الأفكار المتطرفة والتصرفات الشاذة التي تسيء إلى العلاقات الإنسانية في ما يخص احترام الأديان.

وشدد المعمر في اتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» معه أمس على أن القرآن الكريم محفوظ لدى رب العالمين وفي صدور المسلمين، وأن العقلاء في المجتمعات الإنسانية والحضارات المختلفة يستهجنون ويستنكرون التصرفات الشاذة والتصريحات المتشنجة، لافتا إلى أن مثل هذه التصرفات والتصريحات والتوجهات لا تعبر إلا عن آراء متطرفة مصيرها الفشل والزوال، ولا تجد قبولا عند المجتمعات العاقلة التي تحترم الآخر وتحترم قناعات وثوابت المجتمعات الإنسانية على اختلاف توجهاتها.

وأشاد الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، والذي يشغل منصب نائب وزير التربية والتعليم في السعودية، وهو مشرف عام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة في الرياض، بمواقف الدكتور وليم فندلي الأمين العام لمنظمة الأديان من أجل السلام، التي تعبر عن روح الوسطية والاعتدال، وهو ما يتسق مع مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين الأديان والثقافات وتهدف إليه المبادرة.

وكانت كنيسة «دوف» التبشيرية، وهي كنيسة محلية في فلوريدا الأميركية قد دعت في أواخر شهر يوليو (تموز) الماضي إلى حرق القرآن الكريم علنا في ذكرى هجمات 11 سبتمبر، وحينها خرج القس تيري جونز المشرف على الكنيسة بتصريحات عنصرية شن خلالها هجوما على الإسلام، واصفا إياه بأنه ليس دينا سماويا، بل هو من نتاج الشيطان، وأن المؤمنين به سيذهبون إلى النار، وذهب إلى أكثر من ذلك بالقول إن الإسلام سيتسبب في دفع مليارات البشر إلى جهنم، وإنه دين مخادع وعنيف. وتابع القس المتطرف معلنا إنه سيقوم في ذكرى هجمات سبتمبر بتنظيم حملة لحرق القرآن.